التأمينات الاجتماعية وتعديل اللائحة
التأمينات الاجتماعية وتعديل اللائحة!
أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
تتمتع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بقدر كبير من التأييد من الدولة عبر لوائح وقواعد منظمة للعلاقات المالية بينها وبين المواطنين المسجلين لديها، وميزة هذه اللوائح والقواعد أنها قابلة للتعديل وإبداء الملاحظات خاصة في القضايا المفصلية ذات العلاقة بحقوق المواطنين، ولمزيد من الشفافية والتواصل خصصت المؤسسة لقاء مع كتاب عكاظ في مدينة جدة؛ وكان لقاء لا تنقصه الصراحة وإبداء الرأي وتعهد ممثلي المؤسسة الذين تم التحاور معهم بنقل اقتراحات ومطالبات المواطنين إلى مجلس المؤسسة لدراستها وتعديل ما يمكن تعديله من اللوائح والقواعد.
إن أكبر حق للمواطنين هو ما يخصهم في سن التقاعد بعد وفاتهم لذريتهم، وبالذات مستحقات المرأة الأرملة عند تفردها في الحياة وخروج أولادها وبناتها إما بوظيفة أو زواج مما يترتب عليه حصولها على مرتب جزئي وبسيط للتقاعد لا يسمن ولا يغني من جوع، وبقية مال زوجها المتوفى تأخذه المؤسسة وتحتفظ به بغير حق ولا وجه شرعي، مع العلم بأنها -أي المرأة- تفتقر إليه وهي بأشد الحاجة له، فهل يعقل أن تستمر المؤسسة بنظام كهذا دون مراجعة، لقد تم الاقتراح في اللقاء على ضرورة النظر في هذا الأمر ورفع نسبة حق المرأة الأرملة في التقاعد وتعديل اللائحة المنظمة لذلك، وحبذا أن يكون لهيئة وجمعية حقوق الإنسان دور تحفيزي ومتابعة في ذلك؛ لما له من مردود اجتماعي وإنساني في منح المواطنين حقوقهم.
أما النقطة الثانية التي تم التباحث والحوار والنقاش حولها فهي أن المؤسسة ذات استقلال مالي وإدراي، وقد نجحت نجاحا كبيرا في الاستثمار لدرجة أن لديها إدارة متخصصة في ذلك، حتى أصبح عائد الاستثمار لديها كبيرا جدا وعندها فائض منه من المتوقع كون رأس مال هذا الاستثمار هو في الأصل للمواطنين بأن تقوم المؤسسة ببعض المشاريع الاجتماعية والتعليمية والخيرية، يمكن مثلا أن تصمم مشاريع تخدم المجتمع خاصة فقراءه وأرامله وأيتامه، أو مشاريع شبابية تعليمية أو رياضية أو بحثية أو اجتماعية، ويمكن أن تقدم خدمة السكن لكبار السن المعدمين أو العاجزين عن الدفع أو بناء مراكز صحية للمتقاعدين بأسعار رمزية، إن مشاريع كهذه تصب في الدرجة الأولى في خدمة الإنسان الذي هو محور التأمينات الاجتماعية.
إن ما جاء في التعريف بالمؤسسة بأنها تقوم على رفاهية المواطنين وتذليل سبل الحياة الكريمة لهم إنما يكون ذلك كلاما في الهواء، ما لم تكن الانطلاقة الأولى لتحقيقه هي وزرع ثقة المواطن بها، وذلك يتم من خلال تأمين حقوقه الأصلية التي تم العاقد معه عليها واستقطعت منه طيلة عمره وكذلك من خلال تلمسه الواقعي للمشاريع المتنوعة التي تقدم لخدمته، فهل تفعل المؤسسة وتعيد النظر في ما يخص المواطنين وتعلن عن قريب تعديل اللائحة وتبنيها لما ينفع المجتمع؟
المصدر: صحيفة عكاظ