80% من الرجال بعد السبعين يعانون من تضخم البروستاتا الحميد
80% من الرجال بعد السبعين يعانون من تضخم البروستاتا الحميد
الأعراض البولية المزعجة والمشاكل الجنسية قد تسببان لهم الارتباك والقلق
الأعراض البولية المزعجة والمشاكل الجنسية قد تسببان لهم الارتباك والقلق
د. صالح بن صالح
تطرقت في العدد الماضي الى النوع الاول من اضطرابات البروستاتا وهو التهابات البروستاتا وبالخصوص الالتهابات المزمنة وفي هذا العدد اتطرق للنوع الثاني من هذه الاضطرابات وهو تضخم البروستاتا الحميد.
تضخم البروستاتا الحميد يشير الى زيادة في عدد خلاياها مع نمو في حجمها وهو مرض يصيب الملايين من الرجال المسنين الذين تجاوزوا 50 سنة من العمر في كل انحاء العالم لا سيما ان العديد من الدراسات الوبائية والتشريحية اظهرت ان حوالي 50٪ من الرجال في سن الخمسين وحوالي 60٪ منهم في سن الستين وحوالي 80٪ من الذين تجاوزوا 70 سنة من العمر مصابون بتضخم الغدة الحميد. ومن المهم التفريق بين تضخم البروستاتا الحميد والتضخم السرطاني لان الاعراض البولية قد تتشابه الى حد كبير بين المرضين لكن طرق العلاج والتأثيرات المستقبلية لتطور المرض مختلفة وسأتطرق بعون الله في العدد القادم لهذا الصنف الاخير بشيء من التفصيل.
واما بالنسبة الى الاعراض البولية التي تترابط مع التضخم الحميد وابرزها تباطؤ سرعة البول مع تقطيعه والضغط لافراغ المثانة والتريث لمدة طويلة قبل البدء بالتبول والالحاح والتكرار البولي نهاراً وليلاً وتقاطر البول بعد الانتهاء من التبول واحياناً السلس البولي واحتباسه وعدم القدرة على تفريغ المثانة كاملاً فقد تظهر عند حوالي 50٪ من هؤلاء الرجال المصابين بالتضخم النسيجي للبروستاتا بعد ان تجاوزوا 50 سنة من العمر ولكنها كما اشرت قد تترافق وتتشابه مع حالات اخرى تصيب الجهاز البولي كضيق في عنق المثانة والاحليل او وجود خلل عصبي في المثانة او لاسباب اخرى الا ان التضخم البروستاتي يعتبر السبب الرئيسي لتلك الاعراض البولية في معظم تلك الحالات اي لدى حوالي 30٪ من الرجال المسنين بعد سن الخمسين وقد يسبب لهم المشاكل الجنسية. الجدير بالذكر أن هناك بعض الرجال الذين لديهم زيادة كبيرة في حجم البروستاتا ولكن لا يصاحبها أعراض مزعجة والعكس أيضاً صحيح بمعنى أن هناك بعض الرجال لديهم زيادة بسيطة في حجم البروستاتا ولكن مع ذلك يصاحبها أعراض كثيرة ومزعجة. ورغم ان هذا التورم البروستاتي حميد الا انه قد يؤثر على جودة الحياة خصوصاً مع حدوث وتكرار التبول نهاراً وليلاً والسلس البولي اللذين ينغصان حياة هؤلاء المرضى ويؤثران على نشاطاتهم اليومية والمهنية والاجتماعية ونادراً ما يسبب لهم المضاعفات الطبية كالفشل الكلوي والالتهابات البولية المتكررة والحصيات في الكلى والجهاز البولي وخصوصاً في المثانة والبيلة الدموية والاحتباس البولي. وتلك الاعراض والانزعاج منها تكون عادة متفاوتة بين الرجال فمنهم من لا يتأثر بوجودها ومنهم من تفقدهم جودة الحياة وتتعارض مع اسلوب حياتهم اليومي وقد تسبب لهم الارتباك والقلق. وحسب احصاءات المركز الطبي القومي الامريكي هنالك حوالي 17 مليون رجل في الولايات المتحدة يشتكون من تلك الاعراض مع احتمال زيادة تلك النسبة مستقبلياً بسبب الازدياد النسبي في الاعمار بإذن الله عز وجل لهؤلاء الرجال في السنوات الماضية وزيادة وعيهم بالنسبة الى هذا المرض.
