ثمار التعليم السعودي في مؤتمر «تواصل وتكامل»
ثمار التعليم السعودي في مؤتمر «تواصل وتكامل»
د. محمد المسعودي
اللافت في مؤتمر (تواصل وتكامل) أن نسبة كبيرة من المشاركين هم نتاج التعليم السعودي من خريجي كليات العلوم الشرعية والعربية في الجامعات والمعاهد السعودية، وأصبحوا قيادات يديرون مؤسسات الإفتاء والمعاهد والمؤسسات التعليمية في بلدانهم..
يُعدُّ منهج الاعتدال، والتمسك بثوابت الوسطية، ومحاربة التطرف والإرهاب، وإرساء مبادئ الشفافية والعدالة أهم مرتكزات وطننا المجيد الثابتة والمبينة منذ تأسيسه على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وممتدًا عبر أبنائه حتى العهد الذي نعيشه بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-، ومرتكزًا أساسيًا في جميع التعاملات، وعنصرًا حاضرًا في التوجهات السياسية والفكرية والثقافية، ومنطلقًا أساسيًا من صُلب ديننا الحنيف وثوابت منهجه المعتدل.
وخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لا يزال مضربًا للمثل في تعزيز منهج الاعتدال والوسطية والعمل به والمحارب الأول للإرهاب والتطرف؛ إذ سجل -حفظه الله- مئات المواقف نحوها بكل السبل والطرق، كما أصبح ولي عهده "الشخصية الأكثر تأثيرًا عالميًا" بدوره الفعال في خدمة الإسلام، والدفاع عن قضايا أمته، واستطاع أن يكون أيقونة الاعتدال والوسطية التي يحتاج إليها العالم بشدة في عديد من المجالات؛ حيث دأب على مواجهة الفكر الضال والتطرف والتشدد، ووعد باجتثاث جذور الأفكار الهدامة، مستبدلًا بذلك نهجًا مبتكرًا، يعتمد على الاعتدال والحوار العادل المتزن، بعيدًا عن التمسك بأطراف الغلو، ومحاربة الأفكار التي تهدم نسيج المجتمع.
الأسبوع الماضي جسدت فعاليات المؤتمر الدولي "التواصل مع إدارات الشؤون الدينية والإفتاء والمشيخات في العالم" تحت شعار (تواصل وتكامل) الذي نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، بمشاركة 150 عالماً ومفتياً من رؤساء المراكز الإسلامية والجمعيات الإسلامية من 85 دولة حول العالم، مشهداً مهيباً في أجواءٍ إيمانيّة أخويّة خيمت على فعاليات المؤتمر، الذي استمر لمدة يومين وسعى إلى تعزيز روابط التواصل وتوحيد الجهود لنبذ الكراهية ونسف جذور العنف ونبذ الغلو والتطرف والانحلال والإلحاد.
فكان الحضور من النخب العلمية والدعوية والفكرية من جميع دول قارات العالم، حيث ذابت بينهم الثقافات والعرقيات، وتلاشت الاتجاهات الفكرية، وتقاربت المصالح، واتحدت الجهود لتحقيق التعايش السلمي بين شعوب الأرض، من بوابة الإفتاء، ومنابر الدعوة والوعظ، وقاعات التعليم.
كان نجاح المؤتمر بامتياز بل بجدارة واقتدار، ويعود ذلك إلى عدة عوامل لا تجتمع في أي مؤتمرات سوى في المملكة العربية السعودية لأسباب يتسيدها رعاية القيادة الرشيدة الحكيمة الحريصة على العمل الإسلامي، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى انعقاد المؤتمر في مكانٍ فضيلٍ مقدّس، وعلى بعد أمتار قليلة من قبلة العالم بيت الله الحرام، إضافةً إلى التفوق السعودي في إدارة المؤتمرات الدولية والدعم السخي غير المحدود الذي يلقاه العمل الإسلامي في قارات العالم من السعودية.
أما أعمال المؤتمر فكان اللافت الأهم، إطلاقه تحذيرات واضحة من استغلال الدين الإسلامي في التوظيف السياسي، في إشارة إلى بعض الجماعات الحزبية التي اتخذت الدين ستاراً لأهدافها السياسية، الأمر الذي جعل الدين سُلّماً لتحقيق أهداف شخصية، وهو ما يستدعي من المسلمين كافة تكثيف الجهود لمعالجة إشكاليات توظيف الدين في السياسة.
