المقياس الذهبي... عملية آمنة ذات نتائج مضمونة في إزالة الانزلاق الغضروفي والتخلص من آلام عرق النسا
المقياس الذهبي... عملية آمنة ذات نتائج مضمونة في إزالة الانزلاق الغضروفي والتخلص من آلام عرق النسا!
تحذيرات طبية من جراحة المنظار والتجارب تؤكد فشلها في 90% من الحالات
تحذيرات طبية من جراحة المنظار والتجارب تؤكد فشلها في 90% من الحالات
د. ياسر بن محمد البحيري
استكمالاً للحديث عن المرض المعروف بعرق النسا(Sciatica)
والذي تطرقنا له في العدد الماضي نشير اليوم الى العلاج الخاص به فأولا نتحدث عن العلاج التحفظي غير الجراحي فبعد أن يتم التشخيص تبدأ الخطة العلاجية والتي تعتمد على شدة المرض وشدة الأعراض وحالة الأعصاب والعضلات. ففي الحالات التي لا تكون شديدة ولا تكون الآلام فيها شديدة ولا يوجد تأثر وظيفي وضغط على الأعصاب ولا توجد بوادر ضعف في العضلات فإنه يمكن البدء بالعلاج التحفيظي غير الجراحي والذي يتكون من أخذ قسط من الراحة لبضعة أيام والبدء بتناول الأدوية المسكنة للآلام والأدوية المضادة للالتهابات والأدوية المرخية للعضلات والأدوية التي تحتوي على فيتامين B المغذي للأعصاب. وكذلك يمكن البدء ببرنامج علاج طبيعي شامل يتكون من استخدام الأجهزة والذبذبات التي تساعد على تقليل حدة الألم وتقليل شدة الالتهاب الحاصل في العصب وبعد ذلك يتم عمل برنامج تقوية لعضلات البطن وأسفل الظهر وعمل برنامج تثقيفي عن طريق أخصائي أو أخصائية العلاج الطبيعي لكي يتعلم المريض أو المريضة كيفية المحافظة على سلامة الظهر عند المشي والجلوس والتقاط الأشياء. كما يمكن استخدام الأجهزة المساندة مثل الحزام الطبي لأسفل الظهر والوسادة الطبية الساندة لمنطقة الفقرات القطنية. ويسمح للمريض أيضاً بأن يستخدم القربة الدافئة أو أي نوع من المراهم التي يشعر بأنها تساعده. وفي حال بدأ المريض بالتحسن فإنه يمكن تخفيف كمية الأدوية التي يتناولها والبدء بالعودة لممارسة الحياة بشكل طبيعي تدريجياً. وهذه الخطة العلاجية التحفيظية تكون ناجحة بإذن الله في كثير من المرضى الذين يعانون من عرق النسا. أما في بعض المرضى فإن الأعراض قد تستمر أو قد تزداد أو قد تعود وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى الخطوات الأخرى.
إبرة الكرتزون لأسفل الظهر
وهي تسمية خاطئة حيث أن الإبرة لا تحتوي على مادة الكرتزون بحد ذاتها ولكنها تحتوي على مادة الديبومدرول (Depomedrol) الشبيهة في خصائص عملها للكرتزون ولكن ليست لها آثار جانبية مشابهة للكرتزون الذي يتم تناوله عن طريق الفم. لأن هذه المادة يتم حقنها بكمية صغيرة ومركزة في منطقة محددة في الفقرات القطنية بحيث تؤدي إلى تقليل شدة الالتهاب حول الأعصاب. وهذه الطريقة لا يمكن استخدامها في جميع الحالات ولا مع كل المرضى ولكن في بعض الحالات يمكن اللجوء إليها في حال فشل العلاج التحفيظي الذي ذكرناه. وعادةً ما يتم إعطاء هذه الإبرة عن طريق استشاري الألم والذي تكون لديه الخبرة في إعطاء مثل هذه الإبر وعادةً ما يتم إجراء الحقن تحت مساعدة جهاز الأشعة السينية الذي يساعد طبيب الألم على تحديد موقع إدخال الإبرة بالضبط. وهذه الإبرة ليست مؤلمة لأنه يتم إعطاء تخدير موضعي للجلد قبل إدخالها ويمكن للمريض الخروج بعد أخذ الإبرة ببضع ساعات. وهي ليست لها مضاعفات خطيرة إذا ما تم إعطاؤها عن طريق خبير متمرس في مثل هذه الإبر. أما بالنسبة لنتائجها فإنه لا يمكن أبداً التنبؤ بها. ففي بعض الناس قد تكون نتائجها دائمة. وفي البعض الآخر فإنه يجب تكرارها لمرتين أو ثلاث مرات. وفي بعض الناس فإن الإبرة لا تفيدهم أبداً. كما أنه يجب التنبيه إلى أن الإبرة ليست علاجاً نهائياً وجذرياً وإنما تساعد في التقليل من شدة الالتهاب وبالتالي إلى الشعور بالتحسن. وهي مثالية عند المرضى الذين تكون لديهم أعراض متوسطة أو شديدة لا تستجيب للأدوية والعلاج الطبيعي والذين لا يرغبون في إجراء الجراحة إما لأن حالتهم الصحية لا تسمح بذلك وإما لأن لديهم ظروفاً خاصة تمنعهم من إجراء الجراحة.
