تدخين الشباب

تدخين الشباب... الآثار السيئة ستظهر بعد سنوات بصورة أورام خبيثة وتصلب بالشرايين وجلطات قلبية وذبحات صدرية وقصور في وظائف التنفس!
رمضان كان فرصة للاستمرار في الإقلاع ..ودراسة تربط السيجارة ب16 نوعاً من السرطان

أ. د. أحمد سالم باهمام

توقف كثير من إخواننا الذين ابتلوا بعادة التدخين عن التدخين خلال شهر رمضان المبارك وبعضهم توقف عن التدخين حتى في الليل طوال ثلاثين يوما وهذه فرصة ذهبية للاستمرار في التوقف عن هذه العادة بعد برنامج تأهيلي لمدة شهر. وللتدخين كما يعلم القراء مضاعفات كثيرة يعرفونها معرفة جيدة مثل انسداد الرئتين المزمن وفشل التنفس وأمراض القلب وتصلب الشرايين وسرطانات الرئة المختلفة. ولكن ما قد لا يعلمه بعض القراء أن المواد المسرطنة في الدخان والتي يتعدى عددها الأربعين مادة تسبب الكثير من الأورام الأخرى في أعضاء الجسم بعيدا عن الصدر كما أن هذا التأثير يصل للمدخنين السلبيين كذلك. وقد نشرت مجلة الصدر المجلة الرسمية لكلية الصدر الأمريكية دراسة في عددها الأخير (سبتمبر 2010) استكشفت فيه الأورام التي قد يسببها الدخان بعيدا عن موقع تأثيره الرئيسي وهو الرئتان. وقد استخدم الباحثون قاعدة معلومات ضخمة مكنتهم من دراسة 197 منطقة في أمريكا لتحديد علاقة عدد من أمراض السرطان بعادة التدخين تحديدا دقيقا وربط ذلك بمعدل الإصابة بسرطان الرئة كدليل على العلاقة السببية بين التدخين والأورام الأخرى. ودرس الباحثون علاقة التدخين بستة عشر ورما خبيثا ووجدوا علاقة قوية تربط الدخان بالأورام الخبيثة التالية مرتبة ترتيبا حسب قوة العلاقة: 1. سرطان الحنجرة، 2. سرطان المريء، 3. سرطان المثانة، 4. سرطان الكلى، 5. سرطان القولون والمستقيم. كما أظهرت الدراسة وجود بعض العلاقة بين التدخين والأورام التالية ولكن ليس بقوة العلاقة مع الأورام السابقة: سرطان البنكرياس وسرطان الكبد وسرطان الثدي عند السيدات وخاصة المدخنات السلبيات وسرطان الشفة وسرطان الفم والبلعوم ولم تظهر أي علاقة بين سرطان البروستاتا وسرطان المبيض والتدخين. كما أظهرت دراسات سابقة وجود علاقة بين التدخين وسرطان الرحم وعنق الرحم وسرطان الدم الحاد. نتائج هذه الدراسة الحديثة مهمة لأنها توثق بشكل قوي تأثير التدخين على كثير من الأورام الشائعة في المجتمع مثل سرطان الثدي عند السيدات وسرطان القولون. وهذه نتائج مهمة لتنبيه الشباب من الوقوع في فخ التدخين ولعلها تكون ذات فائدة وحافز قوي لإخواننا الذين ابتلوا بعادة التدخين للإقلاع عنه نسأل الله لهم الشفاء والإقلاع عن هذه العادة المميتة.

كما أن هذه الدراسة وثقت علاقة التدخين بسرطان الرئة. فسرطان الرئة هو المسئول عن 80% من الوفيات الناتجة عن الأورام الخبيثة عند المدخنين. كما أن 88% من الوفيات عند الرجال و72% من الوفيات عند السيدات الناتجة عن سرطان الرئة سببها التدخين. كما أظهر تقرير سابق أن نقص نسبة المدخنين الرجال في الولايات المتحدة أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات الناتجة عن السرطان بنسبة 40% عند الرجال في الفترة من 1991 إلى 2003. وقدر الباحثون أن ذلك يعادل 146000 رجل كان من الممكن بمشيئة الله أن يكونوا متوفين لو لم تنخفض نسبة المدخنين. ومن المعلوم أن نسبة المدخنين الرجال في الولايات المتحدة بدأت في الانخفاض منذ سنوات بسبب حملات التوعية والإجراءات المشددة التي تتبعها الحكومة ضد شركات التدخين للحد من انتشار هذه العادة المميتة مثل منع الإعلانات في الأماكن العامة وأمام المدارس ومنع التدخين في الأماكن العامة وغيرها. يقابل هذا النقص في معدلات التدخين ومعدلات الإصابة بسرطان الرئة في الولايات المتحدة زيادة كبيرة في معدلات التدخين في دول العالم النامي ومنها السعودية وتشمل هذه الزيادة كلا الجنسين. ويتوقع أن تزداد الآثار الخطيرة للتدخين في بلادنا ظهورا في العشرين عاما المقبلة بسبب أن كثيرا من جيل الشباب من الجنسين يدخنون بصورة منتظمة سواء عادة تدخين السيجارة أو المعسل والشيشة. والآثار السيئة ستظهر على هذا الجيل بعد عدد من السنين بصورة أورام خبيثة لا قدر الله وتصلب بالشرايين وجلطات قلبية وذبحات صدرية وقصور كبير في وظائف التنفس وعجز عن الحركة والإنتاج وزيادة الأعباء على النظام الصحي ما لم نبادر وبحزم للحد من انتشار هذه العادة المميتة. لذلك لا بد من الاحتياط من الآن والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال وتطبيق الأنظمة التي اتبعتها هذه الدول للحد من معدلات التدخين، كما أود أن أوجه رسالة للآباء والأمهات والمربين بمراقبة أبنائهم وبناتهم وتوعيتهم بمخاطر التدخين البعيدة المدى.

المصدر: صحيفة الرياض