الربو... 10٪ من سكان المملكة يعانون منه
الربو ... 10٪ من سكان المملكة يعانون منه!
لا يمكن علاجه بصفة قاطعة ونهائية ومن الخطأ الاعتقاد بعدم جدوى ونفع أخذ البخاخات
لا يمكن علاجه بصفة قاطعة ونهائية ومن الخطأ الاعتقاد بعدم جدوى ونفع أخذ البخاخات
أ. د. أحمد سالم باهمام
الربو مرض شائع يصيب حوالي 4 - 32٪ من البشر ويؤدي إلى عدد كبير من المراجعات إلى أقسام الطوارئ وعيادات الأطباء كما قد يؤدي لا قدر الله إلى الوفاة في الحالات الشديدة التي لا تتلقى العلاج المناسب في الوقت المناسب. ومرض الربو في كثير من الأحيان يلازم المريض لفترات طويلة حتى وإن خفت حدة المرض، لذلك يجب على مريض الربو فهم آلية المرض وطرق علاجه. فنجاح علاج الربو يعتمد كثيرا على فهم المريض لطبيعة المرض. وسنتعرض اليوم لبعض الأفكار المغلوطة التي تنتشر بين مرضى الربو ونسمعها من بعض المراجعين في العيادة:
أخطاء تتعلق بمرض الربو:
اعتقاد الكثير من المرضى أن حساسية الصدر والربو مرضان مختلفان وخوفهم من مسمى الربو: وفي الواقع فإن الربو يعني حساسية القصبات الهوائية، والمسميان يعنيان نفس المعنى. وعموماً فإن الحساسية تعتبر أشمل حيث ان هناك حساسية الجلد وحساسية العين وحساسية الأنف وحساسية الشعب والقصبات الهوائية التي يطلق عليها أيضا الربو. وكلمة الربو في اللغة العربية مشتقة من ربى أي زاد وهنا تعني الزيادة أي زيادة البلغم.
الاعتقاد بأن مرض الربو معد: وهذا اعتقاد خاطئ وهو في نظري ما يخيف بعض المرضى من هذا المسمى حيث يقرنون مرض الربو بمرض الدرن. ففي حين أن مرض الدرن تسببه بكتيريا، فإن مرض الربو كما ذكرنا أعلاه ناتج عن تحسس القصبات الهوائية.
الاعتقاد بأن الربو يمكن علاجه بصفة قاطعة ونهائية بحيث تنقطع الأعراض تماماً ولا ترجع مرة أخرى، ومن المهم معرفته هنا أنه ليس للربو علاج قاطع ونهائي مثله في ذلك مثل مرض السكر وذلك نظراً لوجود العاملين المهمين في تكوينه وهما الاستعداد الوراثي والمحسسات الخارجية إلا إذا تم عزل الإنسان عن بيئته تماماً وهذا غير ممكن، ولكن بمحاولة تجنب المحسسات البيئية واستعمال الأدوية الفعالة يمكن للمصاب أن يعيش حياة طبيعية هادئة بدون أزمات ربوية أو أعراض مزعجة.
أخطاء تتعلق بعلاج مرض الربو:
اعتقاد بعض المرضى بعدم جدوى أخذ البخاخات وعدم نفعها، وكثير من المرضى يخشى استعمال هذه البخاخات بدافع الخجل وعدم الرغبة في معرفة الآخرين بحالته الصحية والاطلاع عليه أثناء تناول البخاخات وهذه الاعتقادات غير مبررة إذا عرفنا أن الربو يصيب أكثر من 10٪ من سكان المملكة وأن أكثر أدوية الربو حالياً يمكن أخذها فقط في المنزل لمرة أو مرتين يوميا فقط.
اعتقاد كثير من المرضى بأن أخذ البخاخات الموسعة للشعب الهوائية يؤدي إلى الإدمان أو التعود على أخذها بشكل مستمر وهذا من غير شك اعتقاد خاطئ ليس له أي أساس علمي مطلقاً . وسبب هذا الاعتقاد هو أن الذي يستعمل فقط بخاخ الفنتولين بدون إضافة أدوية معالجة أخرى يتحسن لفترة وجيزة فقط حيث ان الفنتولين يعتبر علاجا مسعفا فقط وليس علاجا واقيا للربو ومفعوله قصير وحين لا يتحسن الربو يضطر المريض إلى أخذه باستمرار مما يعطي المريض ومن حوله الانطباع الخاطئ بأنه أدمن عليه، لذا لا بد من أخذ العلاج الصحيح المتمثل بمضادات التحسس بالإضافة إلى تجنب كل ما يؤدي إلى حدوث أعراض الربو، والفنتولين يقتصر استخدامه كعلاج مسعف فقط.
أخذ أقراص أو شراب الفينتولين: وهذا الأمر لا يوصى به لأن على المريض أخذ جرعة أعلى قد تسبب له آثارا جانبية وخاصة عند الأطفال حيث ان هناك مستقبلات للفينتولين في القلب قد تسبب زيادة أو عدم انتظام دقات القلب. حيث ان تناول الفينتولين عن طريق الفم يعني أن يمر العلاج بعد الامتصاص بالكبد ومن ثم الدورة الدموية وأخيرا الرئتين في حين أن البخاخ يعطى بجرعات أقل بكثير ويصل مباشرة إلى الرئتين. والبخاخ يمكن أن يعطى بكل أمان للأطفال حسب وصفة الطبيب.
