شفاء للناس لا دواء بالإحساس
شفاء للناس لا دواء بالإحساس!
أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
إن من العقيدة الإيمانية الجزم بأن الله على كل شيء قدير وأن دعاء الله سبحانه وتعالى يحقق ما يستحيل تحقيقه على أيدي البشر، كما أن فعل القرآن الكريم والأدعية النبوية الصحيحة قوية في كشف الهم والغم والمرض، كل هذا مما أؤمن به إيمانا جازما وهو خاص يتحقق لأناس دون ناس والسر في ذلك كله علاقة العبد بربه دون دخل لوسطاء أو رقاة أو مشايخ لأن أي تدخل بين العبد وربه يفسد ما عدا الدعاء بظهر الغيب أما غير ذلك فإن الطريق إلى الشفاء إنما يكون فقط في الدواء، والبحث عن الدواء عبر الأطباء وهو الوسيلة الصحيحة المشروعة كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «تداووا عباد الله ما من داء إلا وله دواء، علِمه من علِمه، وجهِله من جهِله». وقد ضرب الله نموذجا للتداوي في القرآن الكريم وهو التداوي بالعسل وخصه بقوله تعالى : «فيه شفاء للناس» ويلحق به ما كان قد صح من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في التداوي به مثل الحبة السوداء ومع هذا يبقى العسل والحبة السوداء محل تداوي ومظنة شفاء لأسباب طبية وعلمية تتعلق بتحديد الجرعات ونوعية العسل والحبة السوداء ومدة صلاحيتهما وهما كذلك محل تجارب على الناس وليس حيوانات التجارب لأن المنصوص عليه فيه شفاء للناس.
إن هناك تنكبا كبيرا عن الطريق الدوائي الصحيح والسير خلف الأدوية العشبية دون دراسات تجريبية صحيحة والادعاء بأن لدى البعض علاجات سريعة وسحرية لأمراض السرطان والإيدز وأن هذه اكتشافات حديثة جاءت عبر الدراسات التجريبية على المرض أو حيوانات التجارب ثم لا نجد أي شيء من ذلك ينشر في أوعية العلم المتخصصة إما بحجة سرقة التركيبة العلاجية أو بحجة عدم الانتهاء من البحث بعد والعلم كما نعلم إنما يكون بالنشر والاعتراف الدولي والعالمي عبر قنوات رسمية ومؤتمرات ولقاءات ومناقشات خاصة إذا أريد تطبيقه كدواء على الناس وجاء في عموم ذلك كقوله تعالى في سورة الأنعام «قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا» أي أعلنوه وانشروه أما غير ذلك فهو كسب للشهرة وبحث عن العظمة وتغرير بالمرضى وهو مما يفترض أن يعاقب عليه القانون وتلاحقه الأنظمة الصحية وهو دواء بالإحساس فقط بأن الناس قد تشافت وتعالجت ولا أمر غير ذلك، وهذا فيه إثم كبير لأن المريض معذور ويتعلق بقشة خاصة إذا كان مصدر القشة ممن يلبس لباس العلم والطب.
المصدر: صحيفة عكاظ