عملية «ربط المعدة» للتخلص من السمنة.. «الله يستر»!
05-12-2014 05:41 مساءً
0
0
1041
يُعاني "عبدالله حسن" من السمنة المفرطة؛ إذ يزيد وزنه على (215 كجم)، وحاول مراراً وتكراراً إنقاص هذا الوزن عبر التقيّد ببرنامج ريجيم قاس حصل عليه عبر معلومات وجدها على شبكة "الانترنت"، إلى جانب تردده على عيادات الأطباء المختصين في علاج السمنة دون جدوى، ولا يزال "عبدالله" حتى الآن يعاني من تبعات هذه السمنة المفرطة التي حرمته من ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، ومع ذلك فإنَّ اليأس أو الملل لم يتسللا لنفسه متسلحاً بعزيمة قوية ومدعوماً بنصائح وتجارب بعض زملائه وأقاربه ممن خاضوا غمار هذه التجربة في وقت سابق، إذ أشاروا عليه بإجراء عملية ربط المعدة كحل للتخلّص من هذه المشكلة بشكل نهائي، بيد أنَّ تخوّفه من إجراء هذه العملية جعله يفضل أن يعيش بديناً على أن يغامر بحياته ويدخل إلى غرفة العمليات، في ظل المعلومات البسيطة التي يمتلكها عن هذه العملية.
كتلة الجسم
وأوضح "د. فاضل العنزي" مختص في أمراض السمنة أنَّ من أهم المشكلات الناجمة عن السمنة المفرطة أنَّها قد تسبب الوفاة في بعض الحالات، إلى جانب أنَّها قد تسبب في حدوث أمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكر ومضاعفاته والتجلطات الدموية والاختناق الليلي، وكذلك مشكلات المفاصل وهشاشة العظام، إضافةً إلى ما ينتج عنها من محدودية الحركة وعسر الطمث وعدم الإنجاب للجنسين وبعض أنواع السرطانات وحصوات المرارة وتشحم الكبد.
وقال إنَّ العلاجات الطبيعية غير الجراحية لا تعدّ علاجاً طبياً جذرياً، بيد أنَّ العلاج قد يكون عبر الالتزام بالحمية والتمارين وعلاج مضاعفات المرض، مضيفاً أنَّ العلاج بالحمية غالباً ما يفشل في علاج السمنة المفرطة؛ لأنَّ المريض قد لا يتمكن من أداء الواجب الذي عليه هنا بشكل كامل، موضحاً أنَّ العلاجات الجراحية للسمنة تمتد من الحلقات إلى عمليات قص المعدة وتحويل مسار الأمعاء.
وأضاف أنَّ العلاج بالحلقات يتم عبر إدخال الحلقة بواسطة المنظار الجراحي وتثبيتها على جسم المعدة وإخراج أنبوب التحكّم للخارج، إذ يتم تضييقها وإرخاؤها حسب ما يراه الطبيب مناسباً، موضحاً أنَّ المريض لابد أن يخضع لعدة فحوصات قبل إجراء العملية الجراحية الخاصة بتحوير المعدة، مشيراً إلى أنَّ هذه العملية تُعدّ أقلَّ خطورة من الناحية الجراحية في حال مقارنتها بالعمليات الأخرى، إذ لا يتم فيها قص للمعدة أو الأمعاء، كما أنَّها قابلة للتراجع في أيّ وقت.
وأشار إلى أنَّ من مميزاتها أيضاً أنَّها قابلة للتضييق والإرخاء حسب حاجة المريض، كما أنَّها ذات ميزة أثناء الحمل من حيث مرونة التعامل معها، إذ تسمح بزيادة كمية الأكل لدى المرأة الحامل، إلى جانب أنَّها لا تحمل خطورة من ناحية تكوّن حصيات المرارة بعد العملية، وكذلك لا يحتاج معها المريض إلى فيتامينات بعد العملية، إضافةً إلى أنَّ وقت العملية هو الأقل زمناً مقارنة بباقي العمليات، إذ تحتاج إلى أقل من ساعة واحدة في الغالب.
متابعة دورية
ونوَّه "د.العنزي" إلى أنَّ من أبرز مساوئ هذه العملية، أنَّ المريض لا يفقد كثيراً من الوزن الزائد مقارنة بالعمليات الأخرى، في ظل فقدان قدرة الحلقة لميزة التضييق، وبالتالي ينعكس ذلك سلباً على الفائدة المرجوة منها، مشدداً على ضرورة المتابعة الدورية مع الطبيب المعالج من أجل الحصول على نتائج أفضل، مضيفاً أنَّ من بين مساوئها أيضاً بعض المضاعفات المرتبطة بها كسائر العمليات الأخرى، مشيراً إلى أنَّها تتعلَّق بالتخدير والجراحة والاستفراغ المتكرر.
