مرض المباني المغلقة
مرض المباني المغلقة
د. أحمد عبد القادر المهندس
يقضي الإنسان حوالي 90% من وقته تقريباً في بيئة داخلية، سواء كانت في بيته أو مكتبه أو لمراجعة الدوائر الرسمية وغيرها. ويزيد هذا الوقت بالنسبة للأطفال وكبار السن، حيث إنهم لايفارقون منازلهم إلا قليلاً.
وهكذا، فإن وجود الملوثات في المنازل والمباني حتى ولو كانت بتراكيز قليلة سوف تعرضهم أحياناً لبعض المشكلات الصحية. وقد ظهرت مؤخرا أمراض غريبة تتعلق مباشرة بالبيئة الداخلية، مثل مرض المباني المغلقة. وقد اكتشف العلماء ذلك في مطلع السبعينيات عندما زادت شكوى العاملين في بعض المباني من بعض الأعراض المرضية مثل الشعور بالتعب والإرهاق، والصداع المتكرر، وجفاف الجلد، ومشكلات تهيج العيون والأنف والحنجرة وغير ذلك. وقد دعا ذلك منظمة الصحة العالمية في عام 1983م إلى الاعتراف الرسمي بوجود هذا المرض.
وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن هذا المرض يأتي نتيجة لأسباب متعددة منها المنتجات المستخدمة في البيئة الداخلية مثل الأثاث والسجاد والأصباغ التي تؤثر في نوعية الهواء الذي يتعرض له ساكنو هذه المباني، ومنها ما يتعلق بالملوثات البيولوجية مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات التي تكون موجودة في هذه البيئة، بالإضافة إلى الملوثات الفيزيائية مثل درجة الحرارة ونسبة الرطوبة وغير ذلك. ولعل أهم الأمراض التي تتعلق بالبيئة الداخلية مرض (لوجينير) الذي اكتشف في أحد الفنادق في مدينة ميتشغان الأمريكية عام 1968م، وكان سببه تلوث غرف الفندق ببكتيريا خاصة هي بكتيريا (Legionella Peneumophila) والتي كان مصدرها أجهزة التكييف المركزي. ويطلق هذا المرض على الأشخاص الذين يصابون بأعراض الالتهاب الرئوي المصحوب بحمى نتيجة لاستنشاق هواء رطب ملوث بتلك البكتيريا المذكورة. وقد تكرر حدوث هذا المرض في فنادق متفرقة في الولايات المتحدة، لعل أبرزها عام 1976م في أحد فنادق فيلادلفيا. وقد أدى هذا المرض إلى وفاة 29 شخصاً، وإصابة 180 شخصاً في مدينة ستانفورد بانجلترا.
وتشمل أعراض مرض ليوجينير الحمى المرتفعة والكحة التي تكون حادة ومصحوبة أحياناً بالبلغم والإسهال. كما تظهر على كثير من المصابين الدوخة وألم العضلات والصدر وضيق التنفس والصداع والقيء.
إن كثيراً من المصابين بهذا المرض قد يكونون أصلاً مصابين بمشكلات في الجهاز المناعي مما يعرضهم إلى مزيد من تعقيدات مرض الليوجينير.
إن مكافحة مرض الليوجينير وغيره من أمراض المباني المغلقة تكون بالتأكد من سلامة البيئة الداخلية مثل التهوية الجيدة ودخول أشعة الشمس، والتحكم في نوعية الهواء، ونسبة الرطوبة، ودرجة الحرارة المناسبة. بالإضافة إلى التوعية الصحية بهذه الأمراض الغريبة...
المصدر: صحيفة الرياض