ضغط الدم المرتفع، أسبابه وطرق الحد من مضاعفاته
ضغط الدم المرتفع، أسبابه وطرق الحد من مضاعفاته
محمد سامي عودة
في كل مرة ينقبض فيها القلب يندفع الدم عبر أوعية دموية تدعى الشرايين إلى كافة أنحاء الجسم ليزود الأنسجة والخلايا بالأوكسجين والمواد المغذية للنمو، وتقوم هذه الشرايين بتنظيم الضغط وكمية الدم التي تمر بها عن طريق التمدد والتقلص المنتظم مع نبضات القلب، وإذا ما فقدت هذه الشرايين مرونتها لأي سبب من الأسباب تزيد عندها مقاومة الشرايين لمرور الدم فيرتفع ضغط الدم، ولذلك فإن مقاومة جدران الشرايين لمرور الدم يعتبر عاملاً هاماً لمعرفة مستوى ضغط الدم والسيطرة عليه. وهناك نوعان من الضغط يتم قياسهما، هما الضغط الانقباضي ويقاس عندما ينقبض القلب أثناء عملية الضخ، والضغط الانبساطي ويقاس عند استرخاء القلب لاستقبال الدم القادم من الجسم، وللعلم فإن قيم ضغط الدم تتراوح خلال النهار فتكون أعلاها عند الصباح وأقلها في الليل. وينقسم ضغط الدم المرتفع إلى نوعين رئيسين هما ضغط الدم المرتفع الأولي أو الأساسي والذي يشكل 90% من حالات ضغط الدم المرتفع ولا يُعرف سببه لذا سُمّي بالأساسي لكن هناك عوامل تساعد على ظهوره منها العوامل الوراثية حيث أن 30% من المصابين بضغط الدم المرتفع الأساسي لديهم تاريخ عائلي بارتفاع ضغط الدم أو الموت المبكر بأمراض القلب في أحد أقربائهم من الدرجة الأولى، وكذا العوامل البيئية مثل زيادة استهلاك ملح الطعام والكحول والسمنة، وكذلك التوتر والحياة اليومية غير المستقرة تساهم كلها في ارتفاع ضغط الدم. أما ضغط الدم المرتفع الثانوي فيشكل 10% من حالات ضغط الدم المرتفع وينتج عن مسببات عدة منها المسببات الوراثية أو الولادية والأسباب الدوائية حيث تحدث ردود فعل في الجسم ينتج عنها ارتفاعاً في ضغط الدم بسبب تناول أدوية معينة مثل حبوب منع الحمل وحبوب الكورتيزون، وأمراض الغدد الصمّاء مثل زيادة إنتاج هرمون الألدوستيرون وزيادة نشاط الغدة الدرقية، وأمراض كلوية وهي عديدة مثل التهاب حوض الكلية وتضيق الشريان الكلوي، كما أن هناك مسببات أخرى كارتفاع ضغط الدم المصاحب للحمل وزيادة إنتاج كريات الدم الحمراء والتهاب الشرايين. والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض هم الرجال فوق سن الثلاثين، والأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، والنساء أثناء فترة الحمل، والأشخاص ذوو البشرة الداكنة. ولا يوجد بالعادة ما يوحي أو يدل على الإصابة بضغط الدم المرتفع لذلك يُعرف بالقاتل الصامت، ولا يعني بالضرورة إذا كان الشخص عصبياً أو متوتراً أو حتى ذا نشاط زائد بأن ضغط دمه مرتفع بل يمكن أن يكون هادئاً ومرتاحاً ومع ذلك لديه ارتفاع في ضغط الدم. إلا أن القليل من الناس يعانون من بعض الأعراض التي قد تشير إلى الإصابة بضغط الدم المرتفع كالصداع الشديد ومشاكل في البصر وصعوبة التنفس ونزيف الأنف المتكرر، لذا فالطريقة المثلى لمعرفة إذا ما كان الشخص مصاباً بضغط الدم المرتفع هي عن طريق قياسه. ويقاس ضغط الدم باستخدام جهاز يُدعى سفيجنومانوميتر، ويُشخّص ضغط الدم المرتفع بعد أن تكون قراءات ضغط الدم مرتفعة عن المعدل بالنسبة للشخص على الأقل 3-4 قراءات وفي مناسبات مختلفة يكون بينها 3-4 أسابيع ويُفضل أن تكون القراءة في نفس الوقت من اليوم، وهناك خطأ شائع وهو أخذ القراءة يومياً أو أخذ عدة قراءات في اليوم الواحد أو في مناسبات متقاربة لذا يُفضل أخذ عدة قراءات منفصلة على فترة زمنية طويلة. وقد اقترحت منظمة الصحة العالمية في توصياتها أنه عندما يصل ضغط الدم عند الإنسان أكثر من 130/90 فإنه يُعد غير طبيعي. وتجب معالجة ارتفاع ضغط الدم لتفادي الآثار السلبية وحالات الوفاة المفاجئة للمضاعفات التي يسببها هذا المرض وأهمها السكتة الدماغية والجلطة القلبية وقصور القلب والفشل الكلوي وتلف قاع العين والعصب البصري والغرغرينا، ولا بد من الإشارة إلى أن التدخين وارتفاع نسب الدهون والكوليسترول في الدم ومرض السكري كلها عوامل تزيد من حدة مضاعفات ارتفاع ضغط الدم. وللحد من خطورة ضغط الدم المرتفع ومضاعفاته يجب إنقاص الوزن وتجنب الطعام الدسم والغني بالكوليسترول والإقلال من ملح الطعام والإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف الطبيعية، والإكثار من تناول الفواكه والخضار لارتفاع نسبة البوتاسيوم فيها والذي بدوره يساعد على خفض ضغط الدم والتقليل من تأثير الضغط على أعضاء الجسم مثل المخ، وتجنب تناول الكحول، وممارسة الرياضة مثل المشي والسباحة وركوب الدراجة بشكل دوري ومستمر 3 مرات أسبوعياً، والامتناع عن التدخين، والقيام بتمارين الاسترخاء مثل الصلاة والتأمل، ومن ثم متابعة ضغط الدم بشكل دوري وتناول الأدوية العلاجية إن لزم الأمر.
المصدر: صحيفة الرياض