ولفت إلى أنَّ من بين مساوئها أيضاً تعطُّل أنبوب التحكم الخارجي الذي يحتم التدخل الجراحي؛ للإصلاح أو الاستبدال، إلى جانب خطر انزلاق الحلقة وتغيُّر مكانها، وكذلك خطر إصابة الجسم الخارجي للمعدة نتيجة تفاعلها مع مادة الحلقة، إضافةً إلى الالتهاب والنزيف.
اختناق ليلي
وقال "د. عبدالرحمن الملحم" مختص في أمراض السمنة- "إنَّ هناك نوعين لتضييق المعدة، وهما تضييقها بالشق الجراحي أو باستخدام الحلقة، وكلاهما يشتمل على تحويل مسار الأمعاء عبر تجاوز جزء منها حسب رؤية الجراح المعالج"، مضيفاً أنَّ هذا النوع من العمليات يتم فيه فقدان الوزن الزائد بمعدل يتراوح بين (60 - 90%) مقارنة ب(20%) للحلقة فقط، مشيراً إلى أنَّ من مميزات هذا النوع من العمليات أنَّه يتم فيها فقدان سريع للوزن الزائد، إلى جانب الحفاظ على نسبة منخفضة لسكر وضغط الدم.
وأضاف أنَّ من مميزاتها أيضاً أنَّها تساعد على التخلص من الاختناق الليلي عند النوم، إلى جانب التحسّن الملحوظ الذي يطرأ على صحة المريض على الأصعدة النفسية والحركية والاجتماعية، موضحاً أنَّ لهذه العمليات مضاعفات قد تكون خطيرة ويجب مناقشتها بالتفصيل مع الجراح المعالج، إلى جانب حاجة المريض لتعويض الفيتامينات بشكل دائم في أغلب الحالات، وكذلك حاجته لتغيير نمطه الغذائي بشكل دائم.
وأشار إلى أنَّ من مضاعفات العملية أيضاً شعور المريض بالغثيان والاستفراغ، إلى جانب حاجته للبقاء في المستشفى بعد العملية لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أيام، وكذلك فقدان الشعر، وإمكانية حدوث التسريب بشكلٍ أقل من باقي العمليات، إضافةً إلى خطر الإصابة بتجلّط الدم وتضيُّق مسار الطعام وتكوّن حصيات المرارة بسبب الفقد السريع للوزن وفتاق جدار البطن، وفي بعض الحالات النزيف وتكوّن قرحات بالمعدة.
تصغير المعدة
وأوضح "د.الملحم" أنَّ من بين عمليات معالجة السمنة عملية "سكوبنارو" التي يتم من خلالها تصغير المعدة بشكل كبير، ومن ثمَّ تجاوز معظم الأمعاء الدقيقة ما يقارب مترين، مضيفاً أنَّه يتم تحويل مسار إفرازات البنكرياس وعصارة الكبد وصولاً إلى (50سم) من نهاية الأمعاء الدقيقة، مشيراً إلى أنَّه قد يحصل فيها مضاعفات شديدة تصل إلى فقدان كبير للوزن مع مضاعفات نقص التغذية، مبيِّناً أنَّه قد يتم تنويم المريض الخاضع لهذا النوع من العمليات في المستشفى أكثر من مرة.
وبيّن أنَّه يتم أثناء ذلك إمداد المريض بالمحاليل الوريدية والفيتامينات والأحماض الأمينية؛ نظراً لنقص البروتين الذي قد يصل إلى ما نسبته (30%) في بعض المرضى، مضيفاً أنَّه حينما لوحظ وجود هذه النسبة الكبيرة من المضاعفات تمَّ تغيير طريقة هذه العملية عبر تطويل مسار عصارة البنكرياس والكبد لما يقارب (75 - 100سم) من نهاية الأمعاء الدقيقة، مؤكداً على أنَّ ذلك أدَّى إلى تحسَّن مضاعفات نقص البروتين، بيد أنَّ هذا التحسُّن انعكس سلباً على نسبة فقدان الوزن الزائد.
