ألمانيا والكرة الجماعية
ألمانيا والكرة الجماعية
صالح المطلق
يترقب عشاق المستديرة في كل أنحاء العالم اكتمال نتائج مباراتي النصف النهائي من المونديال الذي أمضى المراحل التمهيدية بخليط من الأحداث الفنية والأخطاء التحكيمية والظهور الرائع لبعض الأسماء التي ينتظر أن تأخذ طريقها الصحيح في عالم الإبداع والشهرة كما حدث مع المجموعة السابقة من اللاعبين الذين كان لكأس العالم التأثير المباشر في تثبيت أقدامهم واستمرار عطائهم في المستطيل الأخضر لسنوات امتدت إلى ما بعد الاعتزال وترك اللعب والاتجاه للمجال الفني أو الإداري كما حدث مع بلاتيني وبكنباور وأخيرا مرادونا وماتيوس وريكارد، وكعادة هذه المسابقة العالمية لا بد ان تفرز عدة فوائد وعدة أشياء جديدة تستحق التوقف وتحتاج إلى المزيد من النقاش والطرح والتفصيل وذلك لكي لا تمضي أحداث هذا التجمع بدون أن نستخرج منه العبر ونستفيد من كل التجارب بما ينفع ويحقق الأهداف خصوصا ونحن في بداية مرحلة التطوير والتصحيح التي رسم خطوطها الخبيران ريك بيري الانجليزي وجيرار هوليه الفرنسي .
***اعتمدت الأرجنتين على ميسي فخرجت بشكل سيء وغير مقبول لأبطال العالم ومدرسة النجوم وهكذا حدث أيضا مع انكلترا ونجمها الفذ روني وبشكل مماثل تكرر المشهد مع الكاميرون وايتو والبرازيل وكاكا والبرتقال ورونالدو وفرنسا وريبيري وساحل العاج ودروقبا وعلى العكس تماما قدمت منتخبات ألمانيا وهولندا واسبانيا دروسا متكاملة ومتقنة في فن اللعب الجماعي والاستعداد اللياقي وتعدد أشكال الفرص والتهديف والاتزان بالأداء وسرعة الارتداد والقوة بالالتحام والانضباط التكتيكي وحرية التصرف في حدود مصلحة الفريق ونظام المجموعة واحترام المنافس وأنظمة المعسكر والجهاز الفني والإداري بطريقة تدل على حسن التخطيط والاختيار المناسب والصحيح لتكامل وتناغم اختلاف التنوع والمزج بين عنصرالشباب والخبرة في أقوى المسابقات العالمية والتي استطاع أن يصبح معها لاعب الاحتياط في نادي بايرن ميونيخ الالماني المهاجم ميروسلاف كلوزة احد أهم الهدافين في تاريخ البطولة وذلك بفضل اللعب الجماعي الذي غاب عن منتخبات كاكا وميسي والباقين وظهر بشكل واضح ومؤثر على أهداف ديفيد فيا وكلوزة وشنايدر وموللر، والخلاصة أن المنتخبات التي نجحت في إضافة تكتيك خاص على طريقة وأسلوب اللعب من غير أن يؤثر على ما تميزت وعرفت به من عشرات السنين استطاعت أن تتفوق ولا تتعرض للهزائم والإحراج وهذا ما حدث لمنتخب ايطاليا الذي تخلى عن أسلوب أهم مدرسة دفاعية في تاريخ كرة القدم ليخرج من الأدوار الأولى بعد أن تلقى هدفاً من رمية تماس في لقطة لم تحدث مع اقل المنتخبات معرفة بفنون الدفاع وأصول التمركز، وأما المنتخبات التي كابرت في مسألة اختيار اللاعبين وركنت للتاريخ وأرشيف الماضي فقد تأرجح أداؤها ولم تتمكن من التماسك ومواصلة التنافس وهذا ما حدث لمنتخبات انكلترا والبرازيل والأرجنتين وأما فرنسا فقد أضافت للإخفاق الفني أكثر من علامة استفهام على معنى الانضباط والاحتراف في بلد يعتبر مدرسة ومثال للآخرين.
المصدر: صحيفة الرياض