الصوت الشجي
الصوت الشجي
د. سلمان بن محمد بن سعيد
ثمة شعور جميل يشعر به طالب الطب بعد اجتيازه السنة الثانية وبداية الدراسة الإكلينيكية في المستشفى بدءاً من السنة الثالثة.. أبرزها (التشخيص) بالسماعة الطبية التي تُحيط بعنقه أو تتدلى من جيب البالطو الأبيض.. ووجود السماعة الطبية من نوع (لتمان) تُشعر طالب السنة الثالثة بالزهو والفخار.. خاصة عندما يمر أمام طلبة السنة الثانية أو بالقرب من المشرحة التي قضى فيها أياماً وشهوراً مملة وكريهة لا تزال رائحة الجثث والمواد الحافظة لها تُعشعش في أنفه وخياشيمه.. وبالنسبة لي (على مستوى الدراسة) هناك فرحتان الأولى امتلاك أدوات هندسة (خاصة الفرجار والمنقلة) في السنة الرابعة او الخامسة ابتدائي.. والثانية تطويق عنقي بالسماعة الطبية في السنة الثالثة في كلية الطب.. وقد ذكرت في الأسبوع الماضي أن السنة الثانية هي عنق الزجاجة في دراسة الطب.. ولا أزال أذكر كيف أخفق نصف زملائي (أو القروب) في تلك السنة.. فمنهم من أعاد أو (سقط) لينجح في السنة التالية.. والأغلب غير مجال دراسته وبعض آخر عاد للوطن ملتحقاً بعمل حكومي بشهادة الثانوية العامة.. فتح الله له أبواب رزق ما كان ليحصل عليها لو انه تخرج طبيباً.. والثانوية العامة آنذاك تُعادل (البي إتش دي) هذه الأيام.. وفيما تبقى من سوانح أُكمل حديث الأسبوع الماضي عن ضفدع المختبر المسكين الذي كنت أقوم بتشريحه وإجراء التجارب عليه.. فقبل التشريح نقوم بضربه ضربة واحدة على رأسه الصغيرة بخشبة صغيرة فيغمى عليه (لا يموت) لنتمكن من تشريح الضفدع وعمل التجارب المطلوبة على عضلة كبيرة في فخذ الضفدع وهو حي أو عضلة القلب وهو ينبض.. وضربة الضفدع مهمة جداً.. ويبدو أن ضربي للضفدع على رأسه كانت ضعيفة بحيث (داخ) الضفدع لدقائق فقط (لم يغمى عليه) ليفيق ويستيقض (الضفدع) أثناء التجربة وقبل نهايتها بقليل وهو يصدر نقنقة (شجية) ويقفز (كالعفريت) من شدة الألم بين قوارير ودوارق التحاليل في المختبر.. والدماء تلطخ كل شيء يقع على جسمه الصغير والمذبوح وقدماه الصغيرتان والمكسورة إحداهما (في العادة) وإلى سوانح قادمة بإذن الله.
المصدر: صحيفة الرياض