• ×
admin

قوّتنا اللوجستية

قوّتنا اللوجستية

عبدالله الحسني

حين أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- وعده بأن يجعل من بلادنا نموذجاً رائداً، تولّى سمو ولي العهد ترجمة هذا الطموح إلى واقع، مستنداً إلى رؤية استشرافية تدرك أن المملكة، بموقعها الاستراتيجي الفريد بين ثلاث قارات، تمتلك ممكنات استثنائية ينبغي استثمارها. بفطنته وبُعد نظره، أعاد صياغة دور المملكة على الخارطة العالمية، مُحوّلاً موقعها الجغرافي من ميزة كامنة إلى قوة فاعلة في الاقتصاد والتجارة والثقافة، ما عزز مكانتها كجسرٍ بين الشرق والغرب ومحورٍ حيوي في التوازنات الدولية.

اليوم تشهد بلادنا قفزات مذهلة على جميع المستويات، من ضمنها تحوّلات هيكلية أعادت موقعة مُقدّراتنا، ورسمت خارطة طريق وضعت المملكة على قائمة مراكز عالمية عززت موقعها التنافسي.

ومن أبرز تلك التحولات الهيكلية، ما تقوده وزارة النقل والخدمات اللوجستية، حيث تبرز السعودية اليوم كقوة لوجستية عالمية، محققة قفزات نوعية في البنية التحتية للنقل، ومستقطبةً كبرى الشركات العالمية، مما يعكس مدى نجاح الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية التي أطلقها سمو ولي العهد عام 2021، والتي رسمت خارطة طريق واضحة لتعزيز تنافسية المملكة كمركز لوجستي عالمي.

ففي نقلة نوعية في المؤشر اللوجستي للبنك الدولي، حققت المملكة موقعاً متقدماً بـ17 مرتبة، ونجحت في استقطاب شركات عملاقة، إضافة إلى إطلاق 23 مركزاً لوجستياً في مختلف المناطق، بما في ذلك المنطقة اللوجستية المتكاملة بمطار الرياض، ما عزز موقعها كبوابة رئيسة للتجارة العالمية.

وما يعزز هذا التحول المذهل هو نجاح أثبتت بلادنا –ووفقاً لأرقام وإحصاءات دقيقة- قوتها وصلابة بنيتها التحتية في مواجهة الأزمات الدولية وكذلك قدرتها على التأقلم؛ إذ لم تتأثر الواردات والصادرات بأزمة البحر الأحمر، بل سجلت ارتفاعًا بنسبة 9 % عبر الموانئ و30 % في الشحن الجوي، ما يعكس كفاءة التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات.

كما حقق قطاع الطيران السعودي قفزات هائلة، ارتفع معها عدد الوجهات الدولية من 99 إلى 172 وجهة، ما جعل المملكة إحدى أسرع الدول نموًا في الربط الجوي عالميًا.

الشحن الجوي أيضًا سجل نموًا غير مسبوق بلغ 34 %، متجاوزًا 1.2 مليون طن سنويًا، ما يعزز مكانة المملكة كمركز رئيس لنقل البضائع عالميًا.

وفي مجال النقل السككي، ارتفعت أطوال السكك الحديدية إلى 5,249 كم، مع نقل أكثر من 28 مليون طن من البضائع والمعادن، وإطلاق خط سكة الحديد الدمام – الجبيل، ما أسهم في حماية أصول شبكة الطرق وتعزيز كفاءة النقل البري.

كذلك الموانئ السعودية عززت مكانتها الدولية، حيث ارتفعت نسبة استخدام الموانئ من 50 % إلى 64 %، وتم تصنيف ثلاثة موانئ سعودية ضمن قائمة أكبر 100 ميناء عالميًا وفق تصنيف لويدز 2024، كما شهدت زيادة بنسبة 60 % في تلبية الطلب المحلي على السفن التجارية مقارنة بعام 2019.

وعلى صعيد الطرق، حازت المملكة على المركز الأول عالميًا في مؤشر ترابط الطرق، كما تقدمت إلى المرتبة الرابعة في جودة البنية التحتية بين دول مجموعة العشرين. كل تلك الأرقام والإحصاءات وكذا الإنجازات انعكست بشكل مباشر على سوق العمل، حيث تضاعف عدد العاملين في قطاع النقل والخدمات اللوجستية ليصل إلى 593 ألف موظف في 2024 مقارنة بـ241 ألفًا في 2019. كما تضاعفت مشاركة المرأة في القطاع لتصل إلى 30 % من إجمالي العاملين السعوديين، مما يعكس نجاح خطط التوطين والتمكين.

كل هذه الإنجازات تشكل جزءًا من رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى جعل السعودية مركزًا عالميًا للخدمات اللوجستية والنقل، ليس لدعم النمو الاقتصادي فقط، بل لتعزيز التنمية المستدامة أيضاً.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  5