ترامب جاب العيد!
ترامب جاب العيد!
خالد بن حمد المالك
يتميز الرئيس الأمريكي ترامب عن غيره من الرؤساء الأمريكيين على امتداد التاريخ أنه رجل مكشوف، ليس لديه ما يخفيه، ولا توجد عنده من الأسرار ما تقتضي المصلحة إخفاءها، بينما غيره من الرؤساء يخفي التآمر الأمريكي الاستعماري الظالم، فيما هو يقول كل شيء، ويبوح بما يغلفه غيره من الرؤساء بالدبلوماسية، وكتم الأسرار، والتنفيذ بهدوء، ودون إثارة الغبار.
* *
اعتدنا في ثقافتنا الشعبية حين يتحدث الإنسان بإفراط، ويكثر من الكلام، ويكون كلامه بلا ضوابط حين الإعلان عن أفكاره بأنه (جاب العيد!) والرئيس ترامب قابل رئيس الكيان الإسرائيلي وتحدث معه بانفلات وتهور، فانطبق عليه ما يُقال أنه جاب العيد!
* *
تصريحاته غير المسؤولة لم تقل بها حتى إسرائيل، ولم يسبقه إليها كل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وهي مناهضة للعدالة، والسلم العالمي، وحقوق الإنسان، والأعراف الدولية، وقرارات الشرعية الدولية، وهي اعتداء غير مشروع على حقوق شعب فلسطين، وتصفية قضيته، وحرمانه من العيش في أرضه، ومناصرة للعدوان عليه، ودعم إسرائيل في تهجيره، وأن البديل عن التهجير إبادته.
* *
ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي يدخل ضمن افتقاره للنظرة الإنسانية نحو شعب تحتل أرضه، وينكَّل به، ويُحرم من حقوقه، ويُزجُّ بالسجون الآلاف منه، بدعم أمريكي غير مسبوق، ولا مثيل له، منذ قيام الدولة الإسرائيلية، وإلى أن أصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فهو موقف أمريكي خارج سياق القوانين والقرارات الدولية المعتبرة، وخارج التفكير السوي في التعامل مع الصراعات والخلافات والحروب المزمنة.
* *
يقول ترامب بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة، وليس لدى الفلسطينيين من بديل سوى مغادرة القطاع وترحيلهم منه إلى مصر والأردن، وأنه يريد أن يمنح الفلسطينيين أملاً في حياة أفضل من حياتهم في غزة التي مزقتها الحرب، فيما الحقيقة أن ما أعلن عنه في تصريحاته المتهورة، إنما هو تطهير عرقي مكشوف، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية.
* *
نظرة الرئيس ترامب أن غزة غير صالحة للسكن بفعل الدمار الهائل، وأنه من الظلم بقاء الفلسطينيين فيها، بينما هناك فرصة لينعموا بالراحة والأمان في أماكن بعيدة عن غزة، فيما أنه يفكر بأن تقوم أمريكا بالسيطرة عليها، ومن ثم ضمها إلى إسرائيل، التي شبهها بحجم قلم من مساحة طاولة كبيرة، قاصداً بذلك وجاهة وحق إسرائيل بالتوسع، حتى ولو كان ذلك على حساب الأراضي الفلسطينية وأراضي الدول العربية المجاورة لإسرائيل.
* *
لقد فرح الإسرائيليون، وتباشروا، وتسارعوا إلى الترحيب بقرارات ترامب، ونعتوه بأفضل الأوصاف، واعتبروا أن ما قاله هو عين الحقيقة لإحلال السلام بالمنطقة، ونسوا أن في فلسطين رجالاً ونساءً لن يستطيع أحد - حتى أمريكا- اقتلاعهم من أراضيهم، وأن هناك ما يستعصي على الحل ما لم تكن هناك دولة فلسطينية.
* *
وقد تزامنت تصريحات الرئيس ترامب مع موقف مضاد من المملكة العربية السعودية تضمن رفض تهجير الفلسطينيين، وعدم التطبيع مع إسرائيل ما لم تكن هناك دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وتجريم كل ما فعلته إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، وهو موقف ثابت اعتدنا عليه من الرياض، وتعودناه من الملك سلمان وولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان.
* *
في بيان المملكة من الوضوح والشفافية والصراحة والالتزام بموقفها الثابت من القضية الفلسطينية ما ينسف أي تفكير بإجهاض مشروع الدولة الفلسطينية، أو يدعو إلى تهجير الفلسطينيين من ديارهم وأراضيهم، هذا الموقف السعودي الشجاع ينسجم مع الثوابت في السياسة السعودية، ويرسل رسالة واضحة ومباشرة لا عوج فيها بأن ملف القضية الفلسطينية ليس مجالَ تفاوض أو تنازلات أو مزايدات، أو موقف يكون ضد تصفية حقوق الفلسطينيين.
* *
موقف المملكة هذا سبق وأن أكد عليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمام مجلس الشورى، وخلال رئاسته للقمة العربية الإسلامية المشتركة، وعلى دول العالم المحبة للسلام اليوم وليس غداً السير على خطى المملكة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني، التي عبرت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة.
* *
في بيان المملكة موقف حازم لا يلين على أنها سوف تقف أمام أي محاولات للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسة الاستيطان الإسرائيلي، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، فليكن هذا هو موقف كل الدول العربية والإسلامية، والدول المحبة للسلام.
