الصين.. وتواشج الحضارات
الصين.. وتواشج الحضارات
عبدالله الحسني
تسعى الشعوب المتحضرة إلى التلاقي ثقافياً وحضارياً مع بعضها من خلال عدة مشتركات وتقاطعات؛ إن على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي، وغيرها من تقاطعات، إلا أن الثقافة تشكّل مرتكزاً خلاّقاً تحرص عليه الدول ذات العراقة والشأو الحضاري الكبيرين. ومن هذه الدول ذات الحضارة الضاربة في الجذور من حضارات العالم؛ الصين. ويدرك العالم هذا الإرث الرصين، من ثقافة، وقيم ومنظومة خلقية وإنسانية عابرة للزمن وللقارات الذي تتمتّع بها الصين، وهذا الإرث يتضاعف، ويتمددّ ليسعى إلى تحقيق تواصل إنساني وحضاري مع كل الشعوب. هذا التواصل لا يخص الصين وحدها وإنما الأسرة الدولية، والشعوب جمعاء، إذ إن القيم والثقافة والحضارة، ومنتجاتها، ومخرجاتها، هي مطلب كل شعب ودولة.
فبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية مفهوم فطنت له الدول وتسعى من خلاله إلى مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه الإنسانية؛ وتبعاً لذلك حرص «المجتمع الدولي والإنساني المشترك» على تشكيل إجماع قيمي عالمي، يجمع بين معايير واختيارات قيمية مشتركة من خلفيات ثقافية متنوعة؛ غايته الإسهام في تحقيق تطور حضارة إنسانية مشتركة.
من هنا تبدو حالة التلاقي، والانسجام، والتقاطع بين المملكة والصين لتعزيز تواصلها الحضاري والثقافي مع التعاون المشترك في عدة مناحٍ منها السياسي والاقتصادي على حدّ سواء، وهو ما يعكس بجلاء النقلة النوعية المحورية، التي شهدتها العلاقات السعودية الصينية خاصة بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، والتي كانت نقطة تحول تعكس حرص القيادة في المملكة على تعزيز مكانتها الدولية وبناء شراكات مؤثرة؛ إذ مثّلت زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى بكين في عام 2019م خطوة راسخة في هذا الاتجاه، حيث رسّخت التعاون في إطار رؤية 2030 ومبادرة «الحزام والطريق» الصينية، مما أوجد آفاقاً جديدة للتعاون الثقافي والعلمي بين الجانبين.
وعلى الصعيد الثقافي، يبرز لنا دور اللجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى في تعزيز هذا الجانب، فقد شهدت العلاقات السعودية الصينية تعاوناً لافتاً في مجال الثقافة والتقنية باعتبارهما إحدى الركائز الأساسية لتعزيز التواصل الحضاري وتبادل المعرفة.
وتجسيداً لهذا التعاون، تم إدراج اللغة الصينية في المناهج التعليمية السعودية، ما يعكس إدراك المملكة لأهمية التقارب الثقافي والعلمي مع الصين. كما أن استقدام معلمين صينيين وبعثات سعودية لتعلم اللغة في الصين يعزز هذا الاندماج الثقافي ويُعِدّ لجيل جديد يساهم في تعزيز العلاقات الثنائية.
هذا التوجه السعودي نحو الصين يعكس رؤية شاملة تسعى لتعميق العلاقات مع القوى العالمية الكبرى، ليس في الجانب الاقتصادي والسياسي فقط، بل أيضاً في نشر الثقافة والمعرفة، وهو ما يتماشى مع جهود المملكة في توطيد مكانتها كجسر للتواصل الحضاري في العالم؛ في المقابل الصين تتحرّك ضمن أفق واسع من الوعي والانهمام الحضاري لتعزيز حضورها الثقافي الجميل والعريق مستلهمة قيمها الجوهرية العريقة.
الرياض
عبدالله الحسني
تسعى الشعوب المتحضرة إلى التلاقي ثقافياً وحضارياً مع بعضها من خلال عدة مشتركات وتقاطعات؛ إن على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي، وغيرها من تقاطعات، إلا أن الثقافة تشكّل مرتكزاً خلاّقاً تحرص عليه الدول ذات العراقة والشأو الحضاري الكبيرين. ومن هذه الدول ذات الحضارة الضاربة في الجذور من حضارات العالم؛ الصين. ويدرك العالم هذا الإرث الرصين، من ثقافة، وقيم ومنظومة خلقية وإنسانية عابرة للزمن وللقارات الذي تتمتّع بها الصين، وهذا الإرث يتضاعف، ويتمددّ ليسعى إلى تحقيق تواصل إنساني وحضاري مع كل الشعوب. هذا التواصل لا يخص الصين وحدها وإنما الأسرة الدولية، والشعوب جمعاء، إذ إن القيم والثقافة والحضارة، ومنتجاتها، ومخرجاتها، هي مطلب كل شعب ودولة.
فبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية مفهوم فطنت له الدول وتسعى من خلاله إلى مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه الإنسانية؛ وتبعاً لذلك حرص «المجتمع الدولي والإنساني المشترك» على تشكيل إجماع قيمي عالمي، يجمع بين معايير واختيارات قيمية مشتركة من خلفيات ثقافية متنوعة؛ غايته الإسهام في تحقيق تطور حضارة إنسانية مشتركة.
من هنا تبدو حالة التلاقي، والانسجام، والتقاطع بين المملكة والصين لتعزيز تواصلها الحضاري والثقافي مع التعاون المشترك في عدة مناحٍ منها السياسي والاقتصادي على حدّ سواء، وهو ما يعكس بجلاء النقلة النوعية المحورية، التي شهدتها العلاقات السعودية الصينية خاصة بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، والتي كانت نقطة تحول تعكس حرص القيادة في المملكة على تعزيز مكانتها الدولية وبناء شراكات مؤثرة؛ إذ مثّلت زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى بكين في عام 2019م خطوة راسخة في هذا الاتجاه، حيث رسّخت التعاون في إطار رؤية 2030 ومبادرة «الحزام والطريق» الصينية، مما أوجد آفاقاً جديدة للتعاون الثقافي والعلمي بين الجانبين.
وعلى الصعيد الثقافي، يبرز لنا دور اللجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى في تعزيز هذا الجانب، فقد شهدت العلاقات السعودية الصينية تعاوناً لافتاً في مجال الثقافة والتقنية باعتبارهما إحدى الركائز الأساسية لتعزيز التواصل الحضاري وتبادل المعرفة.
وتجسيداً لهذا التعاون، تم إدراج اللغة الصينية في المناهج التعليمية السعودية، ما يعكس إدراك المملكة لأهمية التقارب الثقافي والعلمي مع الصين. كما أن استقدام معلمين صينيين وبعثات سعودية لتعلم اللغة في الصين يعزز هذا الاندماج الثقافي ويُعِدّ لجيل جديد يساهم في تعزيز العلاقات الثنائية.
هذا التوجه السعودي نحو الصين يعكس رؤية شاملة تسعى لتعميق العلاقات مع القوى العالمية الكبرى، ليس في الجانب الاقتصادي والسياسي فقط، بل أيضاً في نشر الثقافة والمعرفة، وهو ما يتماشى مع جهود المملكة في توطيد مكانتها كجسر للتواصل الحضاري في العالم؛ في المقابل الصين تتحرّك ضمن أفق واسع من الوعي والانهمام الحضاري لتعزيز حضورها الثقافي الجميل والعريق مستلهمة قيمها الجوهرية العريقة.
الرياض