العلماء يتمكنون من تصنيع الهورمونات البشرية داخل المختبرات
العلماء يتمكنون من تصنيع الهورمونات البشرية داخل المختبرات
أ. د. جابر بن سالم القحطاني
استكمالا للحديث الاسبوع الماضي حول الهورمونات ففيما يتعلق بهورمونات تكوين الدم، فإن الدم السليم يحتوي على مستويات محددة من المواد الكيميائية العديدة، وإذا أصبحت مستويات هذه المواد عالية جداً أو منخفضة جداً فإنها تتسبب في ضرر الجسم. وتعمل العديد من الهورمونات معاً لضمان أن يبقى تكوين الدم ضمن حدود عادية. ويقوم كل من هورمون الدريقات من الغدة جنب الدرقية والكالسيتونين من الغدة الدرقية بتنظيم مستوى الكالسيوم في الدم ويتحكم هورمون الدريقات المعروف بالباراتورمون أيضاً في كمية الفوسفات في الدم. وتتحكم القشرانيات المعدنية وهي مجموعة من الهورمونات التي تفرز من قشرة الغدد الكظرية في التوازن بين الأملاح والماء في الدم. ويعتبر هورمون الألدوستيرون أكثر القشرانيات المعدنية أهمية. وينظم هورمون الفازوبرسين والذي يعرف بهورمون المضاد لإدرار البول، مستوى الماء في الدم. وينتجها الوطاء لكنه يخزن ويطلق من الفص الخلفي من الغدة النخامية.
أما هورمونات الإجهاد فإنها تفرز أثناء الغضب أو الرعب أو الأذى ويفرز نخاع (الجزء الداخلي) الغدد الكظرية هورمون الأدرينالين والنورادرينالين وتقوم هذه المواد خاصة الأدرينالين بتهيئة الجسم لمقابلة الإجهاد فمثلاً يزيد الأدرينالين النبض ويسرع تحويل الطعام إلى طاقة في العضلات. وتعمل القشرانيات السكرية أيضاً على مساعدة الجسم على التكيف مع الإجهاد.
وإذا نظرنا إلى هورمونات التحكم المفرزة من الغدد الصماء فإنها تؤثر على إنتاج الهورمونات الأخرى وتشمل هورمون منبه الجريب والهورمون اللوتيني وهورمونات الغدة النخامية الأمامية التي تنظم إفرازات أعضاء القند. كما تفرز الغدة النخامية الأمامية هورمون محفز للغدة الدرقية وهورمون موجه قشر الكظر. ويحفز هورمون محفز الغدة الدرقية على إفراز هورمون الثيروكسين. ويحفز هورمون موجه قشر الكظر قشرة الغدة الكظرية محدثاً زيادة في إفرازات القشرانيات السكرية والقشرانيات المعدنية وهورمونات الجنس الكظرية. ويتم تنظيم إفرازات الغدة النخامية الأمامية ذاتها بهورمونات ينتجها الوطاء وتسمى هذه المواد الهورمونات المطلقة. أما هورمون إطلاق موجه القند فيتسبب في إفراز هورمون منبه الجريب والهورمون اللوتيني. وتحفز الهورمونات المطلقة الأخرى الغدد النخامية لإفراز موجه قشر الكظر وهورمون النمو وهورمون الغدة الدرقية. وتتحكم هورمونات الوطاء أيضاً في البرولاكتين وهو هورمون آخر للغدة النخامية الأمامية. وأحد تأثيرات البرولاكتين هو تحفيز إنتاج الحليب لدى الأمهات المرضعات. ويتكون الوطاء الذي يكون جزءاً من الدماغ من نسيج عصبي. وهكذا فإن الهورمونات المطلقة تربط الأجهزة العصبية والصماء للجسم في وحدة تحكم متناسقة، وتجمع المعلومات بأعضاء الإحساس عند حدوث تغيرات في البيئة. التي توصلها إلى الدماغ من خلال الجهاز العصبي. فإذا استدعت هذه التغيرات استجابة هورمونية، فإن الوطاء يطلق الإفرازات المناسبة من الغدد النخامية.
وهناك هورمونات أخرى تتضمن في البشر الأوسيتوسين والريلاكسين (هورمون الارتخاء) وكلاهما يؤثران في عملية الوضع. وتنتج الأوسيتوسين مثل الفازوبريسين بواسطة الوطاء، ويخزن ويفرز الغدة النخامية الخلفية وينتج المبيضان هورمون الريلاكسين. ويوسع هورمون الريلاكسين قناة الولادة وهو الممر الذي من خلاله يترك الطفل جسم أمه. ويحدث هورمون الأوسيتوسين انقباض عضلات الرحم أثناء طلق الولادة، ويحفز هورمون الأوسيتوسين أيضاً إفراز الحليب من الثدي. ويفرز هورمون محفز الخلايا الملانيه من الفص الأمامي للغدة النخامية. وينظم هورمون محفز الخلايا الملانيه في بعض البرمائيات، والأسماك والزواحف، كمية الصباغ والمادة الملونة في الجلد، ووظيفة هذا الهورمون في الإنسان غير مفهومة حتى الآن.
