• ×
admin

الربع الاستوائي

الربع الاستوائي


فهد عامر الأحمدي

يوم الجمعة الماضي قرأت في هذه الصحيفة خبرا بعنوان \"المطر يغير الربع الخالي في السنوات المقبلة\"..

ويتحدث الخبر المنقول عن البي بي سي عن دراسة خاصة بتوقعات الأمطار في العقود القادمة وكيف أن الربع الخالي سيتعرض لكميات أكبر وأكبر من الأمطار.. فالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم هذه الأيام ستساهم في انخفاض معدل الأمطار في مناطق خصبة وارتفاعها في مناطق جافة من العالم.. ومن حسن الحظ أن الربع الخالي والصحاري السعودية عموما ستكون ضمن المناطق التي ترتفع فيها نسبة الأمطار ومعدل الاخضرار ومستوى الحياة البرية.. وفي حال صدقت هذه الدراسة سيعود بندول المناخ إلى سابق عهده حين كان العرب يسافرون من اليمن إلى الشام دون التزود بالطعام لكثرة الأشجار والفواكة والحياة البرية ، وحيث كانت جزيرة العرب غابات وأنهارا كما جاء في الحديث الصحيح!

... وكانت تقنية الاستشعار (التي تتيح للاقمار الصناعية تصوير باطن الأرض) قد أثبتت هذه الأيام وجود مياه جوفية هائلة تحت الربع الخالي كدليل على غزارة الامطار في الماضي .. كما قدمت صورا رادارية لمجاري انهار وبحيرات مدفونة كدليل على أن الربع الخالي كان حتى عشرة آلاف عام مضت من أكثر المناطق اخضرارا في العالم..

فحسب الخريطة المناخية القديمة كانت الرياح المدارية تحمل من المحيط الهندي سحبا كثيفة ترمي أمطارا نجم عنها انهار وبحيرات عذبة في ذات المكان الذي تغطيه الرمال حاليا . ثم لسبب غير مفهوم (وإن كان يعتقد انه بسبب انحراف بسيط في محور الارض) حدث تغير مفاجئ في المناخ فانقطعت الامطار وجفت الانهار وتحولت التربة الخصبة الى كثبان رملية ضخمة مازالت تضم تحتها خزانات هائلة من المياة الجوفية القديمة!!

.. والدليل على الماضي الأخضر للربع الخالي هو بقايا الحيوانات والأشجار ومكامن النفط المكتشفه فيه حاليا؛ فمكامن النفط الكبيرة (التي اكتشفتها أرامكو هناك) دليل على ازدهار حياة حيوانية عاشت في نفس المنطقة قبل ان تتحلل الى الشكل الخام للنفط؛ وهذا يعني ان الربع الخالي كان في العصور العتيقة ليس فقط منطقة بحيرات وأنهار بل واشبه بالغابات الاستوائية من حيث كثافة الأشجار وكثرة المخلوقات وتنوع الحياة الحيوانية!!

... ليس هذا فحسب؛ فبالإضافة للبقايا الأحفورية اكتُشفت أيضا آثار شعوب وحضارات مجهولة ازدهرت في تلك المنطقة؛ ومن هذه الآثار مدينة كاملة مدفونة سبق وكتبت عنها مقالا كاملا يعتقد انها مدينة إرم التي قال عنها سبحانه وتعالى (إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد).. ومن المعروف ان مدينة إرم سكنها قوم عاد الذين تميزوا بالطول وكمال الجسم حتى قيل إن قاماتهم تجاوزت الخمسة عشر ذراعا . ومايظهر لي ان قوم عاد كانوا من (آخر) الشعوب والحضارات التي ازدهرت في المنطقة وشهدت تبدل المناخ القاسي فيها .. فأخبارهم كانت معروفة في الجاهلية وامتد ملكهم من عالج باليمن الى منطقة صحار في عُمان ، وعاشوا في جنات وأنهار حتى عصوا نبيهم هود حسب الرواية القرآنية فانقطع عنهم المطر وأهلكوا (بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما)..

... وبناء عليه يمكن القول إن أي تبدل مناخي معاكس من شأنه تحويل الربع الخالي الى \"ربع استوائي\" وتحقيق نبوءة الرسول في انتهاء حالة الجفاف المتفاقمة في الجزيرة العربية حيث قال: \"لا تقوم الساعة حتى تعود جزيرة العرب غابات وانهارا\"..

... ولاحظ بالمناسبة استعماله كلمة تعود (وليس تصبح أو تغدو) كدليل على رجوعها الى أصل وماضٍ كانت موجودة عليه في السابق!!

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1721