الشاعرة ثريا قابل
الشاعرة ثريا قابل
عبدالرحمن عربي المغربي
لا تملك إلَّا أنْ تثير الشجون لديك، وتعود بك إلى مساحة الذِّكريات، وذلك الماضي الجميل بحكاياتِهِ ورواياتِهِ الصَّادقة، التي تُشبه تحليقَ الفراشات حولَ الضُّوء.. في كل زيارة لتاريخيَّة جدَّة البديعة، كأنَّك ترى قوافل الحكايات والرِّوايات؛ التي نُسجت تفاصيلها البعيدة؛ لترسم لوحةَ جدَّة العتيقة، وهوائها المعجون بالتُّراث، وأبنائها الذين كانوا يلعبُون بين أزقَّتها المتعرِّجة، يكتبُون فوق جدرانها عبارات تؤرِّخ ذكرياتهم الطفوليَّة، وكأنَّهم يُخاطبُون الحنين البعيد في صورة قصَّة حُبٍّ لهذه المدينة.. بكلِّ كلمات الشُّكر، شكرًا لبرنامج «تاريخيَّة جدَّة» تحت مظلَّة وزارة الثقافة، للجهود الكبيرة، من أجل الحفاظ على التُّراث المعماريِّ والثقافيِّ، وإعادة إحياء المنطقة كمركزٍ حضاريٍّ وتاريخيٍّ.. في زيارتنا لجدَّة التاريخيَّة تذكَّرتُ الشَّاعرة ثريا قابل، وكنتُ قد كتبتُ مقالًا عنها، وقلتُ إنَّها وُلِدَت بين رواشين وحواري جدَّة التاريخيَّة، وكأنَّ صوت صرخاتها المتقطِّع -وقتها- كانت تحاول من خلاله أنْ تقول شيئًا ما.. كانت طفلةً بحضورها للدُّنيا، تعلَّمت المشي فوق سطح رخام أبجديَّة اللُّغة، لتقف على ناصية الكلمة التي أصبحت بعدها سيِّدتها الأُولَى، لقَّبها الأديبُ السعوديُّ الكبيرُ «محمد حسن عوَّاد» بخنساء القرن العشرين، وغنَّى لها أشهرُ الفنَّانين، بعد أنْ تجاوزت بموهبتها الشعريَّة المتميِّزة والفريدة كل العقبات، التي كانت تتعثَّر فيها المرأةُ في ذلك الوقت، فقد كانت تتجاوز المحاذير المجتمعيَّة بهدوءٍ؛ لأنَّها أرادت التحدِّي والمواجهة، ولذلك لم يصاحب حضورها ضجيجٌ، وكان لصوت موهبتها العبور الذي يمكن وصفه بتسلُّل خيوط الفجر إلى النوافذ العتيقة المنسدلة السَّتائر، واستطاعت أنْ تكون صوت المرأة السعوديَّة الحاضر بأناقة الكلمات، وإعادة الهيبة للمفردة الحجازيَّة الجميلة بكلماتها الغنائيَّة.. «حطني جوه بعيونك... وشوف الدنيا بي كيف»، والذي تغنَّى بها فنَّان العرب «محمد عبده». ويلاحظ جرأة الشَّاعرة التي نشرت باسمها الصَّريح، ولها كلمة تقول فيها: «الكتابة مسؤوليَّة مواجهة»، وأيضًا هي التي قالت المفردة الصَّعبة بمفردة بسيطة قريبة من قلب كلِّ إنسان، وارتبط اسمها بأقدم شوارع تاريخيَّة جدَّة (شارع قابل)، وأصدرت عام 1963م ديوانها الأوَّل «الأوزان الباكية» في بيروت، وهو أوَّل ديوان شعريٍّ نسائيٍّ في الأدب المحليِّ السعوديِّ الحديث، وقد حصلت الشَّاعرة «ثريا» على العديد من الجوائز عن استحقاق وجدارة.
