الطفولة التعيسة للطفل الأول تؤثر على الصحة النفسية للأشقاء
الطفولة التعيسة للطفل الأول تؤثر على الصحة النفسية للأشقاء
سوء المعاملة والتعنيف والإهمال في الصغر يفاقم المشاكل
د. هاني رمزي عوض
كشفت دراسة حديثة تُعدّ الأولى من نوعها نُشرت في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي في دورية «لانست» للصحة العامة The Lancet Public Health، عن احتمالية أن تلعب الظروف النفسية القاسية التي تحدث للطفل الأول في العائلة، دوراً مهماً في زيادة فرص الإصابة بالمشاكل النفسية لجميع الاشقاء لاحقاً؛ ما يشير إلى أهمية توفير الدعم النفسي المبكر للأطفال ليكون بمثابة الوقاية النفسية لجميع أفراد الأسرة.
سوء المعاملة والإهمال
أوضح الباحثون من جامعة «يونيفرسيتي كوليدج - لندن» البريطانية أن الأطفال الأبكار firstborns الذين مرُّوا بظروف نفسية صعبة، لديهم خطر أعلى بنسبة 71 في المائة لوجود أشقاء سوف يعانون مشاكل نفسية مختلفة، وذلك في دراسة تتبعت السجلات الصحية لـ333 ألفاً من الأمهات للمرة الأولى، و534 ألفاً من أطفالهن بما في ذلك كل من المواليد الأوائل (الأبكار) والأشقاء الذين وُلدوا في إنجلترا في الفترة بين عامي 2002 و2018.
تابع الباحثون الأمهات والأطفال لفترة طويلة بداية من فترة الحمل وحتى مرور 18 عاماً بعد الولادة وكان هدفهم الأساسي هو التأكد من وجود رابط بين تعرض المواليد الأوائل لتجارب سلبية في مرحلة الطفولة المبكرة (منذ الحمل وحتى سن عامين) وزيادة خطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية لاحقاً لدى الأشقاء من الأم نفسها.
ركزت الدراسة بشكل خاص على أنواع معينة من الظروف القاسية في مرحلة الطفولة لدى المواليد الأوائل، مثل سوء المعاملة للطفل، سواء بشكل مباشر بالاعتداء الفعلي البدني أو الجنسي، أو بشكل غير مباشر عن طريق التعنيف اللفظي والتنمر والإهمال، وأيضاً وجود عنف بين الزوجين (بدني أو معنوي). وكذلك «هل كانت الأم تتعاطى المواد المخدرة أو الكحوليات أو حبوباً معينة تؤثر على الاتزان النفسي؟»، وأيضاً تمت معرفة التاريخ المرضي للصحة النفسية للأمهات، كما دققت معلومات عن البيئة الأسرية للطفل وهل كانت سلبية من عدمه مثل إجرام الوالدين والتشرد.
ووجدت الدراسة أن نحو 20 في المائة من الأمهات المشاركات في الدراسة لديهن طفل واحد على الأقل يعاني مشكلة في الصحة النفسية، و1.7 في المائة من الأمهات لديهن طفلان أو أكثر يعانون مشاكل نفسية وتتراوح أعمارهم بين خمس سنوات و18 سنة. وبالنسبة للأطفال الأبكار كان لدى نحو 37 في المائة منهم تجربة سلبية واحدة على الأقل في مرحلة الطفولة، و10 في المائة تقريباً كان لديهم تجربتان سلبيتان على الأقل خلال أول ثلاثة أعوام من حياتهم.
أظهرت الدراسة أيضاً ارتفاع عدد حالات الذهاب لقسم الطوارئ في المستشفيات في العائلات التي عانى فيها المولود الأول الظروف النفسية السلبية بنسبة 50 في المائة تقريباً لأي سبب من الأسباب الطبية، سواء لسبب نفسي أو لسبب عضوي، وكذلك تضاعف عدد الزيارات المتعلقة بالصحة العقلية بالمقارنة بالعائلات العادية.
وقال الباحثون إن السبب في ارتباط زيادة خطر الإصابة بالمشاكل النفسية في الأشقاء لم يكن واضحاً تماماً، ولكن ربما يكون بسبب تأثير الظروف النفسية السيئة للأخ الأكبر. وكانت أكثر المصاعب النفسية شيوعاً في مرحلة الطفولة هي وجود أم تعاني اضطراباً نفسياً تليها البيئات الأسرية السلبية.
التعرض للمشاكل العقلية
ولاحظوا أن الأمهات اللاتي تعرَّض أطفالهن الأوائل لتجارب سلبية في مرحلة الطفولة لديهن خطر بنسبة 71 في المائة لزيادة تعرض بقية الأشقاء لمشاكل في الصحة النفسية والعقلية أيضاً مقارنة بالأمهات اللاتي لم يتعرض أطفالهن الأوائل لتجارب سلبية.
