تطبيق إلكتروني لحماية المراهقين من إيذاء الذات
تطبيق إلكتروني لحماية المراهقين من إيذاء الذات
نماذج إرشادية للتعامل مع المشاعر السلبية
د. هاني رمزي عوض
تُعد ظاهرة إيذاء النفس عمداً Self-harming من دون وجود الرغبة الآنية في الانتحار لدى المراهقين، من أهم عوامل الخطورة للإقدام لاحقاً على الانتحار بشكل فعلي بعد ذلك.
ورغم الجهود المبذولة للحد من محاولات الانتحار بين الشباب لا تزال معدلاته مرتفعة. وحسب آخر إحصاءات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية CDC، يعد الانتحار ثاني أهم سبب للوفاة للمراهقين في الولايات المتحدة بعد حوادث الطرق، متقدماً على الإصابة بأنواع السرطانات المختلفة وحوادث إطلاق النار بشكل عشوائي.
الإيذاء الذاتي
أحدث دراسة قام بها باحثون من معهد كارولينسكا Karolinska Institutet بالسويد، ناقشت خطورة الإيذاء الذاتي وكيفية علاجه والتغلب على التفكير فيه. وأوضحت أن تعليم المراهقين التحكم في مشاعرهم وتنظيم عواطفهم عن طريق الإنترنت بشكل فردي يساعد في حمايتهم من الإقدام على مثل هذه التصرفات. ونُشرت هذه النتائج في منتصف شهر يوليو (تموز) من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية JAMA Network Open.
ويعتمد العلاج على تعليم المراهقين طرقاً للتفكير بشكل إيجابي.
وأوضح الباحثون أن الإيذاء الذاتي ربما يساعد على تفريغ شحنة الغضب والضيق بالفعل في اللحظة التي يشعر فيها المراهق بالإحباط الشديد، ولكن هذا السلوك له عواقب شديدة الخطورة لاحقاً تصل إلى الانتحار الفعلي كحل دائم للتخلص من الألم. وخلافاً لتصور الآباء فإن الإيذاء الذاتي ليس سلوكاً نادر الحدوث. وعلى وجه التقريب هناك نسبة من المراهقين تتراوح بين 3 و7 في المائة تنطبق عليهم بشكل أو بآخر شروط أذية الذات من دون غرض الانتحار NSSI مثل الذين يرغبون في عقاب أنفسهم نتيجة لإحساسهم بالفشل أو الإخفاق.
لذلك لا يجب أن يكون العلاج موجهاً لمنع الإيذاء الذاتي ولكن لمنع حصول الأسباب المؤدية إليه والتفكير في طريقة للتعامل مع الإخفاقات المختلفة والتحكم في الغضب والتخلص من الطاقة السلبية واستثمار المشاعر في أفكار إيجابية.
حلول إلكترونية
لذلك كان العلاج الفردي (لخصوصية كل حالة) عن طريق الإنترنت Internet-delivered Emotion Regulation Individual Therapy for Adolescents واختصاراً (IERITA) هو الحل الأمثل للتعامل مع أذية النفس.
والعلاج عبارة عن برنامج مكون من 11 نموذجاً إرشادياً لكيفية التعامل مع المشاعر السلبية يتم إرسالهم للطلاب على مدار ثلاثة شهور، وفي الوقت نفسه يشارك أولياء أمور المراهقين في دورة تعليمية منفصلة خاصة بهم عبر الإنترنت مكونة من 6 نماذج تدور حول طرق الدعم النفسي لأطفالهم أثناء العلاج. ويكون كل طرف (من الآباء والمراهقين) على اتصال مباشر عبر الإنترنت بمعالج نفسي لتقديم النصائح اللازمة في التعامل مع النماذج التي تم إرسالها عبر الإنترنت أو للأزمات النفسية الطارئة للأبناء.
قام الباحثون بإجراء الدراسة على 166 مراهقاً سويدياً تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً من الطلاب الذين أقدموا على أذية أنفسهم في أماكن متفرقة من الجسد عدة مرات (5 مرات على الأقل في العام الماضي) بغض النظر عن طرق الإيذاء سواء كانت بالأيدي المجردة أو استعمال آلات حادة. وكان بعض الطلاب قاموا بإيذاء أنفسهم مرة واحدة في الشهر السابق للدراسة. وقام الباحثون أيضاً بتوزيع استبانة على الآباء حول معرفتهم بذلك الأمر أو ملاحظة أي سلوك يمكن أن يشير إلى الإيذاء الذاتي.
