• ×
admin

التهابات اللوز «الدملية» Peritonsillar Abscess

التهابات اللوز «الدملية» Peritonsillar Abscess


د. عبد العزيز عاشور

يولد الإنسان ضعيفاً - يولد بدون مقاومة خاصة بجسده - يحمل في دمه قليلاً من الأجسام المضادة أو أجسام المقاومة للأمراض التي أعطيت له من أمه الحنون لحمايته حتى تكتمل الحماية الذاتية. حيث إن هذه الحماية الذاتية والتأقلم على المحيط الجديد المليء بالجراثيم يأخذ وقتاً طويلاً، وحيث إن ما يحمله من أجسام مقاومة أعطيت له من أمه ليست بكافية لحماية جسمه مما يحيط به من جراثيم وفيروسات، لذا كان لا بد من وجود حماية أخرى (جبهة دفاع ثانية) تحمي الجسم من تسلل بعض الجراثيم إلى داخل الجسم مسببة لهذا الجسم الصغير أمراضا لا قوة له بها، لذا وضعت تلك الأجهزة اللمفاوية المقاومة على شكل لوزتين عند مدخل الفم واللحمية الأنفية في نهاية الأنف في البلعوم الأنفي.
وقاية إلهية لا عوج فيها صنعها الخالق (سبحانه وتعالى) عند تلك البوابتين اللتين تمثلان المدخل الرئيسي للهواء والغذاء والشراب إلى داخل الجسم، والتي عادة ما تكون ملوثة مهما حاولنا تنظيفها خاصةً عندما تلمسها أيادي أطفالنا والتي غالبًا ما تكون غير نظيفة .. لذا نجد أن اللحمية الأنفية واللوز دوماً ما تكون ملتهبة ومتضخِّمة لدى الأطفال أكثر من أي عضو آخر.
وعندما تكتمل مناعة الطفل نجد أن التهاب اللحمية واللوز يبدأ في التراجع وكذلك حجم اللوز واللحمية يبدأ بالضمور إلى أن تختفي اللحمية بعد سن الثاني عشر تقريباً، بينما تبقى اللوز إلى نهاية العمر ولكن في حجم صغير.
تنتشر التهابات اللوز لدى الأطفال انتشاراً واسعاً محلياً وعالمياً، للأسباب المذكورة أعلاه. الغالبية العظمي من الالتهابات هي فيروسية (أعلى من 95 بالمئة) والبقية الباقية تكون جرثومية .. عادة ما ينتشر هذا النوع من الالتهاب بين سن العشرين إلى الأربعين.
حتى نتمكن من فهم ما نحن بصدده - دعنا نُلقِ نظرة على بناء اللوز تشريحياً:
تتكون اللوز من تجمُّعات أنسجة لمفاوية محاطة بجدار (كيس) ليفي يفصلها عن محيطها العضلي ويسمح لها بالحركة المرنة في هذا المحيط المتحرك ويمنع تسرب التهابات اللوز إلى هذا المحيط .. عندما تصاب اللوز بالتهابات جرثومية فعادةً ما يكون الالتهاب محصورًا في داخل اللوزة. في حالات نادرة يكون فيها الجسم في أضعف حالاته أو تكون الجراثيم في أوجِّ نشاطها وقوتها، عندئذ يمكن لهذه الالتهابات الصديدية أن تمزِّق هذا الكيس المحيط باللوز وبذلك ينتشر الالتهاب والصديد إلى خارج اللوزتين وحول اللوزتين - لذا فنحن نسمِّيه التهاب اللوز الصديدي المحيط باللوز Peritonsillar Abcess)). وهو فعلاً أقوى وأخطر التهاب صديدي للوز.
في هذه الحالة عادة ما تكون حالة المريض سيئة جداً فهو يشكو من:
صعوبة شديدة في البلع.
حرارة عالية.
آلام في جميع الجسم والمفاصل وفي الرأس.
آلام في الفم والحلق والأذن.
المريض لا يستطيع أن يفتح فمه إلا قليلاً ويكون مصحوباً بآلام شديدة.
ازدياد قوي في كمية اللعاب والذي يسيل من زاوية الفم إلى الخارج (لأن المريض نتيجة شدة الألم لا يستطيع بلع اللعاب كالمعتاد).
وبالكشف على المريض نرى:
اللوز منتفخة جداً ومحمَّرة.
ممكن أن تكون مغطاة بالصديد.
ما حول اللوزة منتفخ، محمر ومدبب (ناضج مثل الدمل).
اللهاة وسقف الحلق العضلي مدفوعان إلى الجهة المعاكسة.
ما العلاج؟
كأي دمل أو خراج، يجب أن يفضي من الصديد وبأسرع وقت ممكن - كيف؟
عن طريق شق صغير على حافة اللوزة - مرة أو مرتين تحت بنج موضعي أو بدون بنج موضعي.
أو عن طريق شفط الصديد بإبرة كبيرة المقاس عدة مرات خلال أيام قلائل حتى ينعدم خروج الصديد وعادةً ما يتم بدون بنج موضعي.
تدعم هذه العملية بإعطاء المريض مضادا حيويا مناسبا في الوريد لأيام قلائل ثم على هيئة حبوب لبقية الأسبوعين وحتى تتحسن حالة المريض.
غسيل متكرر للفم (غرغرة).
الوجبات يجب أن تكون ليِّنة أو سائلة مع الإكثار من السوائل الدافئة.
عادة ما يكون المريض معديا خلال الأسبوع الأول من الالتهاب، لذا يجب أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتقال العدوى للآخرين.
لا داعي لإزالة اللوز بعد الشفاء إلا إذا تكرر الالتهاب لعدة مرات (أكثر من مرتين) خلال فترات قصيرة.

المصدر: صحيفة اليوم
بواسطة : admin
 0  0  3764