• ×
admin

وربّك يفعل ما يريد

وربّك يفعل ما يريد


فهد عامر الأحمدي

يمكنك الحديث عن أهمية الجد والاجتهاد بقدر ما تشاء .. ويمكنك الاشادة بأهمية الدراسة والتخصص في أي انجاز .. كما يمكنك الاستعانة بالأرقام والنسب ودراسات الجدوى في أي مشروع .. ولكن هذا كله لا يقف ولا يساوي شيئا أمام سوء حظ أو حالة نحس تخل بكافة الموازين والفرضيات المنطقية (وتترك الخبير حيران) ..

ويبدو أن عامة الناس لاحظت هذه المفارقة بدليل المثل العامي \"أنا أريد، وأنت تريد، وربك يفعل مايريد\" .. وهو مثل يقال حين يجتهد المرء ويهيئ كل أسباب النجاح ثم يفشل لسبب لادخل له فيه . وكما يحدث هذا على المستوى الشخصي يحدث أيضا على مستوى الشركات والمؤسسات الكبيرة .. وحين أعود بذاكرتي إلى الوراء أتذكر مشاريع ومحاولات هيئت لها كافة أسباب النجاح ولكنها فشلت لمجرد الحظ السيئ :

* فعلى سبيل المثال في أغسطس 1985 بدأت شركة فورد حملة دعائية ضخمة قارنت فيها سيارتها العائلية الجديدة يروستار بمكوك الفضاء تشالنجر وكانت تظهر في سباق معه - . ونجحت الحملة فعلا في البداية وارتبطت السيارة في اذهان الناس بمكوك الفضاء وتقنيته الجبارة .. ولكن في يناير 1986 انفجر المكوك تشالنجر أمام أعين الملايين ومات كل الرواد فيه . وعلى الفور تشاءم الناس من السيارة وانخفضت مبيعاتها بسرعة ولم تفلح أبدا في منافسة موديلات الشركات المنافسة !!

* وفي عام 1946 حضر كيميائي انجليزي حلوى عشبية تدعى (ايديز) ادعى أنها تؤدي للرشاقة وكبح الشهية.. وحققت الماركة نجاحا كبيرا طوال 45 عاما مما دعا شركة مارتن للأغذية لشراء حقوق تصنيعها عام 1981 بمليار دولار (فنجاحها معروف ومضمون). ولكن بعد شهرين فقط ظهرت أول حالة لمرض جديد وخطير يدعى \"نقص المناعة المكتسب\" اطلق عليه اختصارا \"إيدز\" .. وبسرعة توقفت مبيعات حلوى \"إيديز\" لأن الناس اعتقدوا أن لها علاقة بمرض الإيدز (خصوصا في تلك الفترة حيث اختلفت الآراء حول سبب المرض الحقيقي)!

* وقبل فترة بسيطة قرأت خبرا محزنا عن زوجين بريطانيين أضاعا تذكرة يانصيب رابحة بقيمة ثلاثة ملايين جنيه استرليني (وهو مايوازي 16 مليون ريال سعودي) . فطوال سبع سنوات اتفق الزوجان مارتن وكاي توت على شراء جميع تذاكر اليانصيب المتوفرة . ولزيادة فرصة فوزهما قرآ كما هائلا من الكتب المتخصصة واستشارا خبراء في الرياضيات والاقتصاد .. غير انهما من فرط التعود لم يفكرا حتى بالقاء نظرة على ارقام البطاقة الاخيرة ولم يعلما بخبر فوزهما الا بعد ان اعلنت شركة كاميلوت (التي تدير اليانصيب البريطاني) ان شخصا من المنطقة التي يعيشان فيها لم يتقدم لنيل الجائزة. وحين أدركا انهما المعنيان فتشا عن البطاقة فاكتشفا ان الكلب ابن الكلب أكلها !!

* أما في عالم العباقرة فلم أجد أسوأ حظا من الفنان الهولندي الشهير \"فان جوخ\" ؛ فرغم موهبته وتميزه إلا أنه لم ينجح في بيع أي من لوحاته (التي بلغ عددها 1650) فمات جائعا ذليلا . واليوم وبعد أكثر من مائة عام على موته ارتفعت أسعار لوحاته إلى حدود خيالية ! ، ففي عام 1990 مثلا بيعت لوحته \" د. جاشيه \" بمبلغ 83 مليون دولار ، ولوحة \" حقل القمح \" بمبلغ 57 مليون دولار ... ووفقا لحساباتي المتواضعة لو باع جوخ كل لوحاته خلال حياته بمتوسط قدره (25) مليون دولار لأصبح اليوم يملك (41,250,000,000 ) دولار واحتل المركز الرابع في قائمة فوربس لأغنى أغنياء العالم!

... مرة أخرى، الاجتهاد والتخصص ودراسات الجدوى أمر ضروري لنجاح أي مشروع ولكن يبقى احتمال \"أنا أريد ، وأنت تريد ، وربك يفعل ما يريد\" ...

... وكلي ثقة بأن لديك ماتخبرني به ...

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1270