تم اختيار المراهقين بشكل عشوائي لاختبار برنامج العلاج الفردي عبر الإنترنت IERITA بالإضافة إلى الرعاية النفسية المنتظمة التي يتم تقديمها للأطفال والمراهقين بشكل روتيني في السويد، وتم اختيار مجموعة ضابطة control group للنتائج كانت تتلقى الرعاية المنتظمة فقط دون البرنامج الجديد، وذلك في الفترة من عام 2017 وحتى عام 2020 في العيادات العامة في السويد.
أوضحت النتائج أن المجموعة التي تم علاجها من خلال البرنامج عبر الإنترنت IERITA لكل فرد جنباً إلى جنب مع الرعاية النفسية المنتظمة أظهرت انخفاضا بنسبة 82 في المائة في نوبات إيذاء النفس وغيرها من السلوكيات المدمرة، وأيضاً كان هناك تحسن واضح في القدرة على تنظيم العواطف والتحكم في ردود الأفعال، وذلك مقارنة بنسبة 47 في المائة فقط في المجموعة التي تم علاجها بالرعاية النفسية وحدها وظل تأثير البرنامج فعّال حينما تمت متابعة المجموعة لمدة 3 أشهر لاحقة.
نصحت الدراسة الآباء بضرورة مراقبة أبنائهم لمعرفة إذا كانوا يقومون بإيذاء الذات من عدمه. وقبل البحث عن علامات الجروح يجب أن يلاحظوا الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى أذية النفس مثل الشعور باليأس أو انعدام القيمة وحدوث اضطرابات في أنماط النوم وفقدان الشغف بالأشياء التي كان المراهق يستمتع بها وفقدان الطاقة لأن الأطفال الذين يعانون من الاكتئاب هم أكثر عرضة لأذية ذواتهم.
من أهم الملاحظات التي يجب أن تلفت نظر الآباء إصرار المراهق على ارتداء كم طويل حتى في الجو الحار وتعمده إخفاء أكبر مساحة من جلد الجسم باستمرار. وفي الأغلب تكون الجروح في الساعد والمعصم والساقين وكل المناطق التي يمكنه الوصول إليها باستخدام يده. وفي بعض الأحيان يمكن للمراهق أن يلجأ إلى ضرب الرأس في الحائط أو قبضة اليد أو استخدام نسيج شديد الخشونة لحك الجلد. وهذا السلوك يمكن أن يحدث مرة واحدة وفي كثير من الأحيان يتحول إلى نمط معتاد نتيجة لسوء الحالة النفسية مما يدخل المراهق في حلقة مفرغة من أذية الذات والاكتئاب يمكن أن تنتهي به إلى الانتحار.
الشرق الأوسط
نماذج إرشادية للتعامل مع المشاعر السلبية
د. هاني رمزي عوض
تُعد ظاهرة إيذاء النفس عمداً Self-harming من دون وجود الرغبة الآنية في الانتحار لدى المراهقين، من أهم عوامل الخطورة للإقدام لاحقاً على الانتحار بشكل فعلي بعد ذلك.
ورغم الجهود المبذولة للحد من محاولات الانتحار بين الشباب لا تزال معدلاته مرتفعة. وحسب آخر إحصاءات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية CDC، يعد الانتحار ثاني أهم سبب للوفاة للمراهقين في الولايات المتحدة بعد حوادث الطرق، متقدماً على الإصابة بأنواع السرطانات المختلفة وحوادث إطلاق النار بشكل عشوائي.
الإيذاء الذاتي
أحدث دراسة قام بها باحثون من معهد كارولينسكا Karolinska Institutet بالسويد، ناقشت خطورة الإيذاء الذاتي وكيفية علاجه والتغلب على التفكير فيه. وأوضحت أن تعليم المراهقين التحكم في مشاعرهم وتنظيم عواطفهم عن طريق الإنترنت بشكل فردي يساعد في حمايتهم من الإقدام على مثل هذه التصرفات. ونُشرت هذه النتائج في منتصف شهر يوليو (تموز) من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية JAMA Network Open.
ويعتمد العلاج على تعليم المراهقين طرقاً للتفكير بشكل إيجابي.
وأوضح الباحثون أن الإيذاء الذاتي ربما يساعد على تفريغ شحنة الغضب والضيق بالفعل في اللحظة التي يشعر فيها المراهق بالإحباط الشديد، ولكن هذا السلوك له عواقب شديدة الخطورة لاحقاً تصل إلى الانتحار الفعلي كحل دائم للتخلص من الألم. وخلافاً لتصور الآباء فإن الإيذاء الذاتي ليس سلوكاً نادر الحدوث. وعلى وجه التقريب هناك نسبة من المراهقين تتراوح بين 3 و7 في المائة تنطبق عليهم بشكل أو بآخر شروط أذية الذات من دون غرض الانتحار NSSI مثل الذين يرغبون في عقاب أنفسهم نتيجة لإحساسهم بالفشل أو الإخفاق.
