• ×
admin

رضا الناس غاية لا تُدرك!

رضا الناس غاية لا تُدرك!


لبنى الخميس

تمر علينا الأيام ولا نعرف ماذا تحمل بين طياتها.. لحظات نعيشها ومواقف نمر بها؛ ليبقى الجميل منها محفوراً بالذاكرة والعقل والقلب.
ومع الأسف أن كثيراً من اللحظات والساعات والأيام الجميلة تضيع من بين أيدينا بمحض إرادتنا أحياناً، حين نخاف أن نعيش اللحظة كما هي، بل نحمّلها هموم الماضي والقلق من المستقبل؛ فتضيع لذتها ويُفقد وهجها وبريقها.. وحين لا نجرؤ أن نكون سعداء خوفاً من حسد أو حُكْم الآخرين علينا!.
أعتقد أننا في مجتمعنا السعودي بوجه خاص ما زلنا نبالغ في خوفنا من حُكْم الآخرين علينا، وما برحت عيون الناس تحاصرنا أنّى حللنا؛ فأضحى ذلك عائقاً قاسياً وجداراً سميكاً دون البساطة والعفوية والسعادة في حياتنا؛ فأصبح البعض يخاف أن يضحك من قلبه فتُفقد هيبته أمام الناس..
أو يبكي ويذرف الدمع فيحكم الآخرون عليه بالضعف..
وأصبح يخشى أن يأكل ويلبس بالطريقة التي يحب.. بل إن البعض يرفض عملاً ويقبل بآخر بناءً على رأي الناس فيه.. ضارباً بعرض الحائط رغبته الشخصية وسعادته الخاصة.
وهناك مَنْ يضغط على نفسه ويتحمّل بمشقة ثقل وطأة المصاريف حتى يشتري سيارة (كشخة) قد لا يكون مقتنعاً بها، أو يقوم برحلة لإحدى المدن التي يفضلها الآخرون لا هو! حتى أن البعض أصبح يأكل (السوشي) و(الكافيار) مكرهاً؛ حتى يُظهر للآخرين أنه متطور ومتحضر! ويتعلم بصعوبة بعض الكلمات الإنجليزية حتى (يستعرض) بها فقط أمام أصدقائه ورفاقه؛ ظناً منه أنه قد يكسب ودّهم واحترامهم بها!.
وأذكر بألم قصة طالبة كانت تشاركني مقاعد الدراسة حين حاولت أن تخفّض معدلها الدراسي؛ خوفاً من أن تحكم عليها الطالبات بأنها (دافورة) أي متفوقة؛ حيث كان التفوق - وما زال - لدى بعض الطلبة صفة ترتبط بالشخصية المملة!.
للأسف، إن حياتنا وأجمل ما فيها تضيع وتمر دون أن نشعر بها؛ لأننا تنازلنا عن رغباتنا ونقاط استمتاعنا وسعادتنا، وأعطينا الآخرين بسذاجة حق اختيار ما يجب أن نفعله وكيف؟ وأي وظيفة يجب أن نقبل أو نرفض، وفي أي بلد يجب أن نقضي إجازتنا، وغيرها من الخيارات المحددة سلفاً من قِبلهم.
أعتقد، لا بل أجزم، بأنه حان الوقت لكي نمنح أنفسنا شرف المحاولة والاختيار والتجربة، ونعطي أنفسنا قسطاً من الحرية والعفوية، ونتخلص من أقوام المظاهر المزيفة والقشور البالية والأحكام التافهة.
يجب أن نقتل هاجس نظرة وحُكْم الآخر علينا.
جرّب أن تحيا اللحظة كما تحب أنت لا كما يحب الآخرون.. ولا تخشى أن تعلن مهنتك أو انتماءك أو هواياتك الغالية عليك.. فحين لا تحترم وتقدر عالمك الخاص الذي وُلِدت ونشأت وأنت تعيش به وتحبه؛ فلا تتوقع أن يحترم ويثمن الآخرون عالمك.
وتذكر أن رأيك بنفسك أهم من رأي الآخرين بك.. وتأكد أن رضا الناس غاية لا تُدرك، بل إن مفتاح الفشل محاولة إرضاء الجميع.

المصدر: صحيفة الجزيرة
بواسطة : admin
 0  0  1914