يهمل بعض المرضى المصابين بالربو المتوسط أو الخفيف أخذ أدويتهم بانتظام ويعتمدون في معالجة الربو على زيارة غرف الطوارئ عند اشتداد الأزمة. وهذا أمر خطير لسببين رئيسين: الأول: أن مرض الربو يعتبر التهابا مزمنا وعدم أخذ العلاج بانتظام يؤدي إلى فقدان وظائف الرئة بشكل كبير ومستمر، والثاني: أن الانتظار حتى ظهور الأزمة يعتبر أمرا خطيرا حيث ان الاستجابة تكون أبطأ كما أن الأعراض قد تخرج عن السيطرة وتسبب توقفا كاملا للتنفس لا قدر الله.
رفض بعض المرضى أخذ الأدوية التي يصفها الطبيب المختص والتي تحتوي على الكورتيزون عن طريق الفم أو البخاخات تخوفاً من تأثيراتها الجانبية رغم حدة أعراض الربو وما قد يؤدي إليه من مضاعفات سيئة أكثر خطورة من أعراض الدواء، ومن ناحية أخرى هناك بعض المرضى يقوم بأخذ حقن الكورتيزون في العضل علما بأن هذه الحقن تحتوي على جرعات عالية وطويلة المفعول مما يؤدي إلى مضاعفات جانبية خطرة. والكورتيزون مادة دوائية يوجد لها هرمون مشابه في الجسم يفرز من الغدة الكظرية وعلى الرغم من إمكانية تسبب الكورتيزون للعديد من الأعراض الجانبية الشديدة إذا أعطي بجرعات عالية ولمدة طويلة فإن له فوائد عظيمة جداً وأنقذ بإذن اللّه الآلاف بل الملايين من البشر من موت محقق سواء لعلاج الربو أو غيره من الأمراض التي تستجيب لهذا النوع من العلاج، ولذا ينصح باستعماله بطريقة صحيحة وعند الضرورة وتحت إشراف طبيب متخصص. علما بأن البخاخات التي تحتوي على الكورتيزون تكون جرعة الكورتيزون فيها خفيفة جدا وتقدر بالميكروغرامات وتأثيرها العضوي وامتصاصها قليل جدا.
في المقابل، يتساهل البعض في أخذ حبوب الكورتيزون بشكل مستمر أو حين التعرض لنوبة ربو خفيفة نظراً لسهولة تناولها وفعاليتها دون استشارة الطبيب وقد يتناولونها لفترات طويلة مما ينتج عنه أعراض مزمنة وخطيرة.
اعتقاد بعض المرضى بأهمية الأوكسجين وبضرورة زيارة الطوارئ من أجل الحصول عليه علماً أن الأوكسجين ليس ضرورياً في معظم حالات الربو ما عدا النوبات الحادة.
ولدى السيدات الحوامل خطأ شائع وهو التخوف من تأثير الأدوية المستعملة لعلاج الربو على الجنين، بل إن هناك الكثير من أطباء وطبيبات النساء والولادة قد يوعزون لمريضاتهم المصابات بالربو بوقف العلاج بينما الأجدى هو نصح المرضى باستشارة الأطباء المختصين في مجال الأمراض الصدرية. ولا يختلف علاج الربو أثناء الحمل عن علاج الربو لغير الحوامل وبصفة عامة يمكن القول إن معظم الأدوية المستخدمة في علاج الربو يمكن استخدامها أثناء الحمل فهي آمنة وليس لها أي تأثير على صحة الجنين، ومن أهم المخاطر التي تحدث أثناء الحمل هي عدم أخذ الأدوية حسب إرشادات الطبيب نتيجة للتخوف من أعراضها الجانبية أو تأثيرها على الجنين علما بأن أخطار نوبات الربو هي أكثر ضرراً على صحة الجنين وصحة الأم من أي ضرر لهذه الأدوية. وقد أوضحت دراسات علمية عديدة أن مريضات الربو عندما يحملن فإن ثلثهن تتحسن لديهن الحالة وتستقر لدى الثلث وتزداد لدى الثلث الأخير وذلك بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث في الجسم أثناء الحمل وزيادة حجم البطن مما يؤثر على سهولة التنفس وحركة الحجاب الحاجز كما أن الكثير من الحوامل كما أسلفت تقوم من تلقاء نفسها بإيقاف علاج الربو خوفاِ على الجنين مع أن جميع أدوية الربو وخاصة التي تعطى عن طريق الاستنشاق لا تؤثر على الجنين بل إن ترك هذه الأدوية قد يسبب أزمة ربوية ونقصاً حاداً في الأوكسجين مما يضر بالجنين، وهناك بعض السيدات لا تظهر عليها أعراض الربو إلا في فترة الحمل حيث يكون لديها استعداد كامن قبل فترة الحمل ثم يكون الحمل أحد العوامل التي تؤدي إلى ظهور الحالة.
وأخيراً، من الأخطاء الشائعة التوجه إلى استعمال خلطات عشبية غير مدروسة وغير معروفة وصرفها من قبل أشخاص غير مختصين في علم النبات والأعشاب وليس لديهم خلفية طبية جيدة. ومع توفر الأدوية الحديثة الفعالة والتي تعرف جرعتها ومدى تأثيرها وأعراضها الجانبية بالتفصيل فلا ينصح باللجوء إلى علاجات عشبية غير مقننة وغير مدروسة وقد تكون مغشوشة أو ضارة أو غير مفيدة وأقل ما فيها أنها قد تصرف المريض عن استعمال أدويته مما يسبب انتكاسة لحالته.
المصدر: صحيفة الرياض