في الأذن الداخلية
في الأذن الداخلية ؟!
د. سلمان بن محمد بن سعيد
الأذن الداخلية متاهات مبهمة تتجلى فيها عظمة الخالق سبحانه وتعالى.. وهذا الجزء الصغير من جسم الإنسان مرتبط تشريحياً ووظيفياً بالمخ.. فالمخ (تقريباً) يحيط بهذا الجزء السمعي من ثلاث جهات.. ومن جهة واحدة فقط تحدها الأذن الوسطى التي تبدأ بالطبلة.. والأذن الوسطى أبسط تعقيداً من حيث تكوينها ومحتوياتها.. وأثناء قيامنا (بالتشريح) عندما كنا طلبة كانت الأذن الداخلية من أصعب أجزاء جسم الإنسان تعلماً وإلماما.. حتى بعد التخرج والتعاطي (عملياً) مع ماينتج بسبب اعتلال الأذن الداخلية من أعراض (كالدوار والدوخة وفقدان التوازن) تظل الأذن الداخلية عصية على الفهم.. وأقول (بصراحة) إن ما أعرفه عن الأذن الداخلية يظل قليلا جداً لدى طبيب كان من المفترض أن يكون طبيب أذن أريب.. وثمة حقيقة أشرت إليها في سوانح الماضية وهي مايعتبره أطباء الأذن من خطورة الأعواد القطنية الخاصة بتنظيف الأذنين (كوتن بدز) ومايقوم به بعض الناس من حك آذانهم بأجسام غريبة وحادة (الرجال بمفتاح السيارة والنساء بتوكة الشعر) وبذلك يصلون لطبلة الأذن فيخدشونها أو حتى يثقبونها.. وتعتبر طبلة الأذن خط دفاع وحماية للأذن الوسطى وكذا الداخلية.. وأقول لمن يستعمل الأعواد القطنية إذا كان الغرض من استعمال تلك الأعواد هو التنشيف والتنظيف بعد الاستحمام.. فليكن للأذن الخارجية فقط.. وهذا أيضاً يمكن القيام به بمنشفة نظيفة أو مناديل ورقية.. والكثير من أمراض الأذن الوسطى تحدث بعد ثقب الطبلة الرقيقة التي تحمي الأذن الوسطى والداخلية.. ومهما كان الجراح ماهراً فلن يعيد طبلة الأذن إلى ماكانت عليه.. بل ان الكثير من عمليات ترقيع الطبلة ليس الهدف منه استعادة الطبلة وسمع الأذن إلى ماكانت عليه قبل ثقب الطبلة.. بل للمحافظة على مابقي من سمع ومنع التهاب الأذن الوسطى من الاستفحال والانتقال للأذن الداخلية والمخ.. والتهابات الأذن الداخلية الناتجة عن ثقب الطبلة (والأوتايتس ميديا) لا يضاهيها خطورة إلا الأورام الخبيثة.. فحافظوا على طبلات آذانكم ولا تقربوا (مفاتيح السيارات وتوكات الشعر) وأعواد القطن منها.. وإن كنتم تريدون تنظيف آذانكم مما تراكم فيها من شمع (واكس) فليقم به طبيب أُذن لديه من العلم مايكفي عن أمراض الأذن الوسطى والداخلية.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.
المصدر: صحيفة الرياض