ثورة الأرقام.. والمشاريع
ثورة الأرقام.. والمشاريع
يوسف الكويليت
هناك أكثر من وجه إيجابي لبلدنا، فلدينا صرف هائل من خزانة الدولة على مشاريع استراتيجية طويلة المدى، ولا نبالغ إن قلنا إننا ننفرد بهذه الخاصية ليس على المستوى العربي، أو الإسلامي فقط بل والدولي، ويكفي عقد عشرات المؤتمرات اقتصادية وعلمية وتربوية كل عام ، ومثلها لاستثمارات لشركات مرموقة عالمياً يساند ذلك كله ثقة بالصناعات الوطنية ليس على مستوى المواطن بالمملكة، بل على مستوى الدول التي تستورد ألباننا ومياهنا، وأدوات الكهرباء، والدواجن والبلاستيك وغيرها باعتبار التشديد على الجودة هدف أساسي، وهناك قمة صناعاتنا من البتروكيماويات التي غزت السوق العالمي، وأصبحت رمزاً لأعلى درجات الإتقان والمواصفات عالية الجودة..
ضخ البلايين كل عام في شرايين المدن والقرى ، والبنى التحتية والطرق والموانئ، والمطارات والسكك الحديدية وغيرها يأتي كمنشآت بعضها جديد، وبعضها الآخر يكمل ما قبله، ولعل الأرقام التي تخرج كل يوم لا تذهب خارج الدائرة الوطنية، ولعل القيمة الأساسية تأتي بالتوسع في التعليم والابتعاث، والتركيز على الاختصاصات التي لا تتوفر في شغل الوظائف، ثم نأتي لبدائل الطاقة، ومراكز البحوث في جامعة الملك عبدالله، والجامعات الأخرى، والتحول من الاقتصاد التقليدي لاقتصاد المعرفة، وهو ما يعني أننا ندخل الدائرة المضيئة مع العالم المتقدم، إذا ما جاءت الحصيلة توافقاً بين المشاريع ، والقوة البشرية المتخصصة والمدربة..
في الطفرة الأولى ما بعد منتصف السبعينيات عندما جاءت شركات من جميع الدول لتنفيذ البنى الأساسية، كانت الصورة في الإعلام الخارجي، أن السعوديين يبالغون في دفع المبالغ الخيالية للمقاولين، وقد يكون ذلك صحيحاً لأننا كنا نسابق الزمن، لكن وبنظرة موضوعية، لو جاء التنفيذ بعد عقد من الزمن، لربما فاق كل تلك المصروفات المبالَغ فيها تبعاً لارتفاع الأسعار والعملات وكلفة المشاريع..
الذي يجري الآن في تنفيذ عمليات كبرى، وبمصروفات هائلة، هل يعد إسرافاً أم أننا نسابق الزمن طالما الفرص متاحة؟ ولعل الأزمة المالية الراهنة التي عصفت بالعالم ثم لحقتها الأخرى في أوروبا، ونجاتنا من ذيول الواقعتين، تجعلنا المستفيد الأول من استغلال هذه المرحلة بأكبر قدر من تلزيم المشاريع بأسرع ما يمكن، لأنها فرصة قد لا تتكرر في حال تعافي الاقتصاد العالمي..
رؤية الملك عبدالله باستغلال مداخيل الدولة ووضعها في مدارها الوطني لا تأتي اعتباطاً، بل لأن تأسيس الهياكل التي تنبني عليها عملية التنمية الشاملة يجعل التسريع في العمل ، واستغلال الوقت لإنجاز المشاريع، يعني قطع أكبر مسافة من الطريق الطويل والمتعرج لأهداف استراتيجية عليا..
أمس الأول فقط أضيف لصندوق التنمية الصناعية عشرة مليارات ريال، وصرف مائة وثمانون مليار ريال على المشاريع الحكومية لعام (٢٠٠٩) وهي أرقام تعادل ميزانيات دول لعدة أعوام، ومثل هذه الخطط هي التي ننتظر حصيلتها في المستقبل القريب..
المصدر: صحيفة الرياض