حمل التوأم وكيفية العناية به
حمل التوأم وكيفية العناية به
د. سعد الدين قناوي
الحمل بالتوأم فرحة للأم والأب ولأفراد الأسرة، لكن تلك الفرحة تحتاج -كي تتم بأبهى حلة- إلى عناية خاصة للأم الحامل ولجنينها طوال مراحل الحمل و خلال الولادة وما بعدها.
ومراجعة موضوع الحمل بالتوأم لا تهم فقط من يحصل لها ذلك الحدث السعيد، بل ثمة جوانب طبية عدة في الأمر تهم النساء عموما، خاصة في ما يتعلق بأسباب الحمل بالتوأم وآليات ذلك وكيفية العناية الطبية بالأمر برمته.
ودعونا الآن نسأل لماذا يحصل الحمل بالتوأم؟ ويجيب عن هذا السؤال د. سعد الدين قناوي (أمراض النساء والتوليد مراكز د. سمير عباس الطبية) فيقول: إنه بخلاف حالات تناول المرأة لهرمونات تحث على حصول الحمل، ضمن معالجات حالات العقم، يتساءل كثير من الباحثين حول أسباب تلك الارتفاعات الملحوظة في معدل الحمل بالتوأم أو أكثر. وأكبر سببين تم التأكد منهما حتى اليوم هما تقدم عمر المرأة أثناء الحمل و الوراثة.
وتشير المصادر الطبية إلى أن تأخير المرأة لحملها إلى ما بعد سن الثلاثين، تصحبه تغيرات في وتيرة إنتاج جسمها للهرمونات الأنثوية، ما قد يؤدي إلى إنتاج المبيض لأكثر من بويضة ناضجة وجاهزة للتلقيح في قنوات الرحم.
كما أن تقدم المرأة في العمر، وتدني فرص حملها بالأصل، يدفعها نحو طلب المعالجة الطبية المتضمنة تناول هرمونات تحث على ضمان إنتاج أكثر من بويضة جاهزة للتلقيح. وهذا ما يرفع من معدلات الحمل بأكثر من جنين بين أولئك النسوة. وكذلك الحال مع التلقيح الصناعي خارج الرحم، الذي يتضمن تلقيح أكثر من بويضة و زراعتها في الرحم على أمل أن تنجح إحداها في الإلتصاق بجدار الرحم وتكوين الجنين.
كما أن للتغذية والبيئة دورا في هذا ،وكانت دراسات طبية أخرى قد أضافت عاملا آخر هو نوعية مكونات الغذاء في ارتفاع احتمالات الحمل بالتوأم. و فيها لاحظ الباحثون من أوروبا والولايات المتحدة أن تناول اللحوم ومشتقات الألبان يرفع من احتمالات الحمل بالتوأم مقارنة ذلك بتغذية النسوة النباتيات.
وهناك من يطرح دور التلوث البيئي في حصول إضطرابات هرمونية لدى المرأة، ما يسهل تكوين أكثر من بويضة ناضجة، و بالتالي تلقيحها وحصول تعدد للأجنة في الحمل الواحد.
ويعلل بعض الباحثين ارتفاع معدلات الحمل بالتوأم بين الأفريقيات مقارنة بالآسيويات، بأنه نتيجة للارتفاع النسبي في معدلات الهرمون الشبيه بالأنسولين لدى الأفريقيات.
أما عن طرق تشخيص الحمل بتوأم فيقول د. سعد الدين قناوي: إنه توجد عدة طرق ومنها، أنه ربما تشعر المرأة بأنها حامل بالتوأم، خاصة حينما يكون أول حمل لها، نظرا لاعتقادها أن الزيادة في حجم الرحم و انتفاخ البطن هما دلالة على وجود حمل بأكثر من جنين ،لكن قد تثبت الفحوصات خطأ ذلك. حيث إنه ثمة حالات تصاحبها إما زيادة حجم الجنين، كمرضى سكري الحمل، أو زيادة في حجم السائل الأمينوسي. وكلاهما قد يعطيان إحساسا خاطئا للأم بأنها حامل بالتوأم. ولذا لا يمكن الاعتماد على مقدار حجم الرحم في توقع الحمل بالتوأم.
والوسيلة الأدق في تشخيص الحمل هي بفحص الأشعة فوق الصوتية للرحم. وربما يمكن الاعتماد على وجود رصد نبضتين مختلفتين لقلب الجنين.
ويضيف د. سعد الدين: إنه لمعرفة كيفية حصول الحمل بالتوأم ينبغي أن نعرف أنه حينما يتم تلقيح البويضة بالحيوان المنوي في قناة فالوب بالرحم، فإن البويضة الملقحة تنزل إلى الرحم، كي تلتصق بجداره لينمو الجنين. و في هذه الرحلة يتكون التوأم عادة، إما بتلقيح حيوانين منويين مختلفين لبويضتين مختلفتين، كما هو في الغالب، و يتكون بالتالي منهما جنينان منفصلان و غير متشابهين. و يحمل كل من هذين الجنينين صفات وراثية مختلفة عن بعضهما البعض و فصيلة دم إما مختلفة أو متطابقة. و يسمى توأم أخوي غير متطابق Fraternal twins. و لذا قد يكونان ولدين أو بنتين أو ولدا و بنتا. أما حينما يتم تلقيح حيوان منوي واحد لبويضة واحدة، و إنقسامها لاحقا إلى بويضتين ملقحتين ، فإن كل بويضة تأخذ مسارا طبيعيا للنمو و بالتالي تكوين جنينين مستقلين، لكنهما متشابهان و متطابقان Identical twins ، و يحملان نفس الصفات الوراثية و فصيلة الدم. ولذا سيكونان إما ولدين أو بنتين. و بعد التصاق كل جنين من التوأم على جدار الرحم و البدء في النمو، فإنهما، في حال التوأم المتشابه، يشتركان في تلقيهما للغذاء من الأم عبر مشيمة واحدة، وقد يُغلِّف كلاً منهما ويحميه كيسٌ مستقل ،وقد يشتركان في نفس الكيس ،حيث تزيد نسب حدوث المضاعفات في مثل هذه الحالات ، وقد يتأخر إنقسام الخلايا أي التوأم بحيث يكون الطفلان ملتصقين في أحد أجزاء الجسم مثل إلتصاق الرأسين أو المقعدتين أو جدار البطن . أما التوأم غير المتشابه، أي الناتج عن بويضتين مختلفتين و حيوانين منويين مختلفين، فإنهما لا يشتركان في تلقي الغذاء من الأم عبر مشيمة واحدة، بل لكل واحد منهما مشيمة مستقلة ملتصقة على جدار الرحم، و في منطقتين مختلفتين منه. و لذا سيكون لكل واحد منهما كيس أمينوسي مستقل يسبح و ينمو داخل السائل الشفاف فيه.
أما عن طرق الاهتمام بحمل التوأم فسنستكمل الحديث عنه الأسبوع القادم إن شاء الله.
صحيفة اليوم