مريضة السكري.. هل يمكنها الحمل وولادة طفل طبيعي وسليم؟
مريضة السكري.. هل يمكنها الحمل وولادة طفل طبيعي وسليم؟
يمكن التحكم به من خلال العقاقير وبتغيير نمط الحياة والمحافظة على وزن صحي وممارسة التمارين
يمكن التحكم به من خلال العقاقير وبتغيير نمط الحياة والمحافظة على وزن صحي وممارسة التمارين
أ. د. محمد بن حسن عدار
من المشاكل الشائعة جداً في مجتمعنا هو ازدياد حالات مرض السكر وتشير بعض التقارير المحلية ان نسبة مرض السكر في بلادنا قد تصل الى حوالي 25% اي ربع عدد السكان. و قد ازداد الاهتمام الصحي بهذه المشكلة التي لا تنحصر على مجتمع دون الآخر بل هي مشكلة عالمية فقد اجريت العديد من الابحاث واقيمت العديد من الجمعيات الطبية المحلية والعالمية بالتوعية بمرض السكري وتوفير وسائل الوقاية والعلاج من هذا المرض. ولله الحمد ازدادت ثقافة المرضى بمخاطر المرض وازداد قبول المرضى للحمية الغذائية والنشاط الرياضي الحركي واستخدام العقاقير الطبية بانتظام والمتابعة الدورية للعيادات المختصة في هذا المجال.
ومرض السكر يحدث في النساء كما هو في الرجال وان كان ظهوره في النساء في مراحل مبكرة من العمر خصوصاً في مرحلة الانجاب وبالتالي ازدادت حالات سكر الحمل. ويعتبر سكر الحمل من اكثر المشاكل الطبية اثناء الحمل ويحمل العديد من المخاطر التي تزيد من حالات امراض الأم والجنين اذا لم يتم تدارك الامر مبكراً واستخدام العلاج بانتظام والمتابعة الدورية بانتظام اثناء الحمل. و داء السكري مرض يؤثر في تنظيم سكر الدم وهو المصدر الأهم لطاقة الجسم حيث تتحول الاغذية الى الغلوكوز وتمتص الى مجرى الدم بعد دقائق او ساعات والانسولين هو هرمون يفرز من البنكرياس و يساعد على دخول الغلوكوز الى خلايا الجسم لانتاج الطاقة او تخزينها. يضطرب هذا النظام لدى المصابين بالسكري فبدلاً من نقل الغلوكوز الى الخلايا فانه يتراكم في الدم وفي النهاية يطرح مع البول وبمرور الوقت ومع التعرض لمستويات عالية من الغلوكوز في الدم فان ذلك يضر بالاعصاب والكليتين والعينين والقلب وكذلك الاوعية الدموية وجهاز المناعة. يختلف نوعا الداء السكري الاساسين النمط الاول والنمط الثاني بشكل واضح. فالنمط الاول عندما ينتج البنكرياس كمية قليلة من الانسولين او عندما تكون العضلات والانسجة اقل استجابة للانسولين لذلك يجب حقن الانسولين يومياً. اما النمط الثاني فيظهر عندما لا ينتج الانسولين كمية كافية من الانسولين او تكون الكمية كافية ولكن تحدث عدم استجابة وتظهر الخلايا مقاومة لانسولين وترفض استقبالة ونتيجة لذلك يبقى السكر في مجرى الدم ويتراكم في الاوعية الدموية.
ويصيب مرض السكر في الولايات المتحدة اكثر من 16 مليون شخص ما بين بالغ وطفل ويظهر في اثناء الحمل لدى بعض السيدات قد يكون حالة مؤقتة تسمى السكري الحملي وهو يشبه النمط الثاني من السكري ولكنه في الغالب يختفي بنهاية الحمل وفي بعض الحالات ويستمر ويصبح النمط الثاني المزمن. ان خطر الاصابة بالنمط الثاني يزيد بتقدم العمر كما يترافق مع قصة عائلية للمرض وكذلك الوزن الزائد ونمط الحياة الكسول والشراهة في الاكل. ولا يوجد حالياً علاج للداء السكري وان كانت الابحاث مستمرة في عملية زراعة خلايا البنكرياس واستخدام الخلايا الجدعية لحل هذه المشكلة الكبيرة وننتظر في السنوات القليلة القادمة التوصل لعلاج ناجع بارادة الله تعالى. وفي الوقت الحاضر يمكن التحكم بسكر الدم بالعقاقير المناسبة وبتغيير نمط الحياة كالأكل المناسب والمحافظة على وزن صحي والقيام بالكثير من التمارين.
