كلانا لا يعرف الداء إلا من يكابده
كلانا لا يعرف الداء إلا من يكابده
د. عبد الله بن موسى الطاير
فتك الفشل الكلوي بعدد من مواطني المملكة والمقيمين فيها، وتزداد نسبة المصابين سنويا بحوالي 9% وهي زيادة مطردة لا تقابلها استعدادات حكومية كافية بسبب انتشار رقعة الإصابة لتشمل المدن والقرى وتخلق حالة من الطلب المتزايد على أجهزة غسيل الكلى وعلى الخدمات والأدوية المصاحبة لهذه العملية المرهقة التي تتطلب من المريض زيارة مراكز الغسيل 3 إلى 4 مرات أسبوعيا وتستغرق كل جلسة 3 إلى 4 ساعات، وبتكلفة سنوية تتجاوز 100 ألف ريال.
بعض هؤلاء المرضى لايجدون مكانا مناسبا للغسيل، والبعض الآخر ينتظر ساعات طويلة من أجل الحصول على الخدمة، وبعضهم ربما يؤدي التقصير في تلقيه العلاج والخدمة اللازمين إلى تفاقم حالته مما يؤدي إلى الوفاة. هذه الحاجة المتزايدة تتطلب تضافر الجهود من القطاعين الحكومي والخيري من أجل تكامل الخدمات وتقديمها في الوقت المناسب للمريض سواء أكان سعوديا أو مقيما في بلادنا ... أكان مسلما أو من غير المسلمين الوافدين، فالجميع يجب أن يتلقوا الخدمة طالما هم في هذا البلد الكريم.
تابعتُ الحملة الإعلامية التي تقوم بها جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي. وتقوم فلسفة الجمعية على افتراض أن هناك العديد من المرضى لا يملكون تكلفة الغسيل الكلوي ومتطلباتها، أو يتعذر عليهم الحصول عليها في المراكز الحكومية، فكان لابد من عمل خيري لمواجهة الطلب المتزايد على أجهزة الغسيل والذي يصل حاليا إلى حوالي 11 ألف مريض وذلك من خلال العمل مع جمعيات البر لمساندة الجهود الرسمية التي تقوم بها الجهات المعنية بالصحة لتوفير الخدمة التي تفصل بين الحياة والموت في الوقت والمكان المناسبين وبالكيفية التي تخفف معاناة المرضى وذويهم. وأعتقد أن الجمعية بحملاتها وطرقها غير التقليدية في جمع التبرعات لمشروعاتها المتخصصة قد نجحت في جلب انتباه المواطنين والمقيمين إلى خطورة الفشل الكلوي وضرورة رعاية مرضاه، إلى درجة أنني بدأت أسمع نوايا مؤكدة من داخل الأسرة عن الرغبة الصادقة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وهي ثقافة بدأت تتشكل في مجتمعنا المجبول على الخير والعطاء وإن ببطء. ويجب أن نقدم الشكر للأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وفريق المتطوعين معه الذين يقومون على هذه الجمعية ويديرونها بأسلوب عصري واع.
أمام هذا الطلب المتزايد على أجهزة ومراكز غسيل الكلى تبرز حاجة ماسة أخرى وهي العمل على البرامج التوعوية والوقائية، وكل ذلك يتطلب تمويلا ماليا يساعد هذه الجمعية على أداء مهامها بكفاءة لتخفيف معانة أحبائنا وأخوتنا في الدين والإنسانية الذين ابتلاهم الله بهذا المرض. ولو اختصر كل واحد منا بعضا من مكالماته الهاتفية غير الضرورية في سبيل أن يتبرع بجزء من رصيد تلك المكالمات إلى هذه الجمعية فإنه بذلك يكون قد تقرب إلى ربه بإغاثة ملهوف في أضعف حالاته وأشدها حاجة إلى العون، وقد أفتى سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بجواز صرف الزكاة الواجبة للجمعية لعلاج المستحقين.
لنرسل رقم 1 من جوالاتنا إلى شركة الاتصالات السعودية على الرقم 5060 ونكون بذلك قد التحقنا بأكثر من مليون وثلاثمئة ألف متبرع سبقونا، فلعلنا نضاعف هذا الرقم عدة مرات في شهر الخير الذي تتضاعف فيه الحسنات. لا يكفي أن نتألم لحال مريض أو مريضة مربوط بجهاز الغسيل ساعات طوالا عدة مرات في الأسبوع يعاني المرض ومشقة الوصول إلى الخدمة، ولكن لابد أن نبادر بعمل ملموس للمساعدة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
المصدر: صحيفة الرياض