العلاج:
اذا ماتصاحب تضخم البروستاتا مع اعراض اكثر من البسيطة خاصة تلك التي تؤثر على جودة الحياة عندها نلجأ الى العلاج الذي يتفاوت بين العقاقير والجراحة حسب شدة الاعراض:
المعالجة الدوائية المألوفة ترتكز على استعمال نوعين من العقاقير. النوع الأول منها يرخي عضلات البروستاتا لتخفيض الضغط على الاحليل الذي يمر عبرها كالتمسولوسين وألفوزوسين ودوكسازوسين وتيرازوسين التي تحبط الاعصاب الودية من فئة الفا واحد التي تعتبر مسؤولة عن تقلص تلك العضلات فيؤدي ذلك الى تحسين الاعراض البولية والجنسية وتزايد سرعة جريان البول مع اعراض جانبية طفيفة منها هبوط الضغط الدموي عند الوقوف والدوام والتعب الجسدي وتخاذل القذف والاحتقان الانفي والنوع الثاني من هذه العلاجات من تثبط تحويل الهرمون الذكري ( التستوستيرون) داخل البروستاتا الى هرمون اكثر فعالية وهو دايهدروتستوستيرون بواسطة انزيم خاص يدعى ريد كتاز فئة ألفا خمسة مما يؤدي الى حدوث ضموراً فيها بنسبة حوالي 25٪ مع تحسين الاعراض البولية بعد استعماله لمدة 3 الى 6 اشهر وزيادة سرعة جريان البول مع مضاعفات جانبية خفيفة أهمها الضعف الجنسي وفقدان الرغبة الجنسية وتخاذل القذف في اقل من 10٪ من تلك الحالات وابرز تلك العقاقير فينستيرايد (بروسكار) وديتوستيرايد (افودرت) التي لا تخفض شدة الاعراض البولية وحسب بل تمنع الاحتباس البولي والحاجة الى اللجوء الى الجراحة في المستقبل في اكثر من 50٪ من تلك الحالات على المدى الطويل خصوصاً اذا ما استعملت مع مثبطات الفا واحد للجهاز الودي في نفس الوقت ولعدة سنوات. كما اثبتت دراسات عدة حديثة اهمية الادوية الاخيرة (الهرمونية) في التقليل من احتمالية الاصابة بتضخم البروستاتا السرطاني في حوالي 25%.
واما اذا ما فشل العلاج الدوائي فيلجأ اخصائيو جراحة المسالك البولية والتناسلية الى استعمال وسائل علاجية جراحية مختلفة حيث يوجد عدد من الجراحات المختلفة يمكن أن تفيد في علاج تضخم البروستاتا ومن اشهرها:
1- الاستئصال الجزئي (التجريف) للبروستات عبر الاحليل:
Transurethral resection of prostate TURP
وهو أكثر الاجراءات الجراحية شيوعآ ، وفيه يتم إدخال أداة تسمى منظار الاستئصال الكهربائي من خلال الاحليل في العضو الذكري ، ويمكن معاينة المنطقة المتضخمة من البروستاتا التي تضيق الاحليل من خلال منظار الاستئصال الجزئي ومن ثم يتم تجريفها لتوسيع مجرى البول. ويعطى المريض مخدرا عاما أو مخدرا نصفيا لهذه العملية التي تستغرق من 60-90 دقيقة ، ويحتاج الامر إلى البقاء في المستشفى عدة ايام..
2- شق البروستاتا عبر الاحليل:
Transurethral incision of the prostate TUIP
وهذه العملية تحدث إتلافآ للانسجة أقل مما تحدثه عملية الاستئصال الجزئي للبروستاتا عبر الاحليل ، وفي عملية شق البروستاتا عبر الاحليل يجرى عدد قليل فقط من الشقوق أو القطوع الجراحية في البروستاتا مما يعمل على تفريج الضغط ويسمح للإحليل بالتفتح. هذه العملية لاتحتاج اقامة في المستشفى لكنها لا تصلح الا عندما يكون التضحم بسيطا (وزن البروستاتا 30 غرام فأقل).
3- العلاج الحراري بالمايكروويف عبر الاحليل
Transurethral microwave thermotherapy TUMT
وفيه تستخدم طاقة المايكروويف أو الموجة الدقيقة أو القصيرة جدآ لتسخين البروستاتا وتدمير الانسجة الزائدة عن الحاجة
وفي عملية العلاج الحراري بالمايكروويف عبر الاحليل يتم ادخال مجس مايكروويف دقيق داخل الاحليل عن طريق قسطرة ويقوم الحاسب الآلي بمراقبة درجة حرارة النسيج، وحيث تعطى طاقة تكفي بالكاد لتسخين البروستاتا إلى درجة حرارة 50 درجة مئوية.
وعملية العلاج الحراري بالمايكروويف عبر الاحليل تستغرق حوالي ساعة ولا تحتاج إلى مبيت بالمستشفى أو تخدير عام،
كما انها أقل تكلفة من عملية الاستئصال الجزئي للبروستاتا عبر الاحليل ولها مضاعفات أقل ، وحوالي 60 70 % من الرجال يستجيبون لها بشكل جيد ، ولكن ما يصل إلى نصفهم يحتاجون علاجا إضافيا في غضون اربع سنوات.
4- علاجات أخرى: من التقنيات الجديدة المدخلة حديثا استعمال الليزر، والعلاج الضوئي التبخيري للبروستاتا، والعلاج بالموجات فوق الصوتية واخيرا العلاج بالبلازما التبخيري. وفي حالة عدم امكانية اجراء الجراحة نظرا لحالة المريض الصحية فيمكن استخدام دعامات البروستاتا والتي لا تحتاج الى تخدير او اقامة في المستشفى ويمكن ادخالها في العيادة والغرض منها توسيع الاحليل لازالة ضغط البروستاتا ومن ثم تدفق البول بسهولة.
المصدر: صحيفة الرياض