• ×
admin

النفاق الوظيفي..!

النفاق الوظيفي..!


د. عادل بن أحمد بن يوسف الصالح

ترى كم مؤسسة حكومية أو خاصة تعج بموظفين يملؤون آذان وأسماع مديريهم بالمديح والثناء - كذبا - وهم يعتقدون أنهم يحسنون صنعا، فإن أخطأ المدير أو أصاب في قراراته فهو دائما على حق من وجهة نظرهم أو بمعنى أدق أمامه فقط، وهذا ما يسمى «النفاق الوظيفي» وهذا النفاق تختلف أشكاله وطرق ممارساته ودرجة خطورته، لكن ثمة نوعان بارزان له. فأحيانا قد ينافق الموظف مديره عن طريق تأييد آرائه وقراراته على الدوام رغم قناعته الداخلية بعكس ذلك، لكن مثل هذا النوع يكون على درجة من الجبن والخوف تمنعه حتى من أن يبدي رأيه أمام الآخرين، فرأيه الحقيقي الذي يؤمن به يحتفظ به لنفسه دائما. أما النوع الآخر فهو ذلك الموظف الذي يؤيد المدير في حضوره ثم يعارضه بمجرد أن يدير ظهره، وهذا النوع من النفاق ربما يكون أسوأ، وإن كان هناك خطأ يقع على من يمارسون النفاق الوظيفي فإن هناك خطأ مماثلا يقع على المديرين لأنه إما نتيجة لتسلط بعض المديرين يؤدي أحيانا إلى هذا السلوك، أو نتيجة لقبول بعضهم هذا النوع من النفاق، فلا يوجد مدير يتمتع بقدر ضئيل من اللباقة والفطنة غير قادر على كشف من يداهنه ممن يصارحه، خاصة إذا ظهر أن الموظف مؤيد له على طول الخط. ولعل من الخطورة سكوت المدير على هذا الأمر الذي سيكرس سياسة النفاق الوظيفي داخل المؤسسة، وبالطبع هو ما سيكون له مردود سلبي على إنتاجها.
ولإدراكها خطورة النفاق الوظيفي قامت بعض المؤسسات في الدول الغربية بإنشاء برامج للمصارحة الإدارية، ووحدات للتعامل النفسي مع الموظفين وتحسين أدائهم قيميًّا للقضاء على النفاق الوظيفي. ورغم أن كثيرا من المؤسسات داخل مجتمعاتنا العربية أنشأت أقساما ووحدات تحمل مسميات تعنى بالموارد البشرية وتدريبها وتطويرها إلا أن أيا منها لم يعر اهتماما لمواجهة النفاق الوظيفي بشكل منهجي، انطلاقا من فهم خاطئ بأن هذا السلوك ربما يكون إحدى سمات الشخصية لمن يقوم به، إضافة إلى وجود اتجاه داخل بعض المؤسسات لإضفاء الشرعية على النفاق الوظيفي بوصف هذه الأمور بالديبلوماسية أو المجاملة.
وليس صعبا على أي اقتصادي أن يدرك خطورة مثل ممارسات النفاق الوظيفي على إنتاج المؤسسة وأدائها بل وأجواء العمل داخل المؤسسة، ومن هنا تأتي أهمية مكافحة هذا السلوك، لاسيما أن النفاق محرم دينيا. فالنفاق من الكبائر الموبقات الموجبات للنار، وسمى النبي (صلى الله عليه وسلم) المنافق بذي الوجهين، قائلا : «.. وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه»، كما قال (صلى الله عليه وسلم) : « آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان».
وختاما : إلى كل مدير وإلى كل موظف حفاظا على دنياكم وأخراكم يجب عليكم العمل معا لمحاربة النفاق الوظيفي داخل أروقة مؤسستكم، وأولى الطرق لذلك هو الحوارالشفاف. فالحوار الشفاف بين الموظف والمدير هو السبيل القضاء على مثل هذا السلوك وبالتالي أداء إنتاجي أفضل لأي مؤسسة؛ وتذكروا أن الصراحة والشفافية والتمسك بالمباديء يؤدي إلى احترام الشخص وتقديره، بينما النفاق الوظيفي لايطول مفعوله ولايكون دائما ذا نتائج ايجابية، حمى الله مجتمعاتنا ومؤسساتنا من النفاق وشره ووفق المديرين والمرؤوسين إلى ما يحبه ويرضاه.

المصدر: صحيفة اليوم
بواسطة : admin
 0  0  2362