الذكاء الاصطناعي.. وتسميم البيانات
الذكاء الاصطناعي.. وتسميم البيانات
د. خالد رمضان
من المنتظر أن يكون الذكاء الاصطناعي حديث الصباح والمساء خلال اجتماعات منتدى دافوس الاقتصادي، الذي تبدأ فعالياته بعد أيام، بمشاركة عملاقة التكنولوجيا في العالم، ومعظمهم لاعب أساسي في مجال الذكاء الاصطناعي، ولهذا استبقت إدارة المنتدى الاجتماعات المرتقبة بنشر تقرير يحذر من خطورة المعلومات المضللة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتأكيد على أنها ستشكل أكبر تهديد للاقتصاد العالمي خلال العامين المقبلين، ولا شك أن هذا الأمر يسلط الضوء على مسؤولية التقدم التكنولوجي المفرط في خلق شروخ عميقة في بنية المجتمعات الإنسانية، حيث يمكن تطويع هذه التقنية المتطورة في التدليس على الناس، كي يتخذوا قرارات معيبة، أو يقتنعوا بآراء وتصورات مضللة، لا تستند على أسس ومعايير صحيحة.
يجلب صعود الذكاء الاصطناعي مجموعة من المخاطر المتشابكة، حيث ينشط مجرمو الإنترنت، وقراصنة الهجمات الإلكترونية الخبيثة، الذين يسممون البيانات في الفضاء الإلكتروني الشاسع، أو يحذفونها من على الأجهزة المقرصنة، كما يمكنهم إثارة المزيد من التحيز في نماذج الذكاء الاصطناعي، وبالرغم من أن هذه التقنيات المتطورة نجحت في حل العديد من التحديات العلمية والطبية والعسكرية في هذا العصر، إلا أن قدرتها الفائقة على إنشاء محتوى مبهر وسريع يخلق تعقيدات في منتهى الخطورة، فلا يكاد يكتشفه أحد إلا بشق الأنفس وعبر المتخصصين فقط، وعلى سبيل المثال، فإن الإنترنت يحوى اليوم كم هائل من الصور المزيفة لبعض المشاهير في أوضاع مسيئة، كما يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي في فبركة صور وفيديوهات عن حرب غزة أو أوكرانيا، بالشكل الذي يقدم فكرة مضللة للأحداث الحقيقية، لكن، الأخطر هو أن هذه الصور والبيانات المضللة تزلزل ثقة الناس فيما يتم تداوله على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، وعند هذا الحد، يصبح كل شيء محل شك.
يبدو الاقتصاد العالمي بحاجة ماسة إلى اعتماد نهج ذكي ومرن وعملي لإدارة ملف التكنولوجيا الخطرة، بالإضافة إلى تنسيق التعاون الدولي لتعزيز الصالح العام بطريقة آمنة في مواجهة التضليل، ونعتقد أن فرصة التحول الاستثنائية التي يمنحها الذكاء الاصطناعي للحكومات والشركات والمجتمعات، لا يمكن إنجازها إلا بوجود تعاون قوي بين القطاعين العام والخاص، وبالقطع، فإنه إذا تم تطوير التكنولوجيا المفرطة بشكل صحيح، فإنها ستؤدي إلى مجتمع أكثر عدالة ومساواة، ولهذا، يتعين على النخبة المنتقاة، التي تلتئم بعد أيام في سويسرا تقديم مقترحات تكنولوجية وقانونية تمنع تعميق الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية التي يهددنا بها عصر الذكاء الاصطناعي، أو تلك التي تعرقل حصول الناس على المعلومات الصحيحة والشفافة، مع ضرورة التشديد على بند أخلاقي رافض لتغذية نظم الذكاء الاصطناعي ببيانات تتضمن أي تحيزات ضد الرجل أو المرأة أو المجتمعات والثقافات المختلفة.
خلال السنوات الماضية، استغل بعض مجرمي الإنترنت أنظمة الذكاء الاصطناعي أسوأ استغلال، فملأوا الفضاء الإلكتروني بمعلومات مزيفة ومضللة، وهذه هي المشكلة التي يسعى المؤتمرون في دافوس إلى إيجاد حلول دولية منسقة بشأنها، والواقع أن حظر التكنولوجيا ليس حلاً ولن يكون، وعليه، فإن الحل المنطقي يكمن في حوكمة الذكاء الاصطناعي على صعيد المطورين، والشركات، والناشرين، ومنصات التواصل الاجتماعي، وفي نفس الوقت، يتعين على الحكومات التصدي لهذه المخاطر عبر تشريعات حاسمة، وأن تعرقل بالقانون أي نشاط يستهدف الإضرار بالمواطنين سواء عبر التلاعب بعقولهم، أو بوظائفهم، أو بأموالهم، وسنضرب مثلاً بسوق العملات المشفرة التي يتم استخدام الذكاء الاصطناعي فيها على نطاق واسع، حيث يتوقع أن تكون هذه الأصول صيداً ثميناً للقراصنة خلال عام 2024، بعدما خرقت عملة بيتكوين حاجز الـ40 ألف دولار بنهاية عام 2023، إذ يمكن لمجرمي الإنترنت، على سبيل المثال، استخدام فيروسات وتطبيقات خبيثة مصممة خصيصاً لسرقة الأصول المشفرة.