وبحسب آراء حضور المؤتمر، فإن المؤتمر كان ملتقى النخب لقدسية المكان لمجاورة بيت الله الحرام وشرف الزمان وهو شهر الله المحرم، ولروعة التنظيم وتفوق السعوديين واكتسابهم الخبرات في ذلك مما دفع بأهل العلم والفكر والدعوة والإفتاء للمشاركة في مؤتمر مكة المكرمة، فكان فعلاً التفوق السعودي مبهراً للضيوف، حيث أصبحت إدارة المؤتمرات صناعة إحترافية، وخبرات تستثمر التقنيات العصرية، لتغطية وإدارة المؤتمرات الدولية، فضلاً عن قنوات الترجمة الفورية والتي تمت بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية.
وللمتابع يجد أنه لم يكن مجرد مؤتمر علمي وفكري يعتمد على جلسات علمية تطرح ملخصات البحوث وأوراق العمل وسير الباحثين ثم تعقبها التعليقات والمداخلات وجلسات حوارية ونقاشات فحسب؛ ولكنه أصبح معرضاً تقنياً مفتوحاً لضيوف المؤتمر لرصد التقنيات العصرية ومنها إبداع وابتكار وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في التقنيات والهواتف الذكية بثلاثة تطبيقات وبأربعة لغات معاً!.
والمستعرض لملف ملخصات البحوث وأوراق العمل وسير الباحثين الذي أصدرته اللجنة العلمية للمؤتمر، والمكون من 111 صفحة يستوقفه أن نسبة كبيرة من المشاركين هم طلاب الأمس من خريجي الكليات العلوم الشرعية والعربية في الجامعات والمعاهد السعودية، فكانت هذه القامات العلمية والفكرية والدعوية من الدعاة والمفتين وأساتذة الجامعات الذين يديرون مؤسسات الإفتاء والدعوة والمعاهد والمؤسسات التعليمية في بلدانهم اليوم هم نتاج التعليم الشرعي لهذه البلد المقدسة التي عمّ خيرها وتعليمها على بلاد المسلمين، فكان ثمار التعليم السعودي لأبناء العالم الإسلامي لم يكن حصره في هذا الإطار فحسب بل وصل إلى حدود أكبر من ذلك وهي بناء القيادات والنخب التي تدير مؤسسات العمل الإسلامي.
الرياض
د. محمد المسعودي
اللافت في مؤتمر (تواصل وتكامل) أن نسبة كبيرة من المشاركين هم نتاج التعليم السعودي من خريجي كليات العلوم الشرعية والعربية في الجامعات والمعاهد السعودية، وأصبحوا قيادات يديرون مؤسسات الإفتاء والمعاهد والمؤسسات التعليمية في بلدانهم..
يُعدُّ منهج الاعتدال، والتمسك بثوابت الوسطية، ومحاربة التطرف والإرهاب، وإرساء مبادئ الشفافية والعدالة أهم مرتكزات وطننا المجيد الثابتة والمبينة منذ تأسيسه على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وممتدًا عبر أبنائه حتى العهد الذي نعيشه بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-، ومرتكزًا أساسيًا في جميع التعاملات، وعنصرًا حاضرًا في التوجهات السياسية والفكرية والثقافية، ومنطلقًا أساسيًا من صُلب ديننا الحنيف وثوابت منهجه المعتدل.
وخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لا يزال مضربًا للمثل في تعزيز منهج الاعتدال والوسطية والعمل به والمحارب الأول للإرهاب والتطرف؛ إذ سجل -حفظه الله- مئات المواقف نحوها بكل السبل والطرق، كما أصبح ولي عهده "الشخصية الأكثر تأثيرًا عالميًا" بدوره الفعال في خدمة الإسلام، والدفاع عن قضايا أمته، واستطاع أن يكون أيقونة الاعتدال والوسطية التي يحتاج إليها العالم بشدة في عديد من المجالات؛ حيث دأب على مواجهة الفكر الضال والتطرف والتشدد، ووعد باجتثاث جذور الأفكار الهدامة، مستبدلًا بذلك نهجًا مبتكرًا، يعتمد على الاعتدال والحوار العادل المتزن، بعيدًا عن التمسك بأطراف الغلو، ومحاربة الأفكار التي تهدم نسيج المجتمع.
