كأس العالم 2010
كأس العالم 2010
فهد عامر الأحمدي
لست من عشاق كرة القدم ولكنني بالتأكيد من عشاق منافسات كأس العالم.. لايوجد سبب واحد أساسي ؛ بل مجموعة من الأسباب التي تأتي في مقدمتها الحرفية العالية والتنافس الشريف والحماس الطاغي والأهم منحنا بضعة أسابيع من الأخبار السعيدة (وأذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة بعث برسالة لرئيس الفيفا بعد انتهاء كأس العالم الماضية يشكره فيها على منح العالم \"إجازة\" لمدة شهر من الأخبار الكئيبة) !!
... وبطبيعة الحال لو كانت حروب العالم ومشاكل الأمم تحسم بكرة القدم لما مات ملايين البشر في حروب لا تنتهي ، ولا يستلم فيها المنتصر كأسا ذهبية أو تقديرا دوليا.. أضف لهذا تعد كأس العالم فترة نادرة تتوحد فيها الأجناس والأعراق البشرية وتنسى خلالها كافة الأحقاد والتراكمات التاريخية ضد الأمم والثقافات الأخرى.. فأنا شخصيا لم أمانع تعليق أطفالي لأعلام أسبانيا وانجلترا من باب التشجيع والولاء الرياضي.. ولااعتقد أن من مصلحة الأجيال الجديدة الاعتقاد بأن لاعبين مثل كاسياس وتشافي وتوريس يتحملون مسؤولية محاكم التفتيش الأسبانية أو أن روني ولامبارد وجيرارد يجسدون وعد بلفور الاستعماري...!
...أما الأمر الطريف فعلا والذي أتوقعه وأنتظره في كل منافسة فهو ذلك الكم الهائل من محاولات التنبؤ بالنتائج وهوية البطل القادم.. وهي محاولات لا تقتصر على التوقع الفردي والتحليل الرياضي والدردشة لملء ساعات البث بل تتجاوزها إلى دراسات علمية ومعادلات رياضية تحاول التنبؤ بنتائج المباريات وجنسية البطل...
فهناك مثلا قسم الرياضيات في جامعة ألستر الذي أعلن مسبقا توقعه بفوز البرازيل بالكأس اعتمادا على نظرية الاحتمالات الرياضية المعروفة.. وكان رئيس القسم الدكتور دونج هوو قد زوّد كمبيوتر الجامعة المركزي بمباريات الدورات السابقة وبالترتيب الذي يضعه الفيفا لأفضل فرق العالم بالاضافة الى عدد المشاهير لكل منتخب والمدينة المستضيفة ووو وفي النهاية \"دار الكمبيوتر ولف\" ورشح البرازيل للوصول للنهائي والفوز على إيطاليا فيما وضع الارجنتين ثالثا وأسبانيا رابعا!!
... وفي حين تتم فبركة أغلب التوقعات بطريقة متعصبة ومخادعة، هناك \"توقعات\" تبنى على ظواهر حقيقية تستحق التأمل والتساؤل عن إمكانية تكرارها مستقبلاً ..
فمن الملاحظ مثلا أن أي دولة تستضيف البطولة على أرضها تكون مرشحة للفوز بالكأس بنسبة27%
وكلما زاد عدد مرات الفوز بالبطولات السابقة زاد احتمال الفوز بالكأس الجديدة بنسبة 4% لكل مرة (وبالتالي يمكن القول إن البرازيل مرشحة للفوز بالكأس الحالية بنسبة 20% كونها فازت بخمس بطولات سابقة).
أيضا من الملاحظ أن معظم الدول التي نظمت البطولة على أرضها وتنتهي بحرف الألف (أ) فازت بالكأس مثل إيطالي ا 1939 وألمانيا 1974 وفرنسا 1998 وإنجلترا 1966..
ومنذ قيام أول بطولة (عام 1930 ) يلاحظ أن الفائز بالكأس ينتمي غالبا للقارة التي تنظم فيها البطولة .. بمعنى .. إن نظمت المسابقة في قارة أوروبا يفوز غالبا منتخب أوربي وإن نظمت في امريكا الجنوبية يكون الفائز فريقا أمريكيا لاتينيا...
أما في حال وجود أي استثناءات (من الظواهر السابقة) فيصبح حظ البرازيل أقوى في الفوز بالبطولة خارج أرضها وقارتها كونها فعلت ذلك في عام 1959 بالسويد وكأس 1994 في أمريكا وكأس 2002 في آسيا!
... على أي حال تبقى حالة الحيرة وصعوبة التنبؤ أحد أهم عوامل الجذب في المنافسات الكروية، كما تظل كأس العالم واحدة من أجمل المسابقات الرياضية وأكثر الصراعات البشرية براءة ونزاهة وبعداً عن الدموية ..
أما المؤسف فعلًا ؛ فهي أنها لا تأتي إلا مرة كل أربعة أعوام فقط ..
المصدر: صحيفة الرياض