الحنجرة.. التشريح والوظيفة
الحنجرة.. التشريح والوظيفة
د. عبد العزيز عاشور
يقول الله سبحانه وتعالى في عظيم كتابه: « وفي أنفسكم أفلا تبصرون»، إننا هنا اليوم أمام إعجاز إلهي جديد يتمثل في صناعة ووظيفة هذه الحنجرة - هذا العضو الصغير الجميل الذي لا يزيد طوله عن عشرات السنتيمترات ولكن في هذه العلبة الصغيرة تكمن أسرار وأخبار وإبداع وإعجاز- ولكن قبل الأسهاب في الموضوع - دعنا نتعرف سوياً على تكوين الحنجرة تشريحياً حتى يمكننا فهم وظائفها المتعددة والمعقدة.
تقع الحنجرة في الجزء الرقبي من الجسم ممتدة بين نهاية البلعوم وبداية القصبة الهوائية . تتكون الحنجرة من أربعة أجزاء رئيسية ألا وهي :
أ - الجزء الغضروفي .
ب- الجزء العضلي .
ج - الجزء النسيجي .
د - الجزء العصبي .
هذه الأجزاء الأربعة مجتمعة تكون الحنجرة، تعطيها شكلها الطبيعي وتمكنها من أداء وظائفها المتعددة والمعقدة.
أ- يتكون الجزء الغضروفي من أربعة غضاريف رئيسيه :
الدرقي
الحلقي
الطهر جالي
المزماري
وهذه الغضاريف معاً تكون الجدار الصلب الخارجي والداخلي للحنجرة وتبقيها منفتحة طوال الوقت حتى تتمكن من أداء وظائفها .
ب- أما الجزء العضلي: فهو يتكون من عضلات طويلة ومستديرة خارجية تسمح للحنجرة بالحركة في كل الأتجاهات( إلى أعلى وإلى أسفل ويميناً وشمالاً ) ليمكنها أن تتأقلم مع المحيط المتحرك التي تقع فيه، أما العضلات الداخلية الصغيرة الناعمة فهي تسمح للحنجرة أن تنفتح وتنقبض أثناء القيام بوظائفها المتعددة.
ج- أما الجهاز النسيجي فيتكون من نوعين :
جهاز نسيجي ليفي: عبارة عن ستائر ليفية لتعبئة الفراغات بين الأجزاء الغضروفية ،وأهمها تلك الستارة التي تعبئ الفراغ بين عظمة الهيوئيد والغضروف ألدرقىوتلك التي تملأ الفراغ بين الغضروف الدرقي والحلقي. كذلك تبطن هذه الأنسجة الليفية الحنجرة من الداخل وتكوّن لنا جزءًا من الحبال الصوتية .
الجزء النسيجي اللعابي (الناعم الرطب): فهو يعتبر من الأنسجه الهامة جدا ً وهو يغطي ويبطن الحنجرة من الداخل وخاصة الحبال الصوتية،و يواصل إمتداده مع النسيج اللعابي المبطن للقصبة الهوائية . وهو نسيج مليء بالغدد اللعابية ومليء بنقط استشعار منتشرة وبكثافة في كل أجزاء الحنجرة.
د- الجهاز العصبي : والذي هو جزء من عصب المخ العاشر والذي يمد الحنجرة بالحياة أي بالحركة والحساسية لتمكنها من أداء مهامها.
* والآن ما هي هذه الوظائف الإعجازية التي تقوم بها هذه الحنجرة الصغيرة ؟
أ- من أهم المهام الحيويه التي تقوم بها الحنجرة والتي طبعاً لايمكن العيش بدونها هي عملية التنفس فهي المجرى الوحيد والأفضل والأمثل الذي يربط الأنف بالقصبة الهوائية والرئة ( جهاز التنفس حقاً ) ،فبعد تنقية الهواء وتنظيفه وتكييفه يمر الهواء عبر البلعوم ثم الحنجرة إلى الرئة .
ب- من المهام الحيوية والتي من الصعب تصور الحياة بدونها هي عملية الكلام - فهي أداة الوصل بين الناس بعضهم ببعض، وهي حبل الوصل والترابط بين المجتمعات ،وهي وسيلة التعبير مما يدور في العقل ويجيش في الصدر ،وهي وسيلة التعبير عن الحب والحنان والعطف و الغضب إلى غير ذلك .إن نوعية الصوت المنتج في الحنجرة - يا سبحان الله- يتغير حسب المزاج ، حسب الحالة النفسية ، فيه تقرأ السعادة والفرحة والغضب والأنبساط - كل إنسان له صوت خاص به،عن طريق هذه الخصوصية في الصوت يمكنك أن تتعرف على الشخص بدون رؤيته ،وهذا مهم جداً لربط أفراد الأسره بعضها ببعض وربط الشخص بمجتمعه «- سبحان الله عما يصفون- بديع السماوات والأرض «.
ج- والوظيفة الثالثة والتي لا تقل أهمية عن الآخر هوحماية الحنجرة والقصبة الهوائية والرئة من دخول جزء من الغذاء أو الشراب أثناء عملية الأكل، وهذه العملية تتم بتناغم وتنظيم مع أجهزة البلع في مراكز المخ المسؤولة عن ذلك - فعلى سبيل المثال عند عملية الأكل وعملية البلع تسكر الحنجرة أولاً عن طريق الغضروف المزماري ثم عن طريق إنقباض الأحبال الصوتية وما فوق الحبال الصوتية،عملية معقدة ومركبة - ولكن تقوم بها الحنجرة بكل سهولة ودقة وبدون أن نفكر فيها أو نساهم في أدائها ( لأنها غير إرادية ) .
د- والوظيفة الرابعة هي :تطويرعملية الكحة لطرد ما يتكون في داخل الرئة أو القصبات الهوائية من إفرازات مرضية (في حالة التهاب الرئة) إلى الخارج أو في حالة دخول أجسام غريبة إلى داخل الحنجرة أو القصبة الهوائية والرئة.
عملية معقدة وسريعة وفعالة - فلنشكر الله عليها أناء الليل وأثناء النهار .
بعد أن سمعنا وقرأنا وتعرفنا على هذا الأبداع في الخلقة والأداء لا يبقى أمامنا إلا أن نخرّ للّه ساجدين شاكرين على ما أعطانا ومنّ به علينا، وإحدى آيات الشكر هو العناية بما أعطى والوقاية من كل ما يضرها. كيف؟
إنه من المعروف علمياً أن هناك أشياء كثيرة يمكن أن تصيب الحنجرة بأضرار بالغة مؤثرة على صحتها وأدائها منها :
كثرة الكلام الذي لا فائدة منه .
الانفعالات النفسية والصوتية.
التدخين وخاصة مضاره السرطانية للحنجرة والرئة.
الارتجاع البلعومي والذي بدأ ينتشر مع انتشارالسمنة نتيجة الإفراط في الوجبات الدهنية والوجبات السريعة وقلّة الحركة.
الإسراع بمراجعة الطبيب المختص عند ظهور أي خلل وظيفي (مرضي) في الحنجرة.
المصدر: صحيفة اليوم