• ×
admin

الأورام اللحمية للعظام

الأورام اللحمية للعظام


حنان اليافاوي

الأورام اللحمية للعظام (Osteosarcomas) أو الأورام الغرنية العظمية، هي أورام سرطانية من النوع الغرني تنشأ بالعظام، ويمكن تعريف الأورام اللحمية الغرنية (sarcoma) بأنها أورام تنشا بشكل رئيسي في العظام والأنسجة الرخوة، (مثل العضلات، والأنسجة الضامة كالأوتار التي تربط العضلات بالعظام، والأنسجة الليفية والغضاريف، والأنسجة الزلالية المحيطة بالمفاصل)، إضافة إلى الشحوم، والأوعية الدموية، والأنسجة العصبية، ويُعد الورم الغرني للعظام من أكثر أنواع سرطان العظام شيوعا، وأكثرها انتشاراً لدى الأطفال، ويظهر عادة قبيل سن العاشرة وعند المراهقين واليافعين، ويزيد معدله بنسبة الضعف عند الذكور عنه لدى الإناث، ومن المعتاد أن ينشأ بالعظام المحيطة بالركبة على وجه الخصوص، وفي عظام العضد والفخذ بنسبة اقل دون أن ينبث إلى المفاصل المجاورة، وعند نسبة تقترب من 20% من الحالات يكون الورم منتقلا من موضع النشأة عند التشخيص، ومن المعتاد انتقاله إلى الرئتين (حوالي 80% من حالات انتقال الورم تكون بالرئتين)، وبنسبة اقل ينبث إلى عظام أخرى.

وكما سبقت الإشارة، يُعد ورم العظام الغرني ويسمى أحيانا الورم عظمي المنشأ (osteogenic) من أكثر أنواع سرطان العظام شيوعا، ومن المعتاد أن ينشأ بأطراف العظام الطويلة حول الركبتين، حيث عند حوالي 80% من حالات الأطفال والمراهقين ينشأ بالعظام المكونة للركبتين، وبطرف عظم الفخذ وطرف عظم الساق المتصلين بالركبة، وينشأ بنسبة اقل بطرف عظم العضد المتصل بالأكتاف، كما قد ينشأ بأي نوع من العظام بما في ذلك عظام الفكّين والحوض والكتفين. تشق الاورام السرطانية العظمية طريقها عبر البنى المحيطة بها وتنتشر بسرعة في مختلف انحاء الجسم. لذلك فالتشخيص المبكر هو أمر مهم جداً، وكلما تم اكتشافه باكراً، أمكن إجراء جراحة لاستئصال الورم.

حول العوائد العلاجية

فيما يتعلق بالعوائد العلاجية، تبلغ معدلات الشفاء للخمس سنوات القياسية لدى الأطفال بصفة عامة أكثر من 70% عند عدم وجود انتقال للورم عند التشخيص، (يشير معدل الخمس سنوات شفاء القياسية إلى نسبة المرضى الذين يعيشون خمس سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطان معين، وبالطبع يشفى الكثيرون تماما ويعيشون أكثر من ذلك بكثير، وهذا المعدل يستخدم عادة كدلالة إحصائية عند حالات السرطان)، وترتفع النسبة حتى 90% لدى الحالات حيث تستجيب الخلايا السرطانية للعقاقير الكيماوية بشكل جيد، بينما تصل النسبة عند حالات الأورام من الدرجة الدنيا القابلة للاستئصال الكلي حوالي 85%، تنخفض إلى 75% لدى الحالات بأورام من الدرجة العليا عند الاستئصال التام لأنسجة الورم وتلقي جرعات مكثفة من العلاج الكيماوي، ونشير إلى أن اغلب حالات الورم الغرني بالعظام لدى الأطفال هي من الدرجة العليا، ومن جهة أخرى تنخفض المعدلات إلى حوالي 50% عند وجود انتقال للخلايا الورمية من موضع النشأة عند التشخيص، وتتحسن عند اقتصار الانتقال إلى رئة واحدة، وعند التمكن من استئصال كامل النسيج الورمي الثانوي، وعند استخدام العلاج الكيماوي.

عقب انتهاء المعالجة

وكما هو معروف، يتجاوب جسم كل طفل مع المعالجات بطريقة ونمط خاص وفريد، وكما تختلف أنماط الاستجابة والتفاعل تجاه الأورام وعلاجاتها من طفل لآخر، كذلك الأمر مع المضاعفات العلاجية المتأخرة، والتي تعتمد بشكل كبير على نوع ونمط المعالجات المتلقاة وجرعاتها وفتراتها الزمنية، وبطبيعة الحال تزداد نسبة الخطورة عند الأطفال الصغار جدا، حيث هم الأكثر عُرضة لهذه المضاعفات نتيجة تعرضهم للمرض وعلاجاته القوية خلال فترة مبكرة من العمر، تكون فيها البُنية الجسدية ضعيفة ومازالت تحت أطوار النمو المختلفة. فمن الضروري إجراء فحوصات دورية شاملة تستمر لعدة سنوات عقب انتهاء المعالجات، بُغية تقصي أي علامات على عودة أورام العظام الغرنية، إضافة إلى مراقبة المضاعفات والتأثيرات الجانبية المختلفة للعلاجات المتلقاة، سواء الآنية أو المتأخرة والتي قد تظهر بعد سنوات، وتشمل هذه الفحوصات إضافة إلى الفحص السريري الدقيق، التحاليل المخبرية والفحوصات التصويرية والأشعات المختلفة، خصوصا لموضع الورم وللرئتين، ويتم إجراؤها بجدولة زمنية معينة، عادة خلال كل شهرين بالسنة الأولى عند الحالات العادية، ومن المهم جدا بطبيعة الحال إخطار الفريق الطبي المعالج في الحال عن أي أعراض أو مضاعفات قد تظهر، ليتم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة وتحقيق المعالجة الفعالة دون تأخير، سواء للمضاعفات العلاجية أو الانتكاس.

كما يجب على الوالدين أن يكونا أكثر وعيا «وحرصا» والتأكد من أن طفلهم يخضع لإجراء فحص دوري منتظم أثناء السنين التي تسبق التحاقه بالمدرسة، وأثناء سنين المدرسة، مما يجعل الطبيب في وضع يمكنه من ملاحظة أي تغيير خفي يظهر على الطفل، وعلى الوالدين في الفترات التي تتخلل الفحوصات الدورية أن يهتموا بأي علامات أو أعراض مستمرة ولا تكون هناك أسباب واضحة لظهورها. وفي الختام تبقى تجربة المرض بالسرطان والخضوع لمعالجاته واقعا يلقي بظلاله طويلا على حياة الأطفال الناجين عقب انتهاء المعالجات والتغلب على المرض وتحقيق الشفاء، وتظل المتابعة الطبية الدقيقة للحياة الصحية ملازمة لهم وهم يكبرون ويتقدمون في مراحل الحياة المختلفة وصولا إلى سنوات متأخرة من العمر. وعلى الرغم من أن المضاعفات المتأخرة لمعالجات الأورام قد تسبب مشكلة بدورها لاحقا خلال مراحل الحياة، إلا أنها بالمحصلة نتيجة لعلاجات ناجحة أنقذت حياة الكثيرين من براثن مرض كان يعتبر مستعصيا ولا فكاك منه، ولا تزال الدراسات مستمرة في جميع أنحاء العالم، لإيجاد وسائل وطرق للتقليل من هذه الآثار والمضاعفات ومعالجتها إن لم يكن تجنبها كليا.

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1504