• ×
admin

شاي أم قهوة؟!

شاي أم قهوة؟!

د. اياد طلال عطار

الكثيرُ من الأجيالِ السابقةِ وأجيالِ (الطيِّبين) من محبِّي الشَّاي والآخرِينَ من محبِّي القهوةِ من الجيلِ الحديثِ أو جيلِ زد (Z)، وتعلُّق المجتمعِ بكوبِ الشَّاي منذُ فترةٍ طويلةٍ، حيثُ كانَ يجمعُهم (برادُ شايٍّ) يتذوَّقُ منهُ الجميعُ، وليسَ لهُ تكلفةٌ تُذكرُ، ولكنْ معَ ظهورِ الانفتاحِ العالميِّ، وظهورِ المقاهِي المختصَّةِ، وأسلوبِ الحياةِ الحديثِ أصبحَ لكلِّ فردٍ نوعٌ مفضَّلٌ مِن القهوةِ، رغمَ تكلفتهِ العاليةِ، ويضعُ الفردُ لهُ طقوسًا وهميَّةً معتقدًا أنَّها جالبةٌ للتَّركيزِ والتَّفكيرِ، وقدْ تكونُ كذلكَ ولكنْ ليسَ بالإسرافِ والانتظارِ لوقتٍ طويلٍ للحصولِ عليهِ.

ومنذُ القدمِ انغمسَ البشرُ في تناولِ المشروباتِ المشتقةِ من النباتاتِ، حيثُ ظهرَ الشَّايُ والقهوةُ باعتبارهِمَا من أكثرِ المشروباتِ المحبوبةِ في العالمِ، من بداياتهِمَا المتواضعةِ في المزارعِ إلى الشعبيَّةِ العالميَّةِ.

يعملُ المزارعُونَ معَ شروقِ الشَّمسِ في حقولِ أوراقِ الشَّاي ونباتاتِ القهوةِ التي تغطِّي المناظر الطبيعيَّة من جبالِ الصينِ الضبابيَّةِ إلى المزارعِ الخضراء في كولومبيَا، حيثُ يأتِي كلَا المشروبَينِ من كنوزٍ نباتيَّةٍ، الشَّاي من نبات كاميليَا، والقهوةِ من حبوبِ القهوةِ، ومع بدءِ موسمِ الحصادِ، يتمُّ قطفُ أوراقِ الشَّاي يدويًّا بدقَّةٍ، في حين يتمُّ قطفُ حبوبِ القهوةِ بشكلٍ انتقائيٍّ فِي ذروةِ النضجِ؛ ممَّا يمهِّدُ الطريقَ لملامح نكهةٍ مميَّزةٍ.

ومعَ طلوعِ الفجرِ يبحثُ النَّاسُ في جميعِ أنحاءِ العالمِ عن مشروبِهم الصباحيِّ المفضَّلِ، يستمتعُ عشاقُ الشَّاي بالروائحِ الرقيقةِ للأوراقِ الطازجةِ مثلِ الشَّاي الأسودِ، أو الشَّاي الأخضرِ، وفي الوقتِ نفسهِ، يحتضنُ عشاقُ القهوةِ النَّكهاتِ الغنيَّةَ والجريئةَ لفنجانِ القهوةِ المطحونِ طازجًا وذا رائحةٍ ذكيَّةٍ.

يجسد الشاي والقهوة طقوساً ثقافية وعادات اجتماعية، استمرت لعدة قرون، في بلدان مثل الصين واليابان، وتحظى احتفالات الشاي بالتبجيل باعتبارها ممارسات تأملية غارقة في التقاليد والرمزية، بينما في إثيوبيا وتركيا، تعتبر احتفالات القهوة بمثابة احتفالات نابضة بالحياة للضيافة والمجتمع.

مع بدايةِ اليومِ، يستمرُّ الشَّايُ والقهوةُ في التشابكِ معَ الحياةِ اليوميَّةِ، ممَّا يوفِّرُ لحظاتٍ من الرَّاحةِ والتَّواصلِ وسطَ صخبِ المجتمعِ الحديثِ، سواءٌ أكانَ ذلكَ استراحةَ شايٍ في منتصفِ النَّهارِ معَ الكعكاتِ والكريمةِ المخثَّرِةِ أو تناول قهوةِ الإسبريسو بعدَ الوجبةِ معَ الأصدقاءِ في مقهَى علَى الرصيفِ، فإنَّ هذهِ المشروباتِ تجمعُ النَّاس معًا وتوفِّرُ مصدرًا للرَّاحةِ والبهجةِ.

سواءٌ كنتَ مِن محبِّي الشَّاي المخلصِين، أو من محبِّي القهوةِ، يقدِّم كلا المشروبَينِ رحلةً من التذوُّقِ والتقاليدِ والاكتشافِ التي تتجاوزُ الحدودَ وتجعلنَا نجتمعُ بشكلٍ دائمٍ.

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  49