• ×
admin

براكين المملكة.. ما بين الحقيقة والمبالغة

براكين المملكة.. ما بين الحقيقة والمبالغة

أ.د. محمد رشاد بن حسن مفتي

بحكم تخصُّصي في علم البراكين، وقد امتدَّت دراستي في هذا المجال لأكثر من ثلاثين عامًا، تابعتُ وقرأتُ -خلال السنوات الماضية- الكثير من المواد الإعلاميَّة التي تتناول البراكين في المملكة العربيَّة السعوديَّة.. ورغم أنَّ هذا جيدٌ، إلَّا أنَّ بعض التفسيرات تكون غير صحيحة، أو مبالغًا فيها؛ ممَّا لا يتماشى مع المنطق العلمي.

تمثِّل الحرَّات البركانيَّة في السعوديَّة ظاهرةً جيولوجيَّةً تمتدُّ عبر ملايين السِّنين.. هذه الحرَّات، التي تشكَّلت نتيجة لأنشطة بركانيَّة هادئة نسبيًّا، تحمل قصصًا عن تكوين الأرض. وتمتدُّ من جنوب المملكة إلى شمالها، وتتفاوت أعمارها، حيث تعود العديد منها إلى أزمنة جيولوجيَّة قديمة، ولكن هناك حرَّات حديثة تعود لعمر يتراوح بين 10 إلى 12 مليون عام.

من بين البراكين التاريخيَّة، يبرز البركان الذي ثار عام 654 هجري (1256 ميلادي)، والذي ترك أثرًا واضحًا في السجل التَّاريخي البركانيِّ للمملكة، هذا الحدث البركاني كان هادئًا نسبيًّا، مقارنةً بثورانات براكين أُخْرى؛ مثل ميرابي في إندونيسيا.

براكين السعودية والتي خمدت، وبعيداً عن المبالغات وبناء على الحقائق العلمية، كانت أقل قوة وشدة، مكونة براكين أصغر حجماً (مقارنة ببركان ميرابي مثلاً)، وغالباً ما تكون محلية التأثير. وفي كل حرة نجد براكين صغيرة تكونت على مدى فترات طويلة وخمدت وتوقف ثوراتها، والنشاط البركاني عادة ما يرتبط بفوهة واحدة أو أكثر، وتنفجر لمرة واحدة ولفترة زمنية قصيرة (بركان 654 هجري استمر لثلاثة أشهر تقريبا وبصورة متقطعة).

ورغم هدوء المشهد البركانيِّ، هناك استثناءات، مثل بركان جبل قدر، في حرَّة خيبر، والذي كان نسبيًّا أكثر قوَّة، وهو يقدِّم فرصةً لفهم أعمق للطبيعة البركانيَّة في المملكة.

في الختام، الحرَّات البركانيَّة في السعوديَّة تمثِّل جزءًا مهمًّا من التاريخ الجيولوجي للمملكة، وتوفِّر دروسًا قيمة للمختصِّين ولعامَّة النَّاس. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الدراسات الجيولوجيَّة في فهم تأثير النشاط البركاني على البيئة المحليَّة؛ ممَّا يعزِّز الوعي بأهميَّة الحفاظ على هذه المناطق، وتقدير دورها في تشكيل المناظر الطبيعيَّة، كما أنَّ البحث المستمر في هذا المجال، يمكن أنْ يفتح آفاقًا جديدةً لفهم التغيُّرات الجيولوجيَّة عبر الزَّمن.

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  9