الجزيرة
خالد بن حمد المالك
يتميز الرئيس الأمريكي ترامب عن غيره من الرؤساء الأمريكيين على امتداد التاريخ أنه رجل مكشوف، ليس لديه ما يخفيه، ولا توجد عنده من الأسرار ما تقتضي المصلحة إخفاءها، بينما غيره من الرؤساء يخفي التآمر الأمريكي الاستعماري الظالم، فيما هو يقول كل شيء، ويبوح بما يغلفه غيره من الرؤساء بالدبلوماسية، وكتم الأسرار، والتنفيذ بهدوء، ودون إثارة الغبار.
* *
اعتدنا في ثقافتنا الشعبية حين يتحدث الإنسان بإفراط، ويكثر من الكلام، ويكون كلامه بلا ضوابط حين الإعلان عن أفكاره بأنه (جاب العيد!) والرئيس ترامب قابل رئيس الكيان الإسرائيلي وتحدث معه بانفلات وتهور، فانطبق عليه ما يُقال أنه جاب العيد!
* *
تصريحاته غير المسؤولة لم تقل بها حتى إسرائيل، ولم يسبقه إليها كل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وهي مناهضة للعدالة، والسلم العالمي، وحقوق الإنسان، والأعراف الدولية، وقرارات الشرعية الدولية، وهي اعتداء غير مشروع على حقوق شعب فلسطين، وتصفية قضيته، وحرمانه من العيش في أرضه، ومناصرة للعدوان عليه، ودعم إسرائيل في تهجيره، وأن البديل عن التهجير إبادته.
* *
ما أعلن عنه الرئيس الأمريكي يدخل ضمن افتقاره للنظرة الإنسانية نحو شعب تحتل أرضه، وينكَّل به، ويُحرم من حقوقه، ويُزجُّ بالسجون الآلاف منه، بدعم أمريكي غير مسبوق، ولا مثيل له، منذ قيام الدولة الإسرائيلية، وإلى أن أصبح ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فهو موقف أمريكي خارج سياق القوانين والقرارات الدولية المعتبرة، وخارج التفكير السوي في التعامل مع الصراعات والخلافات والحروب المزمنة.
* *
يقول ترامب بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة، وليس لدى الفلسطينيين من بديل سوى مغادرة القطاع وترحيلهم منه إلى مصر والأردن، وأنه يريد أن يمنح الفلسطينيين أملاً في حياة أفضل من حياتهم في غزة التي مزقتها الحرب، فيما الحقيقة أن ما أعلن عنه في تصريحاته المتهورة، إنما هو تطهير عرقي مكشوف، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية.
* *
نظرة الرئيس ترامب أن غزة غير صالحة للسكن بفعل الدمار الهائل، وأنه من الظلم بقاء الفلسطينيين فيها، بينما هناك فرصة لينعموا بالراحة والأمان في أماكن بعيدة عن غزة، فيما أنه يفكر بأن تقوم أمريكا بالسيطرة عليها، ومن ثم ضمها إلى إسرائيل، التي شبهها بحجم قلم من مساحة طاولة كبيرة، قاصداً بذلك وجاهة وحق إسرائيل بالتوسع، حتى ولو كان ذلك على حساب الأراضي الفلسطينية وأراضي الدول العربية المجاورة لإسرائيل.
* *
لقد فرح الإسرائيليون، وتباشروا، وتسارعوا إلى الترحيب بقرارات ترامب، ونعتوه بأفضل الأوصاف، واعتبروا أن ما قاله هو عين الحقيقة لإحلال السلام بالمنطقة، ونسوا أن في فلسطين رجالاً ونساءً لن يستطيع أحد - حتى أمريكا- اقتلاعهم من أراضيهم، وأن هناك ما يستعصي على الحل ما لم تكن هناك دولة فلسطينية.
* *
وقد تزامنت تصريحات الرئيس ترامب مع موقف مضاد من المملكة العربية السعودية تضمن رفض تهجير الفلسطينيين، وعدم التطبيع مع إسرائيل ما لم تكن هناك دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وتجريم كل ما فعلته إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، وهو موقف ثابت اعتدنا عليه من الرياض، وتعودناه من الملك سلمان وولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان.
* *
في بيان المملكة من الوضوح والشفافية والصراحة والالتزام بموقفها الثابت من القضية الفلسطينية ما ينسف أي تفكير بإجهاض مشروع الدولة الفلسطينية، أو يدعو إلى تهجير الفلسطينيين من ديارهم وأراضيهم، هذا الموقف السعودي الشجاع ينسجم مع الثوابت في السياسة السعودية، ويرسل رسالة واضحة ومباشرة لا عوج فيها بأن ملف القضية الفلسطينية ليس مجالَ تفاوض أو تنازلات أو مزايدات، أو موقف يكون ضد تصفية حقوق الفلسطينيين.
* *
موقف المملكة هذا سبق وأن أكد عليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمام مجلس الشورى، وخلال رئاسته للقمة العربية الإسلامية المشتركة، وعلى دول العالم المحبة للسلام اليوم وليس غداً السير على خطى المملكة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني، التي عبرت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة.
* *
في بيان المملكة موقف حازم لا يلين على أنها سوف تقف أمام أي محاولات للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسة الاستيطان الإسرائيلي، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، فليكن هذا هو موقف كل الدول العربية والإسلامية، والدول المحبة للسلام.
الجزيرة