وبينما ركزت الدراسات السابقة على تأثير التجارب السلبية في مرحلة الطفولة على الطفل نفسه، تكشف هذه الدراسة عن مخاطر صحية تمتد إلى جميع أفراد الأسرة والأشقاء على وجه التحديد. لذلك؛ يجب التعامل مع المشاكل النفسية للطفل الأول باهتمام كبير لحماية بقية الأشقاء، خصوصاً إذا كانت هناك عوامل عدة لزيادة الخطورة؛ لأنه كلما زادت هذه العوامل (مثل حالة الأم النفسية السيئة وإدمانها مواد مخدرة ووجود بيئة سلبية) زادت نسبة احتمالية إصابة بقية الأشقاء.
ونصحت الدراسة بضرورة عمل مسح للأسر التي يوجد بها أطفال يواجهون تحديات نفسية كبيرة، مثل الأطفال الذين يتعرضون للعنف سواء داخل المنزل أو خارجه من خلال تواجدهم في بيئة خطيرة في المدرسة أو الجوار، خصوصاً إذا كانت المنطقة السكنية التي تقطن فيها الأسرة معروفة بالعنف والسلوكيات الضارة مثل انتشار المخدرات. وقال الباحثون إن توفير الدعم النفسي لهذه الأسر يكون بمثابة عمل وقاية نفسية للأشقاء.
وحذَّرت الدراسة من خطورة عدم التعامل بالاهتمام الكافي مع المشاكل النفسية للأطفال في سنوات الطفولة المبكرة (ما قبل المدرسة) لفرضية أن الأطفال ليس لديهم الوعي الكافي لإدراك المشاكل النفسية للآباء. وقال الباحثون إن الأفراد القائمين على رعاية الطفل، سواء في المنزل أو المدرسة يجب أن يلفت نظرهم بعض الأمور التي تشير إلى تدني الحالة النفسية للطفل ومحاولة عرضه على طبيب نفسي أو اختصاصي لعلاجه.
أما العلامات التي تشير إلى تراجع الصحة النفسية للطفل في مرحلة ما قبل الدراسة، فتشمل:
- الشعور الدائم بالخجل أو الانعزال
- عدم المشاركة في الأنشطة المدرسية المختلفة
- عدم اللعب مع الأطفال الآخرين
- عدم القدرة على التأقلم أو التعايش مع الأقران
- التصرف بشكل عدواني وحدوث نوبات غضب باستمرار من أبسط الأمور
- عدم الاهتمام بأي شيء جديد
- مشاكل في النوم وكوابيس.
الشرق الأوسط
سوء المعاملة والتعنيف والإهمال في الصغر يفاقم المشاكل
د. هاني رمزي عوض
كشفت دراسة حديثة تُعدّ الأولى من نوعها نُشرت في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي في دورية «لانست» للصحة العامة The Lancet Public Health، عن احتمالية أن تلعب الظروف النفسية القاسية التي تحدث للطفل الأول في العائلة، دوراً مهماً في زيادة فرص الإصابة بالمشاكل النفسية لجميع الاشقاء لاحقاً؛ ما يشير إلى أهمية توفير الدعم النفسي المبكر للأطفال ليكون بمثابة الوقاية النفسية لجميع أفراد الأسرة.
سوء المعاملة والإهمال
أوضح الباحثون من جامعة «يونيفرسيتي كوليدج - لندن» البريطانية أن الأطفال الأبكار firstborns الذين مرُّوا بظروف نفسية صعبة، لديهم خطر أعلى بنسبة 71 في المائة لوجود أشقاء سوف يعانون مشاكل نفسية مختلفة، وذلك في دراسة تتبعت السجلات الصحية لـ333 ألفاً من الأمهات للمرة الأولى، و534 ألفاً من أطفالهن بما في ذلك كل من المواليد الأوائل (الأبكار) والأشقاء الذين وُلدوا في إنجلترا في الفترة بين عامي 2002 و2018.
تابع الباحثون الأمهات والأطفال لفترة طويلة بداية من فترة الحمل وحتى مرور 18 عاماً بعد الولادة وكان هدفهم الأساسي هو التأكد من وجود رابط بين تعرض المواليد الأوائل لتجارب سلبية في مرحلة الطفولة المبكرة (منذ الحمل وحتى سن عامين) وزيادة خطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية لاحقاً لدى الأشقاء من الأم نفسها.
ركزت الدراسة بشكل خاص على أنواع معينة من الظروف القاسية في مرحلة الطفولة لدى المواليد الأوائل، مثل سوء المعاملة للطفل، سواء بشكل مباشر بالاعتداء الفعلي البدني أو الجنسي، أو بشكل غير مباشر عن طريق التعنيف اللفظي والتنمر والإهمال، وأيضاً وجود عنف بين الزوجين (بدني أو معنوي). وكذلك «هل كانت الأم تتعاطى المواد المخدرة أو الكحوليات أو حبوباً معينة تؤثر على الاتزان النفسي؟»، وأيضاً تمت معرفة التاريخ المرضي للصحة النفسية للأمهات، كما دققت معلومات عن البيئة الأسرية للطفل وهل كانت سلبية من عدمه مثل إجرام الوالدين والتشرد.