الحمل دون مضاعفات
اذا كانت المريضة مصابة بالداء السكري ولكن مستوى السكر مضبوط قبل الحمل وفي اثنائه فمن المرجح ان يكون الحمل دون مضاعفات وان يكون المولود بصحة جيدة. اما اذا كان مستوى السكر غير مضبوط فان خطورة اصابة الجنين بعيوب ولادية في الدماغ والحبل النخاعي والقلب والكليتين تكون اكبر كما ان خطر الاجهاض ووفيات الاجنة يكون اكبر وبشكل واضح. كما ان المتابعة الضعيفة للداء السكري تعرض الحامل لخطر ولادة طفل يزن اكثر من 4500 غرام او اكثر وذلك لانه عندما يكون سكر الدم مرتفعاً جداً فإن الطفل يستقبل كمية كبيرة من الغلوكوز اكثر من الطبيعي ولذلك ينتج كمية اضافية من الانسولين لتحطيم الغلوكوز بالاضافة الى ان هرمون الانسولين هرمون بناء فيزيد من نمو العضلات وتراكم الدهون وبالتالي الحصول على طفل اكبر من المعدل الطبيعي وتسمى تلك الحالة الطبية العملقة. وتعطي مراقبة نمو الطفل اثناء الحمل انذاراً عما اذا كان الطفل قد تأثر سلباً بسبب السكري. وبسبب خطورة وفيات الاجنة في هذه الحالات فان الولادة غالباً ما تحرض قبل بلوغ الاوان. ومع ذلك تظل الولادة المبكرة تحمل اخطاراً لأن اطفال الامهات المصابات بالسكري يكونون معرضين بشكل خاص للاصابة بمتلازمة الضائقة التنفسية واليرقان كما ان حدوث هبوط السكر لدا المواليد قد يؤدي الى مخاطر عديدة منها حدوث التشنجات والدخول في حالات فقدان الوعي مما يستوجب التدخل السريع باعطاء الغلوكوز عن طريق الوريد للموود. تزداد حاجات المرأة الحامل المصابة بالسكري للانسولين لان الهرمونات المفرزة من المشيمة تعيق الاستجابة الطبيعية للانسولين وقد تحتاج بعض النساء الى ضعفين او ثلاثة اضعاف الجرعة الاعتيادية من الانسولين للتحكم بسكر الدم لديهن. وغالبية النساء اللاتي يستعملن الانسولين او اللاتي يستعملن مضخة الانسولين قبل الحمل يحتجن الى جرعات يومية متعددة. كما يجب المحافظة على الحمية الغذائية المتوازنة اثناء الحمل للمساعدة بالتحكم بمستوى السكر. كما يجب الوقاية من الكثير من مضاعفات السكري في اثناء الحمل اذ يمكن ان يحدث الحامض الكيتوني عندما لاتوجد كمية كافية من الانسولين وتصبح الخلايا فقيرة جداً بالطاقة مما يجعل الجسم يقوم بتكسير الدهون منتجاً احماض سامة تدعى الكيتونات ومن المضاعفات ايضاً شذوذات العين الناجمة عن السكري ومنها اعتلال الشبكية والتي قد تسوء اثناء الخمل مما يستدعي علاجاً مكثفاً وفحوصاً متكررة مع انه يبدو ان ذلك التفاقم ناتج عن الضبظ السيء لسكر الدم وليس بسبب الحمل نفسه. كما ان الحوامل المصابات بالسكري والمشاكل الكلوية المتعلقة بالسكري الى مراقبة جيدة. اذ يمكن ان يصبن بارتفاع ضغط الدم وتدهور وظيفة الكليتين بالاضافة الى تعرض حياة الأم للخطر، كما ان هذه المضاعفات قد تضع الطفل تحت نسبة خطورة اكبر لحدوث عيوب ولادية وسوء نمو كما انه قد تحتاج الأم الى ولادة مبكرة. وقد تتعرض الأم الى زيادة السائل الامنيوسي وحدوث الولادة المبكرة والانفصال المشيمي كما ان خطورة النزف بعد الولادة والذي يعد حالة خطرة جداً من المشاكل التي تصاحب الحمل السكري. وبشكل عام تحتاج المريضة الى التعامل بدقة واهتمام وعدم اهمال حالتها الصحية لتفادي ما ذكر من مخاطر.
المصدر: صحيفة الرياض