عملية المنظار
كثير من الطرق تمت تجربتها لعلاج مرض الانزلاق الغضروفي الذي يؤدي إلى عرق النسا. ومن هذه الطرق هي محاولة استخدام المنظار عن طريق فتحة أو فتحتين يبلغ طولهما معاً حوالي السنتمترين بحيث يتم إدخال المنظار إلى دسك المريض ومن ثم محاولة تبخير أو إزالة الجزء الداخلي منها لكي يقل الضغط الذي تسببه على الأعصاب. ولكن في الواقع ان غالبية هذه الطرق أثبتت فشلها في علاج هذا المرض وهي لا تنفع إلا في حوالي خمسة أو عشرة في المئة من المرضى وتبلغ نسبة فشلها فوق التسعين في المئة. وقد تم الاستغناء عن هذه الطرق في كثير من المراكز المتقدمة في أوروبا وأمريكا وبدأت الشركات التي تنتج مثل هذه المناظير بترويجها في دول العالم الثالث ودول الشرق الأوسط لكي تعوض خسائرها من وراء رفضها في أوروبا وأمريكا. والسبب كما ذكرنا سابقاً أن نسبة نجاحها لا تتجاوز الخمسة إلى عشرة في المئة من المرضى وهي لا تصلح في الحالات الشديدة ولا في الحالات التي يكون الانزلاق الغضروفي فيها كبيراً وتكون فيها المادة الجلاتينية الخارجة من الدسك كبيرة وتضغط على العصب بشدة. وللأسف الشديد فإنه يتم الترويج لمثل هذه العمليات عن طريق الكثير من المراكز بطريقة غير صادقة وبوعود غير حقيقية عن نتائجها وذلك بهدف الربح المادي. والأولى هو شرح الحالة بتفصيل للمريض وإعطاؤه نسبة دقيقة عن نجاحها وعما إذا كانت تصلح في حالته بالذات.
المقياس الذهبي The Gold Standardad
المقياس الذهبي الذي تقاس به جميع طرق علاج الانزلاق الغضروفي الذي يسبب عرق النسا هو عملية إزالة الانزلاق الغضروفي عن طريق المجهر الجراحي. هذه العملية تعرف بالمصطلحات الطبية باسم Microdiskectomy وهي الطريقة التي يستخدمها الغالبية العظمى من جراحي العمود الفقري والجراحين الذين يعالجون مثل هذه الحالات وذلك لأنها أثبتت نسبة نجاح كبيرة ولأنها آمنة ونتائجها مضمونة بإذن الله. وفي هذه الجراحة يتم استخدام المايكروسكوب الطبي لإزالة الانزلاق الغضروفي عن طريق فتحة جراحية لا تتجاوز الثلاثة أو الأربعة سنتيمترات. وخلال هذه الجراحة يتم إزالة الانزلاق الغضروفي ورفع الضغط عن العصب خلال ثلاثين إلى خمس وأربعين دقيقة في أغلب الحالات. وعادةً ما يستطيع المريض أو المريضة التمكن من القيام والمشي في نفس يوم العملية. وعادةً ما تختفي آلام عرق النسا تماماً عندما يستيقظ المريض من البنج لأنه يتم خلال الجراحة تحرير العصب من الضغط الناتج عليه. وهذه العملية هي أفضل نوع وأكثر نوع أماناً وأكثرها نجاحاً بالنسبة لعلاج هذا المرض. ولهذا السبب فإنها لا تزال إلى الآن المقياس الذهبي لعلاج مرض عرق النسا. وعادةً مايبقى المريض في المستشفى ليلة واحدة أو ليلتين على الأكثر ويمكنه الخروج بعدها والمشي وصعود الدرج وركوب السيارة لفترات قصيرة. وإذا ما كانت وظيفته مكتبية أو خفيفة فإنه يمكنه العودة للعمل خلال أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر. أما عند الذين تتطلب أعمالهم مجهوداً شاقاً مثل الرياضيين أو العسكريين أو أصحاب الأعمال الميدانية فإننا عادةً ما ننصحهم بالراحة وأخذ إجازة مرضية لمدة أربعة أسابيع.
