• ×
admin

الصدقة سبب في حفظ النعم وزيادتها

الصدقة سبب في حفظ النعم وزيادتها

سلمان بن محمد العُمري

الصدقة من أعظم أسباب حفظ الله لعبده، ودفع البلاء عنه قبل وبعد وقوعه، ودفع مصارع السوء وميتة السوء؛ لذلك حثّ عليها الشارع الحكيم ولو بالقليل.

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنَّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}، فجعل الله جزاءهم أن حصل لهم الخير، واندفع عنهم الشر؛ لأنّهم عملوا عملاً خالصاً الله سالماً من المفسدات، وقال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: (صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزيدُ فِي الْعُمُرِ)،

وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوء)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ يَوْمِ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ، إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ، أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ، أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).

بل قد يكون القليل من المُقلِّ أعظم من الكثير من الغني، ويقول الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: (الصدقة تشرح الصدر وتفرح النفس وتدفع عن العبد من البلايا والأسقام شيئا كثيرا وهي أيضا تنمي المال المخرج منه وتحل فيه البركة).

ومن رُزِقَ حب الصدقة، والإنفاق على الفقراء، والمساكين، والمحتاجين، يكون منشرح الصدر، ومسرور الحال، يُرزق من حيث لا يحتسب، ولا فرق عنده زاد ماله أو نقص ذهبت الدنيا أو جاءت فيزهد فيها، والصدقة تحتاج إلى شجاعة، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:

فإن الصدقة من جنس القتال فالجبان يرجف والشجاع يثبت [مجمـوع الفتـاوى (95-14)].

والواجب على الإنسان ألا يزهد في شيء فعله من أعمال الخير طمعاً في رضا الله تعالى، لأنه بمثابة الرصيد المحفوظ لك عند رب العالمين.

وفعل الخير من أجلّ الأفعال التي يقوم بها الإنسان طوال حياته، والخير كلمة نسبية فما تعتبره أنت خيراً قد يعتبره البعض شيئاً آخر، وهذا واقع تبعاً للخلفية الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك لإنسان ما، ولذلك فإن خير ما تقوم به هذه الكلمة هو الرؤية الإسلامية للخير، وهي ليست نظرة بشر وإنما هي ما يريده رب العالمين-سبحانه وتعالى -فهو الذي يضع الحدود الفارقة والفاصلة بين الخير والشر، والمؤمن بطبعه فعّال للخير مريد له عامل لأجله.

وأعمال الخير كثيرة متعددة منها ما هو مادي ومعنوي وحسي ولفظي وغير ذلك، حتى كفاية شرك وغثاك عن الآخرين هو من أعمال الخير.

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

وحينما يتصدق الإنسان ابتغاء وجه الله فإن المولى عز وجل يضاعف ماله ويكرمه بالخير والإحسان والبركة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال» رواه مسلم، ويقول عليه الصلاة والسلام: «داووا مرضاكم بصدقه وحصنوا أموالكم بالزكاة».

تصدق رجل على فقير، فقال الفقير: الحمد لله الذي ساق إلي الرزق، وساق إليك الأجر.

وتلكم قاعدة العطاء لا فضل لأحد على أحد، والمنة والفضل لله وحده.

وأبواب الصدقة مفتوحة على الدوام، وبأشكال وأنواع مختلفة، وأينما وجهت نظرك فإنك لا بد أنك واجد بابًا للصدقة، وما أحلاه من باب عندما تلجه، ويسارك لا تعلم ما أنفقت يمينك، والصدقة من محاسن الإسلام، وهي ليست حكرًا على من يملك المال، بل هي عامة للجميع؛ فرسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: «كل معروف صدقة»، وهذا تعميم لا تعرفه حضارة أخرى غير الإسلام. «إن تبسمك في وجه أخيك صدقة»؛ فهل أكثر من ذلك؟ ورغم ذلك، وسهولة تحقيق الصدقة، فإنها ذات ثواب عظيم وكبير؛ يقول الله تعالى: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ).

لقد وعد الله تعالى عباده الصادقين والمتصدقين بأوفى الجزاء وأجزل العطاء يوم الحساب، والصدقة سبب في حفظ النعم وزيادتها.

نسأل الله العلي القدير أن نكون من أهل الجود والكرم ليتفضل علينا بجميل عطائه، وجميل كرمه.

الجزيرة
بواسطة : admin
 0  0  17