الشعوب والطقس والمناخ والاقتصاد
الشعوب والطقس والمناخ والاقتصاد
سيد فتحي أحمد الخولي
يمثل الطقس وصفا لتوقعات حالة الجو في مكان ما، كدرجة الحرارة والرطوبة والضغط والرياح والأمطار، وذلك خلال مدة قصيرة قد تكون يوماً أو بعض يوم. فيستفيد الإنسان من معرفة حالة الطقس في نشاطه الاقتصادي سواء كان مزارعا، أو طيارا، أو صيادا، وحتى المواطن العادي يستفيد في معرفة نوع الملابس، وسيلة المواصلات الملائمة، واستخدام مظلة من عدمه.. وهكذا. ومن جهة أخرى يمثل المناخ متوسط أحوال الجو المتعاقبة في مكان ما لمدة طويلة قد تكون شهراً أو فصلا أو سنة أو سنوات متعددة.
وكما يؤثر الطقس على الحالة النفسية والنشاط الاقتصادى اليومي للإنسان، يعتبر المناخ محددا رئيسيا فى تسعير العديد من الموارد مثل النفط الذي يرتفع باشتداد حدة الشتاء في الغرب، وكذلك محددا مهما لخريطة الجذب السياحى فى الدول التى تعتمد في اقتصادها على السياحة بدرجة كبيرة. (وإذا افتقرت المنطقة إلى المناخ الجذاب، فإن إصرارها على البقاء فى الخريطة السياحية يستلزم زيادة الإنفاق على الاستثمارات السياحية لتعويض النقص فى جاذبية المناخ مثل مدينتى أورلاندو و لاس فيجاس فى الولايات المتحدة ودبي في الإمارات). ولهذا يعتبر المناخ موردا اقتصادياً مهما باعتباره محددا رئيسياً لمجموعة كبيرة من الموارد والأنشطة الاقتصادية، وسبل المواصلات وتصميم المنازل وتخطيط المدن وأنماط الاستثمار على الطاقة.
وقد أثارت علاقة المناخ بالإنسان اهتمام المفكرين منذ العصور القديمة، فقد ربط أبو قراط وأرسطو وابن خلدون بين المناخ وطبائع الشعوب وعاداتهم. وذكروا أن سكان شمال أوروبا يتسمون بالشجاعة والجرأة. لكنهم يفتقرون إلى المهارات التى يتسم بها سكان آسيا. وفى العديد من الدول يلاحظ الزائر اختلاف طبائع سكان المناطق الساحلية عن سكان المناطق الداخلية والزراعية، والإنسان يتكيف مع مناخ بيئته باعتبار أن البيئة هى الأم التى تربى الإنسان وترعاه وبالتالى تتخلل إلى جسمه وعقله وأفكاره وتشكل نشاطه.
وقد بات تغير المناخ أمرا واقعا وملموسا، فلا تكاد وسيلة إعلامية اليوم تخلو من مقال أو خبر عن حادثة أو كارثة بسبب تغير مناخي لا يمكن التحكم فيها أو التنبؤ به بدقة. ويعد تغير المناخ مشكلة عالمية طويلة الأجل، تنطوي على تفاعلات معقدة بين العوامل البيئية وبينها وبين الظروف الاقتصادية والسياسية والمؤسسية الاجتماعية والتكنولوجية. وكما تتفاوت حدة التغيرات المناخية، فإن البشر يتفاوتون في الإمكانيات لمواجهة هذه التغيرات والتأقلم على نتائجها أو القدرات للحد من أسباب هذه التغيرات. ولا شك أن مناخ المستقبل يحدد أنماط التنمية المتبعة والنشطة الاقتصادية، ولكن هل ستتغير طبائع وسلوك وعادات البشر وفقا لتغير خريطة المناخ العالمي.
المصدر: صحيفة عكاظ