مرحلة ما بعد الجراحة
بعد أن تختفي آلام المريض بإذن الله فإنه يجب على الفريق المعالج عمل برنامج تثقيفي وتأهيلي لهذه الفئة من المرضى لإرشادهم عن الطرق السليمة لممارسة أنشطة الحياة اليومية مثل الجلوس والوقوف والمشي والتقاط الأشياء وعادةً ما يتم ذلك عن طريق استخدام الكتيبات الإرشادية وعن طريق جلسات العلاج الطبيعي التي يتم خلالها عمل برنامج لتقوية عضلات البطن والظهر لكي يتم تفادي تكرر انزلاقات غضروفية في الفقرات المجاورة بإذن الله. وفي حالة التزام المريض أو المريضة بالتعليمات والإرشادات التي يوجهها الفريق الطبي بعد الجراحة فإن نسبة نجاح هذه العمليات تفوق الخمسة وتسعين في المائة بإذن الله. أما في حال إهمال المريض أو المريضة للإرشادات وعودتهم لممارسة الأنشطة الحياتية بطريقة خاطئة وإجهاد الظهر فإنه لا توجد ضمانات تمنع حدوث انزلاقات غضروفية أخرى في مناطق أخرى من الظهر. ولهذا السبب فإن نجاح الجراحة يعتمد كثيراً على إرادة المريض ومدى تطبيقه للإرشادات التي يتم توجيهها إليه. والغالبية العظمى من المرضى يقومون بتطبيق هذه الإرشادات بشكل ممتاز وتكون نتائجهم ممتازة بإذن الله.
الطرق العلاجية غير التقليدية
يأتي كثير من المرضى أو يراسلون ويسألون عن طرق علاجية غير تقليدية مثل الحجامة والكي والإبر الصينية وحمامات الرمال الساخنة وغير ذلك. والواقع هو أنه لا يوجد دليل علمي على أن هذه الطرق تفيد في علاج مرض عرق النسا. وبالرغم من أن بعضها قد يؤدي إلى تحسن في الأعراض فإنه من غير المعروف أنها تزيل الدسك في أسفل الظهر لأن الدسك في أسفل الظهر أما هذه الطرق غير التقليدية فتركز على منطقة الفخذ والساق بعيداً عن السبب المؤدي إلى آلام عرق النسا. وبالتالي فإننا كأطباء وجراحين لا نستطيع من ناحية علمية بأن نعلق على هذه الطرق. ولكن الطب البديل جزء معروف من الطرق العلاجية ونحن نقول للمرضى بأنهم يستطيعون تجربة أي شيء يؤدي إلى شعورهم بالراحة وبالتحسن. ولكن أيضاً يجب عليهم أخذ الحيطة والحذر وعدم الاعتماد كلياً على هذه الطرق العلاجية الشعبية والتقليدية والتأكد من شرعيتها وسلامتها وأنها لم تسبب أضراراً لهم. فمثلاً كثير من الناس قد يمارس الحجامة غير المصرح بها أو الكي غير المصرح وهذا سوف يؤدي إلى حدوث تقرحات وجروح في منطقة الظهر والفخذ والساق قد تؤدي إلى التهابات جرثومية في هذه الجروح . أو قد تؤدي إلى نقل العدوى أو الأمراض الفيروسية. بالإضافة إلى ذلك فإن كثيرا من المرضى يعتمد اعتماداً كلياً على هذه الطرق ويهمل الحالة مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الأعصاب وتطور المرض إلى شلل جزئي في الساق أو إلى ضغط على الأعصاب التي تغذي المثانة ومخارج البراز كما ذكرنا سابقاً. ولذلك يجب التنبيه ويجب توخي الحرص عند الأخذ بأسباب العلاج .
وتبقى الوقاية دائماً خيرا من العلاج ولذلك ننصح بمحاولة الأخذ بالأسباب التي تقي من مشاكل أسفل الظهر والتي تشتمل على المحافظة على الوزن المثالي والجلوس بطريقة مستقيمة خصوصاً عند الجلوس لفترات طويلة أثناء العمل أو عند استخدام الكمبيوتر وكذلك محاولة التقاط الأشياء بالطريقة الصحيحة وعدم الانحناء كثيراً وعدم حمل الأشياء الثقيلة واستخدام المراتب الطبية للنوم والمحافظة على اللياقة بصفة عامة. كما ننصح بعدم إهمال أعراض آلام أسفل الظهر لأن الآلام في هذه الحالة هي تنبيه من الجسم بأن هناك شيئاً ما يحصل ويجب تصحيحه .
المصدر: صحيفة الرياض