• ×
admin

في ظل غياب الأدوية.. إجراء الحجامة من وقت لآخر كفيل بإنزال الضغط مؤقتاً

في ظل غياب الأدوية.. إجراء الحجامة من وقت لآخر كفيل بإنزال الضغط مؤقتاً!
ليس هناك دليل علمي محكم حالياً يثبت فائدتها أو ينفيها في علاج أمراض القلب

د. خالد النمر

(ابوحمد) رجل في السبعين من عمره لديه جلطة سابقة في القلب ولديه ايضا جلطة سابقة خفيفة في الجهة اليسرى من الدماغ ومرض الضغط والسكري والكليسترول وكان يتابع في العيادة وحالته مستقرة حتى انه في الفترة الاخيرة باعدنا بين مواعيد زياراته لاستقرار حالته.. اشار عليه أحد جلسائه بالحجامة وذكر انها تغنيه عن كثير من ادوية القلب والضغط والسكري التي يأخذها.. فذهب الى أحد الحجامين وقال له صاحب الحجامة ان لديه دما فاسدا كثيرا فأجرى له الحجامة في سبعة مواقع.. وطلب منه ايقاف جميع الأدوية والحمية عن بعض الطعام.. فتدهورت حالة المريض خلال اسبوع ودخل الى المستشفى بضيقة في التنفس ودوخة واتضح ان لديه فشلا في القلب وتجمعا للسوائل في الرئتين وانخفاضا في الضغط..

وقد لاحظنا مؤخرا زيادة عدد مرضى القلب الذين تظهر عليهم آثار استخدام الحجامة cupping. وعند سؤالهم عن ذلك.. قالوا انها تستخدم كعلاج لمرض الضغط وفشل القلب وذلك يمكنهم بإذن الله من ترك الأدوية.. وقد تركوا الأدوية فعلا لشعورهم بتحسن.. ولكن نكست حالتهم مرة أخرى فراجعوا العيادة.. ولسنا في هذا المقام في موقع تقييم الحجامة اطلاقا. وانما لنبحث عن اجابة شافية ومحددة للسؤالين التاليين:

اولا- هل هناك دليل علمي محكم عن علاقة الحجامة بأمراض شرايين القلب في الوقت الحالي؟

ثانيا- هل الحجامة تعالج مرض ارتفاع ضغط الدم وتمنع حدوثه مستقبلا؟

الحجامة cupping blood letting هي احدى طرق الطب البديل لعلاج امراض مختلفة.. ويقصد بها الطريقة التي يستخلص بها الدم \\\"الفاسد\\\" من خلال الجلد بتشريطه ثم بسحبه بطرق مختلفة على حسب تجربة الشعوب المختلفة في هذا المجال، وهي تمارس منذ آلاف السنين في الطب الصيني ابتداء ثم انتشرت لدى باقي امم الارض وهي تمارس حاليا وان كان بوسائل مختلفة وبأسماء مختلفة من الصين وروسيا شرقا الى الولايات المتحده وامريكا الجنوبية غربا.. وقد كانت في السابق في ظل عدم وجود ادوية طبية فعالة - طريقة ممكنة للتعامل مع عدة امراض مثل ارتفاع ضغط الدم (وفي ذلك تفصيل سنذكره لاحقا)، وازدياد الحديد الوراثي في الجسم hemochromatosis، وارتفاع الهيموغلوبين في الدمpolycythemia rubra vera، وبعض امراض الدم الوراثية مثل porphyria. وهناك نوع من ارتفاع ضغط الدم يحصل بسبب ازدياد تركيز الدم polycythemia وعلاج هؤلاء حسب المسبب الأصلي لذلك الارتفاع.. ومن احدى الطرق التبرع بالدم بالطرق الحديثة او ما كان يحدث بالطرق التقليدية سواء الحجامة او الفصد او ما يستخدم في دول الشرق الأقصى من استخدام العلق الطبي leeches وهي قد تكون علاجا للضغط بانزال ضغط الدم الشرياني مؤقتا ونزول الضغط يكون بسبب انزال حجم البلازما داخل الجسم وفقدان الاملاح في تلك العملية لأن ضغط الدم الشرياني يعتمد على عدة عوامل اهمها: حجم الدم الذي يضخه القلب (SV) وممانعة الشرايين الطرفيه (Resistance) وكان في غياب ادوية الضغط اجراء الحجامة من وقت لآخر كفيل بإنزال الضغط لفترة من الزمن تستمر لأسابيع معدودة.

