على حافة أزمة الغذاء
على حافة أزمة الغذاء
سيد فتحي أحمد الخولي
في عام 1970 م كانت هناك سبع دول عربية تصدر الغذاء للخارج، ولكن اليوم أصبحت كل الدول العربية تستورد أكثر مما تصدره، حتى بلغت قيمة واردات العرب من السلع الغذائية 20 مليار دولار سنوياً، تمثل نحو 30 في المائة من احتياجاتهم الغذائية. ومما يزيد من الفجوة الغذائية الحالية تفاقم مشكلة العجز المائي ووجود 13 دولة عربية بالقرب او تحت حد الفقر المائي. وتنتج الدول العربية مجتمعة أقل من (70%) من احتياجاتها الغذائية، وسيستمر تناقص نسبة ما ينتجه العرب في السنوات المقبلة لتصل سنة 2050 إلى 50% وهي نسبة تشكل تحدياً حقيقياً لكل الحكومات العربية في ظل النمو المطرد للسكان، وانخفاض مساهمة القطاع الزراعي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي بسبب شدة الاعتماد أيضا على استيراد مستلزمات ومدخلات الإنتاج الزراعي من بذور وآلات وأسمدة ومبيدات .
وبجانب الأزمات والمشكلات الاقتصادية التي تجعل من الصعب على العرب تدبير 20 أو 30 مليار دولار ليتمكنوا من الاستمرار في استيراد كميات الغذاء الذي لا ينتجونه، فإن نقص المعروض من المنتجات الغذائية عالمياً (بسبب التغيرات والكوارث المناخية) وزيادة أسعارها (بسبب زيادة سكان العالم والأزمة الاقتصادية) سيشكل مزيدا من الخلل وعدم القدرة الاقتصادية على تحقيق الأمن الغذائي سواء وطنيا أو على المستوى القومي.
وعلى الرغم من كل الهدر الذي أصاب إمكانيات الدول العربية، إلا أنه لايزال هناك قدر من الإمكانيات التي لا تزال متاحة وكافية لإحداث تغيير إذا وجدت الرغبة الصادقة نحو التغيير. وتبلغ المساحة المتاحة للزراعة في العالم العربي 198 مليون هكتار، لا يستغل منها حاليا إلا 40 مليون هكتار فقط أي 20% فقط، أي أن العالم العربي اليوم يستطيع أن ينتج من المواد الغذائية خمسة أضعاف ما ينتج حاليا ويصدر الغذاء لكل دول العالم أو يحقق الاكتفاء الذاتي على الأقل.
ونتيجة للخصائص الزراعية لمعظم الدول العربية، فإنها لا تستطيع بأي حال تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وبالتالي لابد من تدبير أموال كافية لاستيراد مايسد العجز في الغذاء من الدول القليلة التي ستظل قادرة وراغبة على التصدير لهذه الدول. وهذا يؤكد الحاجة إلى حلول منطقية وعملية، تكمن في أولا وضع سياسة وطنية في كل دولة منفردة لإنتاج كل ما يمكن إنتاجه محليا بتكلفة تتوافق مع منطق الاقتصاد ثم التنسيق الإقليمي وخاصة العربي لإنتاج كميات العجز في المناطق التي تفرضها مبادئ الاقتصاد وبعض السياسة، لتحقيق الأمن الغذائي على المستوى المحلي من خلال العمل والإنتاج الإقليمي.
ملحوظة:
تعد شركة مابلكروفت البريطانية المتخصصة في تحليل المخاطر مؤشرا سنوياً لمخاطر انعدام الأمن الغذائي، ويستند هذا المؤشر إلى 12 معياراً، تم وضعها بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي. ومن هذه المعايير معدل الدخل الفردي ومخاطر التغيرات المناخية المتطرفة والنزاعات ونوعية البنى التحتية. وقد أظهرت الدراسة التي شملت 163 بلداً لتحديد مؤشر 2010 أن السودان تعتبر من الدول المعرضة لخطر «فائق» بالنسبة إلى انعدام الأمن الغذائي فيها، وكانت اليمن في نفس الموقع في مؤشر العام الماضي. فإذا كان الأمر كذلك مع السودان التي تعتبر سلة الغذاء العربي، واليمن الدولة ذات التاريخ الزراعي المتميز، فما هو الحال في بقية الدول العربية؟
المصدر: صحيفة عكاظ