الهورمونات النباتية
وأما الهورمونات النباتية فهي تنتج أساساً في الأجزاء الطرفية النشطة النمو أعلى قمم الغصون والجذور. وتؤثر هذه الهورمونات في النمو حيث تسمى منظمات النمو ويوجد ثلاثة أنواع رئيسية من الهورمونات النباتية هي الأكسينات، والسيتو كينينات، والجبرلينات ولكل من هذه الأنواع الثلاثة دور مميز في نمو النبات. وقد تمكن العلماء من تصنيع الهورمونات البشرية في المختبرات حيث زادت الحاجة إلى هذه الهورمونات والهورمونات المصنعة تتطابق مع الهورمونات المفرزة طبيعياً في الإنسان. وقد قام العلماء بتغيير التركيب الكيميائي للعديد من الهورمونات المصنعة لكي تكون أكثر فعالية. وأكثر الهورمونات المصنعة استخداماً هي الأكسينات والقشرانيات السكرية خاصة الكورتيزون وهورمونات الجنس، وهورمونات النمو، وهورمون الأنسولين ولم يتمكن العلماء من تصنيع بعض الهورمونات نظراً لعدم معرفتهم بالتركيب الكيميائي الكامل لبعضها، في حين أن تركيب هورمونات أخرى معقد جداً ويعوق استخدامها على نطاق كبير في التصنيع.
العلاج بالهورمونات
تستخدم الهورمونات في العلاج على نطاق واسع فقد استخدم الأطباء الهورمونات في علاج أولئك الذين يعانون نقائص هورمونية. ولا يمكن لجسم مريض بمثل هذه الحالة أن ينتج مدداً مناسبة لهورمون واحد أو أكثر. ويُمكن العلاج الهورموني الشخص من التغلب على العديد من أعراض الأمراض المتنوعة. ويمكن أن تعالج بعض الحالات المعينة، والتي ليس لها علاقة مباشرة بالنقائص الهورمونية، أيضاً بالهورمونات مثل التهاب المفاصل وأزمات الربو التي يصف لها الأطباء هورمون الكورتيزون وكذلك الذئبة الحمراء التي يستخدم في علاجها هورمون الغدة الكظرية. وعلاوة على ذلك يمكن أن تعطى الهورمونات لتُغير وظيفة الجسم بطريقة ما. وتحتوي حبوب منع الحمل على سبيل المثال على هورمونات جنسية، مؤنثة مصنعة، وبتناول هذه الهورمونات يتغير لدى المرأة التوازن الهورموني الذي يتحكم في دورة الحيض ويوقف هذا التغير الإباضة وبذا يجعل حدوث الحمل مستبعداً.
وأهم الأمراض التي تعالج بالهورمونات هي:
مرض أديسون:
وهو داء خطير يصيب الغدة الكظرية وسببه تلف يلحق بالطبقة الخارجية للغدة الكظرية نتيجة للدرن أو السرطان أو اختلال وظائف جهاز المناعة في الجسم، حيث يتدخل التلف في إفراز قشرة الكظر للهورمونات. ويعاني ضحايا هذا المرض من ضعف في العضلات، وفقدان في سوائل الجسم، وسواد تدريجي في الجلد. كما أنهم قد يصبحون أكثر قابلية للإصابة بالمرض. علماً بأن هذا المرض قاتل إذا لم يعالج، غير أن ضحاياه الذين يتوافر لهم العلاج بهورمونات إضافية يستطيعون تأدية مهامهم بشكل جيد. وأعراض مرض أديسون فقدان الشهية والدوار والإغماء والغثيان وتقلب المزاج وقلة شعر الجسم وعدم القدرة على مواجهة التوتر وقد يشكو المريض أيضاً من الشعور بالبرد ومن الشائع حدوث تغير في لون الجلد إلى اللون الداكن وتغير لون الركبتين والمرفقين وندب الجلد وثنياته وتنيات راحة اليد تكون أكثر وضوحاً عند تعرض تلك الأجزاء للشمس. وقد تبدو الفتحات الخارجية للجسم مثل الفم وكذلك نمش الجلد، أكثر قتامة في اللون. ويتميز هذا المرض أيضاً بظهور خطوط لونية غامقة على طول الأظافر وبقتامة لون الشعر.
المصدر: صحيفة الرياض