النوم القهري غير الإرادي.. مرض مناعي
النوم القهري غير الإرادي.. مرض مناعي!
من أعراضه زيادة النعاس أثناء النهار والشلل المفاجئ في اليقظة وهلوسة تسبق النوبة
من أعراضه زيادة النعاس أثناء النهار والشلل المفاجئ في اليقظة وهلوسة تسبق النوبة
أ. د. أحمد سالم باهمام
النوم القهري غير الإرادي مشكلة طبية ذات عواقب شديدة على المصاب بها وبسبب نقص الدراية بهذا المرض فإن المريض قد يعاني لسنوات عديدة قبل أن يتم تشخيص الحالة وعلاجها. وقد تم حديثا ربط المرض ببعض التغيرات المناعية التي سنناقشها في هذا المقال. ولكن قبل نقاش التطورات الجديدة، سنعرض باختصار لمرض النوم القهري غير الإرادي حتى يتسنى للقارئ التعرف عليه.
النوم القهري غير الإرادي مرض يصيب جميع الأعمار من الجنسين ولكنه يكثر عند الشباب بين سن 15 و25 سنة ولدينا في المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم بكلية الطب -جامعة الملك سعود حاليا- حوالي 85 حالة موثقة من السعوديين تتراوح أعمارهم بين سن 5 و72 سنة. وعند السعوديين ظهرت أعراض المرض في المتوسط في سن 20.5 سنة، وفي المعدل عانى أكثرهم من المرض لمدة 8 سنوات أو أكثر قبل أن يتم تشخيصهم. وقد أظهرت الدراسات أن شيوع المرض يختلف من دولة لأخرى ومن جنس لآخر حيث تراوح شيوع المرض بين 0.1 و160 لكل مائة ألف شخص ونتوقع في السعودية حسب الأبحاث المتوفرة أن يكون شيوع المرض أربعين في كل مائة ألف.
وأعراض المرض الرئيسية هي التالية:
زيادة النعاس أثناء النهار: ويتكون من نوبات من النعاس لا يمكن مقاومتها تحدث أثناء النهار ويمكن أن تحدث في أي وقت وبدون سابق إنذار. وقد تحدث هذه النوبات في أوقات وأوضاع غير مناسبة. فقد تحدث أثناء قيادة السيارة أو بعض الأعمال التي تحتاج إلى التركيز مما قد ينتج عنه عواقب وخيمة. وقد يستمر النوم من لحظات إلى أكثر من ساعة ويشعر بعدها المريض بالنشاط. وهذا العرض هو أكثر الأعراض شيوعا ويصيب جميع المرضى. وهذا العرض يظهر في كل المرضى.
مرض يصيب جميع الأعمار من الجنسين ولكنه يكثر عند الشباب
الشلل المفاجئ أثناء اليقظة: وهذا العرض هو العرض المميز للنوم القهري. وخلاله يحدث شلل أو ضعف في عضلات الجسم كلها أو بعضها كأن يكون هناك ضعف في عضلات مفصل الركبتين أو عضلات العنق التي تحمل الرأس أو عضلات الفك السفلي أو عضلات الذراعين أو عضلات التحدث مما يجعل الكلام غير واضح وفي بعض الحالات يكون هناك شلل كامل في الجسم وقد يسقط المريض على الأرض ويظهر وكأنه مغمى عليه ولكنه في واقع الأمر في كامل وعيه. وعادة ما يكون هذا الضعف للحظات قليلة ولكنه في بعض الحالات قد يستمر لدقائق. وعادة ما تبدأ نوبات الشلل أو الضعف في المواقف العاطفية المفاجئة كالانفعال والغضب أو السرور والضحك. ويوجد هذا العرض في 72% من المرضى السعوديين المصابين بالمرض.
شلل النوم: وهو عدم القدرة على تحريك الجسم أو أحد أعضائه عند بداية النوم أو عند الاستيقاظ. وتستغرق أعراض شلل النوم من ثوان إلى عدة دقائق، وخلالها يحاول بعض المرضى طلب المساعدة أو حتى البكاء؛ لكن دون جدوى، وتختفي الأعراض مع مرور الوقت أو عندما يلامس أحد المريض أو عند حدوث ضجيج. ويوجد هذا العرض في 57% من السعوديين الذين قمنا بعلاجهم.
الهلوسة التي تسبق النوم: وهي أحلام تشبه الحقيقة تحدث عند بداية النوم ويصعب أحيانا تفريقها عن الواقع. وتوصف بالهلوسة وتكون في بعض الحالات مخيفة. وما يميز هذه الأحلام أنها تحدث عند بداية النوم في حين أن الأشخاص الطبيعيين يبدأون الأحلام بعد ساعة إلى ساعة ونصف من بدأ النوم. ووجد هذا العرض في 85% من السعوديين المصابين بالمرض.
ولله الحمد توجد أدوية فعالة للمرض تساعد المريض على تخفيف الأعراض ويتحسن أداء المصاب سواء كان طلابا أو موظفا.
الاكتشافات الجديدة التي نود نقاشها اليوم أظهرت ارتباط المرض بالجهاز المناعي بشكل أكبر وستفتح آفاقا جديدة للعلاج. فمنذ سنوات قليلة توصل الباحثون إلى وجود نقص في إفراز مادة تعرف بالهيبوكريتين تفرزها خلايا في منطقة في المخ تعرف بمنطقة تحت المهاد نتيجة لموت الخلايا المفرزة للمادة. ولم يعرف المختصون سبب موت هذه الخلايا. وهذه المادة عبارة عن ناقل عصبي يسبب اليقظة ويقلل من النوم ونقصه يسبب النوم والنعاس. حديثا اكتشف الباحثون وجود أجسام مضادة لبروتين يعرف ببروتين TRIB2 عند المصابين بهذا المرض وقد ظهرت هذا الشهر دراستان تؤكدان هذه النتيجة نشرتا في مجلة النوم المجلة الرسمية للأكاديمية الأمريكية لطب النوم (يوليو 2010). الأبحاث الحالية تحاول التأكد من هذه الأجسام المضادة هي سبب موت الخلايا المفرزة للهيبوكريتين التي تفرزها منطقة تحت المهاد في المخ. وفي حال الوصول إلى توثيق ذلك فإن المجال سيكون مفتوحا لاستخدام علاجات مناعية مثل الأجسام المناعية المضادة أو استخدام الغسيل البلازمي. مثل هذه التدخلات قد تحد من موت الخلايا المفرزة لمادة الهيبوكريتين.
المصدر: صحيفة الرياض