الرياض
د. خالد رمضان
من المنتظر أن يكون الذكاء الاصطناعي حديث الصباح والمساء خلال اجتماعات منتدى دافوس الاقتصادي، الذي تبدأ فعالياته بعد أيام، بمشاركة عملاقة التكنولوجيا في العالم، ومعظمهم لاعب أساسي في مجال الذكاء الاصطناعي، ولهذا استبقت إدارة المنتدى الاجتماعات المرتقبة بنشر تقرير يحذر من خطورة المعلومات المضللة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتأكيد على أنها ستشكل أكبر تهديد للاقتصاد العالمي خلال العامين المقبلين، ولا شك أن هذا الأمر يسلط الضوء على مسؤولية التقدم التكنولوجي المفرط في خلق شروخ عميقة في بنية المجتمعات الإنسانية، حيث يمكن تطويع هذه التقنية المتطورة في التدليس على الناس، كي يتخذوا قرارات معيبة، أو يقتنعوا بآراء وتصورات مضللة، لا تستند على أسس ومعايير صحيحة.
يجلب صعود الذكاء الاصطناعي مجموعة من المخاطر المتشابكة، حيث ينشط مجرمو الإنترنت، وقراصنة الهجمات الإلكترونية الخبيثة، الذين يسممون البيانات في الفضاء الإلكتروني الشاسع، أو يحذفونها من على الأجهزة المقرصنة، كما يمكنهم إثارة المزيد من التحيز في نماذج الذكاء الاصطناعي، وبالرغم من أن هذه التقنيات المتطورة نجحت في حل العديد من التحديات العلمية والطبية والعسكرية في هذا العصر، إلا أن قدرتها الفائقة على إنشاء محتوى مبهر وسريع يخلق تعقيدات في منتهى الخطورة، فلا يكاد يكتشفه أحد إلا بشق الأنفس وعبر المتخصصين فقط، وعلى سبيل المثال، فإن الإنترنت يحوى اليوم كم هائل من الصور المزيفة لبعض المشاهير في أوضاع مسيئة، كما يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي في فبركة صور وفيديوهات عن حرب غزة أو أوكرانيا، بالشكل الذي يقدم فكرة مضللة للأحداث الحقيقية، لكن، الأخطر هو أن هذه الصور والبيانات المضللة تزلزل ثقة الناس فيما يتم تداوله على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، وعند هذا الحد، يصبح كل شيء محل شك.
يبدو الاقتصاد العالمي بحاجة ماسة إلى اعتماد نهج ذكي ومرن وعملي لإدارة ملف التكنولوجيا الخطرة، بالإضافة إلى تنسيق التعاون الدولي لتعزيز الصالح العام بطريقة آمنة في مواجهة التضليل، ونعتقد أن فرصة التحول الاستثنائية التي يمنحها الذكاء الاصطناعي للحكومات والشركات والمجتمعات، لا يمكن إنجازها إلا بوجود تعاون قوي بين القطاعين العام والخاص، وبالقطع، فإنه إذا تم تطوير التكنولوجيا المفرطة بشكل صحيح، فإنها ستؤدي إلى مجتمع أكثر عدالة ومساواة، ولهذا، يتعين على النخبة المنتقاة، التي تلتئم بعد أيام في سويسرا تقديم مقترحات تكنولوجية وقانونية تمنع تعميق الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية التي يهددنا بها عصر الذكاء الاصطناعي، أو تلك التي تعرقل حصول الناس على المعلومات الصحيحة والشفافة، مع ضرورة التشديد على بند أخلاقي رافض لتغذية نظم الذكاء الاصطناعي ببيانات تتضمن أي تحيزات ضد الرجل أو المرأة أو المجتمعات والثقافات المختلفة.
خلال السنوات الماضية، استغل بعض مجرمي الإنترنت أنظمة الذكاء الاصطناعي أسوأ استغلال، فملأوا الفضاء الإلكتروني بمعلومات مزيفة ومضللة، وهذه هي المشكلة التي يسعى المؤتمرون في دافوس إلى إيجاد حلول دولية منسقة بشأنها، والواقع أن حظر التكنولوجيا ليس حلاً ولن يكون، وعليه، فإن الحل المنطقي يكمن في حوكمة الذكاء الاصطناعي على صعيد المطورين، والشركات، والناشرين، ومنصات التواصل الاجتماعي، وفي نفس الوقت، يتعين على الحكومات التصدي لهذه المخاطر عبر تشريعات حاسمة، وأن تعرقل بالقانون أي نشاط يستهدف الإضرار بالمواطنين سواء عبر التلاعب بعقولهم، أو بوظائفهم، أو بأموالهم، وسنضرب مثلاً بسوق العملات المشفرة التي يتم استخدام الذكاء الاصطناعي فيها على نطاق واسع، حيث يتوقع أن تكون هذه الأصول صيداً ثميناً للقراصنة خلال عام 2024، بعدما خرقت عملة بيتكوين حاجز الـ40 ألف دولار بنهاية عام 2023، إذ يمكن لمجرمي الإنترنت، على سبيل المثال، استخدام فيروسات وتطبيقات خبيثة مصممة خصيصاً لسرقة الأصول المشفرة.
الرياض