ووجدت الدراسة أن نحو 20 في المائة من الأمهات المشاركات في الدراسة لديهن طفل واحد على الأقل يعاني مشكلة في الصحة النفسية، و1.7 في المائة من الأمهات لديهن طفلان أو أكثر يعانون مشاكل نفسية وتتراوح أعمارهم بين خمس سنوات و18 سنة. وبالنسبة للأطفال الأبكار كان لدى نحو 37 في المائة منهم تجربة سلبية واحدة على الأقل في مرحلة الطفولة، و10 في المائة تقريباً كان لديهم تجربتان سلبيتان على الأقل خلال أول ثلاثة أعوام من حياتهم.
أظهرت الدراسة أيضاً ارتفاع عدد حالات الذهاب لقسم الطوارئ في المستشفيات في العائلات التي عانى فيها المولود الأول الظروف النفسية السلبية بنسبة 50 في المائة تقريباً لأي سبب من الأسباب الطبية، سواء لسبب نفسي أو لسبب عضوي، وكذلك تضاعف عدد الزيارات المتعلقة بالصحة العقلية بالمقارنة بالعائلات العادية.
وقال الباحثون إن السبب في ارتباط زيادة خطر الإصابة بالمشاكل النفسية في الأشقاء لم يكن واضحاً تماماً، ولكن ربما يكون بسبب تأثير الظروف النفسية السيئة للأخ الأكبر. وكانت أكثر المصاعب النفسية شيوعاً في مرحلة الطفولة هي وجود أم تعاني اضطراباً نفسياً تليها البيئات الأسرية السلبية.
التعرض للمشاكل العقلية
ولاحظوا أن الأمهات اللاتي تعرَّض أطفالهن الأوائل لتجارب سلبية في مرحلة الطفولة لديهن خطر بنسبة 71 في المائة لزيادة تعرض بقية الأشقاء لمشاكل في الصحة النفسية والعقلية أيضاً مقارنة بالأمهات اللاتي لم يتعرض أطفالهن الأوائل لتجارب سلبية.
وبينما ركزت الدراسات السابقة على تأثير التجارب السلبية في مرحلة الطفولة على الطفل نفسه، تكشف هذه الدراسة عن مخاطر صحية تمتد إلى جميع أفراد الأسرة والأشقاء على وجه التحديد. لذلك؛ يجب التعامل مع المشاكل النفسية للطفل الأول باهتمام كبير لحماية بقية الأشقاء، خصوصاً إذا كانت هناك عوامل عدة لزيادة الخطورة؛ لأنه كلما زادت هذه العوامل (مثل حالة الأم النفسية السيئة وإدمانها مواد مخدرة ووجود بيئة سلبية) زادت نسبة احتمالية إصابة بقية الأشقاء.
ونصحت الدراسة بضرورة عمل مسح للأسر التي يوجد بها أطفال يواجهون تحديات نفسية كبيرة، مثل الأطفال الذين يتعرضون للعنف سواء داخل المنزل أو خارجه من خلال تواجدهم في بيئة خطيرة في المدرسة أو الجوار، خصوصاً إذا كانت المنطقة السكنية التي تقطن فيها الأسرة معروفة بالعنف والسلوكيات الضارة مثل انتشار المخدرات. وقال الباحثون إن توفير الدعم النفسي لهذه الأسر يكون بمثابة عمل وقاية نفسية للأشقاء.
وحذَّرت الدراسة من خطورة عدم التعامل بالاهتمام الكافي مع المشاكل النفسية للأطفال في سنوات الطفولة المبكرة (ما قبل المدرسة) لفرضية أن الأطفال ليس لديهم الوعي الكافي لإدراك المشاكل النفسية للآباء. وقال الباحثون إن الأفراد القائمين على رعاية الطفل، سواء في المنزل أو المدرسة يجب أن يلفت نظرهم بعض الأمور التي تشير إلى تدني الحالة النفسية للطفل ومحاولة عرضه على طبيب نفسي أو اختصاصي لعلاجه.
أما العلامات التي تشير إلى تراجع الصحة النفسية للطفل في مرحلة ما قبل الدراسة، فتشمل:
- الشعور الدائم بالخجل أو الانعزال
- عدم المشاركة في الأنشطة المدرسية المختلفة
- عدم اللعب مع الأطفال الآخرين
- عدم القدرة على التأقلم أو التعايش مع الأقران
- التصرف بشكل عدواني وحدوث نوبات غضب باستمرار من أبسط الأمور
- عدم الاهتمام بأي شيء جديد
- مشاكل في النوم وكوابيس.
الشرق الأوسط