المدينة
عبدالرحمن عربي المغربي
لا تملك إلَّا أنْ تثير الشجون لديك، وتعود بك إلى مساحة الذِّكريات، وذلك الماضي الجميل بحكاياتِهِ ورواياتِهِ الصَّادقة، التي تُشبه تحليقَ الفراشات حولَ الضُّوء.. في كل زيارة لتاريخيَّة جدَّة البديعة، كأنَّك ترى قوافل الحكايات والرِّوايات؛ التي نُسجت تفاصيلها البعيدة؛ لترسم لوحةَ جدَّة العتيقة، وهوائها المعجون بالتُّراث، وأبنائها الذين كانوا يلعبُون بين أزقَّتها المتعرِّجة، يكتبُون فوق جدرانها عبارات تؤرِّخ ذكرياتهم الطفوليَّة، وكأنَّهم يُخاطبُون الحنين البعيد في صورة قصَّة حُبٍّ لهذه المدينة.. بكلِّ كلمات الشُّكر، شكرًا لبرنامج «تاريخيَّة جدَّة» تحت مظلَّة وزارة الثقافة، للجهود الكبيرة، من أجل الحفاظ على التُّراث المعماريِّ والثقافيِّ، وإعادة إحياء المنطقة كمركزٍ حضاريٍّ وتاريخيٍّ.. في زيارتنا لجدَّة التاريخيَّة تذكَّرتُ الشَّاعرة ثريا قابل، وكنتُ قد كتبتُ مقالًا عنها، وقلتُ إنَّها وُلِدَت بين رواشين وحواري جدَّة التاريخيَّة، وكأنَّ صوت صرخاتها المتقطِّع -وقتها- كانت تحاول من خلاله أنْ تقول شيئًا ما.. كانت طفلةً بحضورها للدُّنيا، تعلَّمت المشي فوق سطح رخام أبجديَّة اللُّغة، لتقف على ناصية الكلمة التي أصبحت بعدها سيِّدتها الأُولَى، لقَّبها الأديبُ السعوديُّ الكبيرُ «محمد حسن عوَّاد» بخنساء القرن العشرين، وغنَّى لها أشهرُ الفنَّانين، بعد أنْ تجاوزت بموهبتها الشعريَّة المتميِّزة والفريدة كل العقبات، التي كانت تتعثَّر فيها المرأةُ في ذلك الوقت، فقد كانت تتجاوز المحاذير المجتمعيَّة بهدوءٍ؛ لأنَّها أرادت التحدِّي والمواجهة، ولذلك لم يصاحب حضورها ضجيجٌ، وكان لصوت موهبتها العبور الذي يمكن وصفه بتسلُّل خيوط الفجر إلى النوافذ العتيقة المنسدلة السَّتائر، واستطاعت أنْ تكون صوت المرأة السعوديَّة الحاضر بأناقة الكلمات، وإعادة الهيبة للمفردة الحجازيَّة الجميلة بكلماتها الغنائيَّة.. «حطني جوه بعيونك... وشوف الدنيا بي كيف»، والذي تغنَّى بها فنَّان العرب «محمد عبده». ويلاحظ جرأة الشَّاعرة التي نشرت باسمها الصَّريح، ولها كلمة تقول فيها: «الكتابة مسؤوليَّة مواجهة»، وأيضًا هي التي قالت المفردة الصَّعبة بمفردة بسيطة قريبة من قلب كلِّ إنسان، وارتبط اسمها بأقدم شوارع تاريخيَّة جدَّة (شارع قابل)، وأصدرت عام 1963م ديوانها الأوَّل «الأوزان الباكية» في بيروت، وهو أوَّل ديوان شعريٍّ نسائيٍّ في الأدب المحليِّ السعوديِّ الحديث، وقد حصلت الشَّاعرة «ثريا» على العديد من الجوائز عن استحقاق وجدارة.
المدينة