القرار الملكي ومحاكمة الفساد

القرار الملكي ومحاكمة الفساد!

أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم

عندما شكل خادم الحرمين الشريفين لجنة لتحري حقائق فاجعة السيل في محافظة جدة إنما كان ذلك بمثابة بداية الخيط للإمساك بالفساد الإداري والمالي الذي تتطبعه النفوس المريضة بل وأدمنت عليه واليوم يصدر قرارا ملكيا يخص الموضوع نفسه، لكنه الأقوى من حيث وقعه على المجتمع بأن الدولة حفظها الله لن تترك مثل تلك الحادثة المؤلمة تمر دونما عقاب أو معالجة صحيحة للأمور، والقرار الملكي يحتوي بنودا غاية في الإيجابية منها:
** إحالة الملف والأسماء التي جاء ذكرها في التحقيق بالكامل إلى كل من هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال المطلوب من الناحية الشرعية والنظامية وهذا هو العدل الذي يرضي الله ويرتضيه الخلق.
** التوجيه السامي الكريم لوزارة العدل ووزارة البلديات بعدم المنح بأي صورة من الصور في الأماكن التي هي مجرى للسيول والتي هي مظنة للخطورة على المواطنين خاصة المنح الذي يأخذ شكل المخططات التي يغتر بها المواطن ليسكن فيها ويبني له ولأولاده وهذا قمة الظلم أن يقع الناس ضحية التلاعب بالمخططات في الأماكن الخطيرة.
** التوجيه الكريم الخاص ببحيرة العفن والتي تدعى جورا وظلما بحيرة المسك وقد أمر القرار الملكي بالتخلص منها بالكامل خلال عام من تاريخ صدور هذا القرار الملكي وهذا التوجيه غاية في الأهمية لأن هذه البحيرة تمثل بؤرة كبيرة واسعة المدى للتلوث والأمراض المعدية كما أنها مستقبلا تمثل خطرا على أهالي جدة.
** لقد جاء في الأمر الملكي ما يمنع المحكوم عليهم في قضايا الفساد من الاستفادة من قرارات العفو من السجن والعقوبات لأن الأمر هنا فساد عم أفراد المجتمع وتعدى ضرره إلى النفوس والأرواح والممتلكات وهذا عدل ومطلب حقوقي وفيه عبرة وتأديب وصرامة في العقوبة تردع من تسول له نفسه مستقبلا أن يتعدى حدوده ويفسد إداريا أو ماليا في أجهزة الدولة.
إن الخطاب الملكي المتمثل في هذه الأوامر والقرارات يتصف بلغة الملاحقة وعدم إهمال القضايا العامة التي سببها الفساد الإداري والمالي كما أنه تنبيه لجميع مسؤولي ووزراء الدولة بالانتباه ما أمكن لجرثومة الفساد وعدم السماح لها بالتنقل بين موظفي الدولة والسماح لهيئة الرقابة والتحقيق بتفعيل دورها، كما أن الحاجة ماسة إلى نشر ثقافة الحلال والحرام وعدم تطبيع الفساد المالي في النفوس خاصة المتنفذين والبدء بمشروع كبير للوطن قد تبناه خادم الحرمين الشريفين في هذا القرار وغيره من القرارات الحكيمة وهو إعلان الحرب على الفساد والمفسدين.

المصدر: صحيفة عكاظ