• ×
admin

مستقبل العالم.. العوامل الستة الحاسمة

مستقبل العالم.. العوامل الستة الحاسمة

د. فايز بن عبدالله الشهري

تتداخل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية مع قضايا الأمن وآمال السلام لتشكل الاتجاهات المستقبلية للسياسة العالمية، ضمن شبكة معقدة ستحدد مسار العلاقات الدولية والاستقرار العالمي. ويمكن إيجاز أبرز هذه العوامل في ست قضايا رئيسة:

أولاً: التنافسات الجيوسياسية التي تتصدر المشهد اليوم بين الولايات المتحدة والصين وروسيا. وبسبب تعقيدات علاقات هذه القوى في "بحر الصين الجنوبي"، والحرب "الروسية - الأوكرانية"، والمخاوف حول "تايوان"، بلغ الإنفاق العسكري العالمي 2.46 تريليون دولار في عام 2024، وفقًا لـ"المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية". وهذه التنافسات ربما تعزز تحالفات مثل "أوكوس" و"كواد"، لكنها ستثير تساؤلات حول وحدة "الناتو". اقتصاديًا، عززت الحرب في أوكرانيا اعتماد أوروبا -اليوم- على الغاز الأميركي المسال منذ 2022، مما دعم صادرات الطاقة الأميركية لكنه أثقل اقتصادات أوروبا. ومن جهة أخرى تشير تقديرات إلى أن الحروب التجارية الأميركية - الصينية قد تكلف الاقتصاد العالمي 1.4 تريليون دولار خلال خمس سنوات إذا استمر التصعيد.

ثانيًا: التصدع التدريجي للنظام العالمي وإسهامه في ازدياد الصراعات والإرهاب والحركات الانفصالية. ففي إفريقيا مثلًا، تسببت جماعات متطرفة في "جنوب الصحراء"، مثل "بوكو حرام" وفروع "داعش"، في نزوح 2.5 مليون شخص في عام 2024، مستغلة الفقر والفساد والتناقضات العرقية، وضعف الحكومات. كما سيغذي النظام العالمي المنقسم، التمرد والحركات الانفصالية كما هو الحال في "كتالونيا" و"تيغراي"، وما تضيفه "مجموعة فاغنر" في السودان ومالي تعقيدات إضافية.

ثالثًا: عدم المساواة الاقتصادية والذي سيغذي مزيدًا من الاضطرابات وينشط الشعبوية والتطرف. وحيث يمتلك 10 % من سكان العالم 76 % من الثروة، فإن هذا سيجعل شعارات المساواة خطابًا شعبويًا رائجًا. كما ستساهم اضطرابات سلاسل التوريد في التأثير على الأمن الغذائي، لتؤثر على معيشة ملايين الناس. وتأتي مسألة رقم الهجرة الدولية الذي ارتفع إلى 304 ملايين شخص في 2024، وفقًا لـ"شعبة السكان" التابعة للأمم المتحدة، مقارنة بـ281 مليون في عام 2020. وستستغل الجماعات المتطرفة هذه الأوضاع لتجنيد الشباب، كما ستستفيد منها الأحزاب اليمينية الغربية لاستقطاب المزيد من الأنصار الساخطين.

رابعًا: تنامي المشاعر القومية ونمو الأيديولوجيات اليمينية في الغرب والذي سيعيد تشكيل المشهد السياسي. على سبيل المثال حقق "التجمع الوطني" في فرنسا و"إخوة إيطاليا" مكاسب برلمانية في عام 2024، مستفيدين من معاداة المهاجرين والعولمة. كما عزز "حزب بهاراتيا جاناتا" في الهند سلطته بشعارات القومية الهندوسية، واستعاد حلفاء "جاير بولسونارو" في البرازيل نفوذهم. وهذه المقدمات أسهمت مع غيرها في تراجع الديمقراطية في 74 دولة في عام 2024، وفق "مؤشر الديمقراطية" لـ"وحدة الإيكونيميست للمعلومات".

خامسًا: تغير المناخ وما سيشكله من تهديدات سياسية وأمنية مذكيًا النزاعات مع استفحال ندرة الموارد. ويتوقع "البنك الدولي" نزوح ملايين الأشخاص بحلول عام 2050 جراء الفيضانات، والجفاف، وموجات الحر. وهذا كلة سيزيد من أزمات اللجوء، والصراعات الإقليمية، والتنافس على المياه والأراضي، وتهديد الاستقرار العالمي.

سادسًا: التطورات التكنولوجية، خاصة الذكاء الاصطناعي، والتي ستشكل قوة محورية ستعيد ترتيب القوى العالمية، وتعريف التفوق الاقتصادي والعسكري. ويتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بـ15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بعد خمس سنوات. ويحذر "مجلس الأمن القومي الأميركي" من أن الصراع على الهيمنة التكنولوجية قد يؤدي إلى صراعات سيبرانية عالمية، وبالتالي إعادة تشكيل مفهوم السيادة الرقمية والأمن السيبراني بحلول عام 2035.

قال ومضى:
وحدهم النبلاء يحفظون المودة.. في الرخاء وحين الشدة.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  6