اما الادوية الحديثة للطب فهي تعمل غالبا على الجزء الثاني من المعادلة غالبا مثل الادوية الموسعة للشرايين الطرفية ACEI & CCB وان كان هناك ادوية تعمل على الطرف الاول مثل مدرات الأملاح HCTZ. ولأن ضغط الدم عامل مهم في كثير من امراض القلب فمن الممكن ان الحجامة كان لها دور في التحكم بآلام انسداد شرايين القلب في ذلك الزمن.. حيث يخف الضغط الشرياني بعد اجراء الحجامة وبالتالي يخف الجهد الذي يبذله القلب في دفع الدم في الشرايين وبالتالي يخفف آلام شرايين القلب، اما الادوية الحديثة لعلاج الضغط فهي اسهل استخداما، واكثر فاعليه على المدى القريب والبعيد، ولا تسبب كثرتها الانيميا على المدى البعيد، والدليل العلمي على فائدتها على المدى البعيد متواتر في دراسات طبية متعددة.

والحجامة ليست من دون مخاطر التي قد تتعلق بأدوات الحجامة مثل العدوى بالتهاب الكبد الوبائي او ما يتعلق بتكرار الحجامة مثل الانيميا المزمنة الشديدة بسبب كثرة الحجامة فقد ثبت علميا في كوريا الجنوبية اصابت احدى المرضى بتضخم عضلة القلب وفشل القلب من كثرة الحجامة على مدى عشر سنين حيث كانت المريضة تستخدم فيها الحجامة لآلام الظهر.. وقد سبب ذلك لها فقر دم مزمنا حيث نزل لديها الهيموغلوبين الى مستوى 1،5 جرام في الديسيلتر وتلك الحالة نشرت في المجلة الاوروبية لتصوير امراض القلب Eur J Echocardiogr. 2008 Sep;9(5):585-6 ولذلك فإننا ننصح مرضى الضغط بعدم ترك ادويتهم المتحكمة بالضغط ونترك القرار لهم بعد ذلك في الحجامة ومن حق المريض ان يعرف أنه ليس لدينا دليل علمي محكم في الوقت الحالي يثبت فائدتها او ينفيها في علاج امراض القلب. ولا يعني ذلك عدم فائدة الحجامة في العلاج عموما.. فلقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم كما في ورد في صحيح البخاري. ولابد للمريض ان يعرف ضوابط طريقة العلاج التي ينويها وما هي دواعيها في مثل حالته وما رأي طبيبه المتابع لحالته في ذلك وما هي المضاعفات المحتملة وهل الشخص الذي يمارسها لديه إجازة موثقة بممارستها وهل تمت مراقبة اداؤه سابقا في علاج حالات مماثلة وما حصل لهم بعد ذلك وهل هو ضامن للأخطاء المحتملة في طريقة علاجه. ثم يستطيع المريض بعد ذلك اتخاذ قراره على بينه من أمره.. وذلك لأن الموضوع يتعلق بالحفاظ على صحة الناس وارواحهم وهو من الضروريات الخمس التي وردت الشرائع بالمحافظة عليها.. وكلاهما الطب الحديث والبديل لهما هدف واحد ألا وهو مساعدة المريض، ورجوح الفائدة على الضرر شرط لأي علاج في كلا نوعي الطب.. فما رأيك انت عزيزي القارئ في هذا الموضوع؟

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1663