لذلك لا يجب أن يكون العلاج موجهاً لمنع الإيذاء الذاتي ولكن لمنع حصول الأسباب المؤدية إليه والتفكير في طريقة للتعامل مع الإخفاقات المختلفة والتحكم في الغضب والتخلص من الطاقة السلبية واستثمار المشاعر في أفكار إيجابية.
حلول إلكترونية
لذلك كان العلاج الفردي (لخصوصية كل حالة) عن طريق الإنترنت Internet-delivered Emotion Regulation Individual Therapy for Adolescents واختصاراً (IERITA) هو الحل الأمثل للتعامل مع أذية النفس.
والعلاج عبارة عن برنامج مكون من 11 نموذجاً إرشادياً لكيفية التعامل مع المشاعر السلبية يتم إرسالهم للطلاب على مدار ثلاثة شهور، وفي الوقت نفسه يشارك أولياء أمور المراهقين في دورة تعليمية منفصلة خاصة بهم عبر الإنترنت مكونة من 6 نماذج تدور حول طرق الدعم النفسي لأطفالهم أثناء العلاج. ويكون كل طرف (من الآباء والمراهقين) على اتصال مباشر عبر الإنترنت بمعالج نفسي لتقديم النصائح اللازمة في التعامل مع النماذج التي تم إرسالها عبر الإنترنت أو للأزمات النفسية الطارئة للأبناء.
قام الباحثون بإجراء الدراسة على 166 مراهقاً سويدياً تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً من الطلاب الذين أقدموا على أذية أنفسهم في أماكن متفرقة من الجسد عدة مرات (5 مرات على الأقل في العام الماضي) بغض النظر عن طرق الإيذاء سواء كانت بالأيدي المجردة أو استعمال آلات حادة. وكان بعض الطلاب قاموا بإيذاء أنفسهم مرة واحدة في الشهر السابق للدراسة. وقام الباحثون أيضاً بتوزيع استبانة على الآباء حول معرفتهم بذلك الأمر أو ملاحظة أي سلوك يمكن أن يشير إلى الإيذاء الذاتي.
تم اختيار المراهقين بشكل عشوائي لاختبار برنامج العلاج الفردي عبر الإنترنت IERITA بالإضافة إلى الرعاية النفسية المنتظمة التي يتم تقديمها للأطفال والمراهقين بشكل روتيني في السويد، وتم اختيار مجموعة ضابطة control group للنتائج كانت تتلقى الرعاية المنتظمة فقط دون البرنامج الجديد، وذلك في الفترة من عام 2017 وحتى عام 2020 في العيادات العامة في السويد.
أوضحت النتائج أن المجموعة التي تم علاجها من خلال البرنامج عبر الإنترنت IERITA لكل فرد جنباً إلى جنب مع الرعاية النفسية المنتظمة أظهرت انخفاضا بنسبة 82 في المائة في نوبات إيذاء النفس وغيرها من السلوكيات المدمرة، وأيضاً كان هناك تحسن واضح في القدرة على تنظيم العواطف والتحكم في ردود الأفعال، وذلك مقارنة بنسبة 47 في المائة فقط في المجموعة التي تم علاجها بالرعاية النفسية وحدها وظل تأثير البرنامج فعّال حينما تمت متابعة المجموعة لمدة 3 أشهر لاحقة.
نصحت الدراسة الآباء بضرورة مراقبة أبنائهم لمعرفة إذا كانوا يقومون بإيذاء الذات من عدمه. وقبل البحث عن علامات الجروح يجب أن يلاحظوا الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى أذية النفس مثل الشعور باليأس أو انعدام القيمة وحدوث اضطرابات في أنماط النوم وفقدان الشغف بالأشياء التي كان المراهق يستمتع بها وفقدان الطاقة لأن الأطفال الذين يعانون من الاكتئاب هم أكثر عرضة لأذية ذواتهم.
من أهم الملاحظات التي يجب أن تلفت نظر الآباء إصرار المراهق على ارتداء كم طويل حتى في الجو الحار وتعمده إخفاء أكبر مساحة من جلد الجسم باستمرار. وفي الأغلب تكون الجروح في الساعد والمعصم والساقين وكل المناطق التي يمكنه الوصول إليها باستخدام يده. وفي بعض الأحيان يمكن للمراهق أن يلجأ إلى ضرب الرأس في الحائط أو قبضة اليد أو استخدام نسيج شديد الخشونة لحك الجلد. وهذا السلوك يمكن أن يحدث مرة واحدة وفي كثير من الأحيان يتحول إلى نمط معتاد نتيجة لسوء الحالة النفسية مما يدخل المراهق في حلقة مفرغة من أذية الذات والاكتئاب يمكن أن تنتهي به إلى الانتحار.
الشرق الأوسط