الربيان الطائر؟!
الربيان الطائر؟!
د. سلمان بن محمد بن سعيد
أعلنت وزارة الزراعة استعدادها لمواجهة أسراب جراد قادمة من القرن الأفريقي.. هذا الخبر أعادني لسنوات الطفولة.. فثمة ذكريات جميلة عن الجراد تستحق أن تُروى في سوانح اليوم.. وثمة حقيقة أُخرى فيما يخص مكافحة الجراد.. وهي ان تلك المكافحة أدت إلى التقليل من أعداده مقارنة بما كان عليه (أيام زمان) وأيام زمان عندما بدأ نشاط مكافحة الجراد كانت إحدى كبيرات السن تقول (حرمونا) من الجراد الله يسامحهم.. غير مدركة لما يسببه الجراد من إتلاف للمحاصيل الزراعية والقضاء على الأخضر واليابس.. ولا أنسى فيلماً وثائقياً عن كيفية غزو الجراد للمحاصيل الزراعية منذ بداية طيرانه ساداً الأفق بأعداده الهائلة وطريقة أكل الجراد الشره والنهم الذي لا يشبع.. فلا يدع حقلاً أخضر أو بستاناً وارفاً إلا يباباً أجردا.. والعامة تقول لمن يأكل ولا يشبع بأنه كالجرادة.. وذاكرتي لا تزال تحتفظ بالكثير من الذكريات عن الجراد (المكن والزعير) والمكن هو كبير الحجم ولونه يميل للبني وهو اللذيذ في طعمه.. وأنا شخصياً لا أزال أتذكر طعمه اللذيذ وأُشبهه بالربيان أو الجمبري (لوكل شرم) ويوازي (جمبو شرم) في الطعم.. والزعير أو مايسميه بعض العامة (الخيفان) يكون حجمه صغيراً ولونه أصفر أشهبا.. و(الأولين) عندما يشترون أو يحضرون الجراد كانوا يحضرونه في (خياش) لا تفتح الخيشة إلا في المطبخ ليتم تفريغ الخيشة مما تحويه من جراد في قدر الطبخ الكبير وقد استوى على النار.. والله أعلم بما تحويه الخيشة بجانب الجراد.. إلا ان النار كفيلة بقتل وطبخ الجميع.. والجراد المكن هو إناث الجراد عندما تكون حاملاً بالبيض.. ومن هنا أُشبهه بالكافيار.. فالكافيار عبارة عن بيض السمك.. وبالمناسبة تذوقت طعم الكافيار المشبع بالملح في إحدى المرات.. ولم أستسغه.. وفي رأيي ان طعم جرادة المكن ولذتها تفوق طعم الكافيار بمراحل.. وهناك فائدة يُروج لها محبو وآكلو الكافيار يعرفها الرجال أعتقد ان جراد المكن يتمتع بها أيضا.. ولكن أين من يقوم بالدراسة وأين المتطوعون لعملها.. ونحن هنا في نجد لا بحر لدينا ولا نهر لنصطاد الأسماك والربيان.. ومن هنا قال أحد القدماء المحليين عندما أكل وتذوق الاثنين (الربيان والجراد) إن الجراد بسبب طعمه اللذيذ هو ربيان طائر.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.
المصدر: صحيفة الرياض