الأسبوع الماضي جسدت فعاليات المؤتمر الدولي "التواصل مع إدارات الشؤون الدينية والإفتاء والمشيخات في العالم" تحت شعار (تواصل وتكامل) الذي نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، بمشاركة 150 عالماً ومفتياً من رؤساء المراكز الإسلامية والجمعيات الإسلامية من 85 دولة حول العالم، مشهداً مهيباً في أجواءٍ إيمانيّة أخويّة خيمت على فعاليات المؤتمر، الذي استمر لمدة يومين وسعى إلى تعزيز روابط التواصل وتوحيد الجهود لنبذ الكراهية ونسف جذور العنف ونبذ الغلو والتطرف والانحلال والإلحاد.
فكان الحضور من النخب العلمية والدعوية والفكرية من جميع دول قارات العالم، حيث ذابت بينهم الثقافات والعرقيات، وتلاشت الاتجاهات الفكرية، وتقاربت المصالح، واتحدت الجهود لتحقيق التعايش السلمي بين شعوب الأرض، من بوابة الإفتاء، ومنابر الدعوة والوعظ، وقاعات التعليم.
كان نجاح المؤتمر بامتياز بل بجدارة واقتدار، ويعود ذلك إلى عدة عوامل لا تجتمع في أي مؤتمرات سوى في المملكة العربية السعودية لأسباب يتسيدها رعاية القيادة الرشيدة الحكيمة الحريصة على العمل الإسلامي، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى انعقاد المؤتمر في مكانٍ فضيلٍ مقدّس، وعلى بعد أمتار قليلة من قبلة العالم بيت الله الحرام، إضافةً إلى التفوق السعودي في إدارة المؤتمرات الدولية والدعم السخي غير المحدود الذي يلقاه العمل الإسلامي في قارات العالم من السعودية.
أما أعمال المؤتمر فكان اللافت الأهم، إطلاقه تحذيرات واضحة من استغلال الدين الإسلامي في التوظيف السياسي، في إشارة إلى بعض الجماعات الحزبية التي اتخذت الدين ستاراً لأهدافها السياسية، الأمر الذي جعل الدين سُلّماً لتحقيق أهداف شخصية، وهو ما يستدعي من المسلمين كافة تكثيف الجهود لمعالجة إشكاليات توظيف الدين في السياسة.
وبحسب آراء حضور المؤتمر، فإن المؤتمر كان ملتقى النخب لقدسية المكان لمجاورة بيت الله الحرام وشرف الزمان وهو شهر الله المحرم، ولروعة التنظيم وتفوق السعوديين واكتسابهم الخبرات في ذلك مما دفع بأهل العلم والفكر والدعوة والإفتاء للمشاركة في مؤتمر مكة المكرمة، فكان فعلاً التفوق السعودي مبهراً للضيوف، حيث أصبحت إدارة المؤتمرات صناعة إحترافية، وخبرات تستثمر التقنيات العصرية، لتغطية وإدارة المؤتمرات الدولية، فضلاً عن قنوات الترجمة الفورية والتي تمت بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية.
وللمتابع يجد أنه لم يكن مجرد مؤتمر علمي وفكري يعتمد على جلسات علمية تطرح ملخصات البحوث وأوراق العمل وسير الباحثين ثم تعقبها التعليقات والمداخلات وجلسات حوارية ونقاشات فحسب؛ ولكنه أصبح معرضاً تقنياً مفتوحاً لضيوف المؤتمر لرصد التقنيات العصرية ومنها إبداع وابتكار وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في التقنيات والهواتف الذكية بثلاثة تطبيقات وبأربعة لغات معاً!.
والمستعرض لملف ملخصات البحوث وأوراق العمل وسير الباحثين الذي أصدرته اللجنة العلمية للمؤتمر، والمكون من 111 صفحة يستوقفه أن نسبة كبيرة من المشاركين هم طلاب الأمس من خريجي الكليات العلوم الشرعية والعربية في الجامعات والمعاهد السعودية، فكانت هذه القامات العلمية والفكرية والدعوية من الدعاة والمفتين وأساتذة الجامعات الذين يديرون مؤسسات الإفتاء والدعوة والمعاهد والمؤسسات التعليمية في بلدانهم اليوم هم نتاج التعليم الشرعي لهذه البلد المقدسة التي عمّ خيرها وتعليمها على بلاد المسلمين، فكان ثمار التعليم السعودي لأبناء العالم الإسلامي لم يكن حصره في هذا الإطار فحسب بل وصل إلى حدود أكبر من ذلك وهي بناء القيادات والنخب التي تدير مؤسسات العمل الإسلامي.
الرياض