وذكر أنَّ من مميزات هذه العملية أيضاً نقص الوزن بشكلٍ سريعٍ في معظم الحالات، إلى جانب الحفاظ على هذا النقص بمعدل (75 80%) لمدة تصل إلى عشر سنوات، وكذلك تحسن حالات مصابي ضغط وسكر الدم، مضيفاً أنَّ هذه العملية تُعدُّ بديلة في حالة فشل العمليات الأخرى، مشيراً إلى أنَّ من مساوئ هذه العملية نقص البروتين والفيتامينات بشكل حاد، الأمر الذي يتطلب إدخال المريض للمستشفى في بعض الحالات.
عملية معقَّدة
ولفت "د.الملحم" إلى أنَّ من مساوئها أيضاً أنَّها تُعدُّ عمليةً معقدةً تحتاج إلى جهود جراح ذي خبرة طويلة في هذا المجال، كما أنَّ خطر الوفاة هنا يصل إلى حالة واحدة من أصل (200) حالة، إلى جانب أنَّها تحتاج إلى فترة نقاهة طويلة ما بعد العملية تتراوح بين ستة إلى ثمانية أسابيع، وكذلك الحاجة إلى التغيير إلى نمط غذائي دائم يتم فيه تناول كميات كبيرة من اللحوم، ولهذا التغيير انعكاس سلبي على صحة المريض.
وأكد على أنَّ من مساوئ هذه العملية أيضاً أنَّه يتم أثناء إجرائها إزالة المرارة؛ نظراً لتزايد تكوّن حصيات المرارة بعد العملية، إلى جانب وجود خطر الإصابة بهشاشة العظام والإسهال والاستفراغ المتكرر بشكل أكبر مما هو عليه الحال في العمليات الأخرى، وكذلك انبعاث روائح كريهة من الجسم وشحوب لون البشرة وقرحة المعدة، إضافةً إلى تضيّق مسار الطعام بشكل أكبر من غيرها من العمليات، مشيراً إلى أنَّها عملية غير مناسبة للأطفال ولا يُنصح بها حسب العديد من الأوساط الطبية.
تكميم المعدة
وأشار "د. علي القرني" مختص في أمراض السمنة- إلى أنَّ عملية تكميم المعدة التي يتم عبرها قص المعدة بشكل طولي تُعدُّ من العمليات السهلة تقنياً، مضيفاً أنَّها مناسبة لغالبية المرضى ومنصوح بها من قبل غالبية الأوساط الطبية، موضحاً أنَّ من مميزاتها الإحساس بالشبع سريعاً والحفاظ على وظيفة المعدة، مبيِّناً أنَّه هنا استئصال جزء المعدة المسؤول عن الإحساس بالجوع فقط ولا يحصل قص لجزء المعدة السفلي مقارنةً بباقي العمليات، مشيراً إلى أنَّها تُعدُّ عمليةً آمنة لمعالجة السكر وارتفاع ضغط الدم.
وأضاف أنَّ هذه العملية لا تحتاج لوقت طويل لإنجازها في غرفة العمليات، كما أنَّ المريض لا يحتاج للمكوث في المستشفى بعد العملية لمدة طويلة مقارنةً بباقي العمليات التي تشتمل على تحويل مسار الأمعاء ولا تشتمل على إدخال أجسام غريبة، كما في عملية الحلقة، موضحاً أنَّ نسبة حدوث الاستفراغ والدوار بعد العملية هي أقل من باقي العمليات، مبيِّناً أنَّها قابلة للتحويل أو مصاحبة تحويل مسار الأمعاء معها فيما بعد إذا لزم الأمر.
وبيَّن أنَّ من مساوئ هذه العملية احتمالية زيادة الوزن بعد العملية قُرابة العامين، مضيفاً أنَّه لا توجد دراسات طويلة المدى تثبت فعاليتها على المدى البعيد؛ نظراً لحداثتها، مبيِّناً أنَّ خطر التسريب فيها معادل لباقي العمليات، إن لم يكن أعلى بقليل، مؤكداً على وجود من يمارسون مثل هذه الجراحات دون أن يكون لديهم مؤهلات علمية تُخوّلهم العمل بهذا المجال، إذ أنَّ جراحة السمنة تخصص فرعي دقيق يحصل عليه الطبيب بعد إتمام برنامج تدريبي مُقنَّن في الجراحة العامة من جهات معترف بها عالميا. وأوضح أنَّ ذلك هو ما يؤدِّي إلى كثرة حدوث المضاعفات الجانبية لهذا النوع من العمليات، داعياً إلى تقنين هذه الممارسات، مضيفاً أنَّه لا يوجد اتفاق عالمي على نوع محدد من هذه العمليات يصلح لفئة محددة من المرضى.
تحذير من أطماع المستشفيات الخاصة.. والنساء الأعلى!
حذَّر "د. علي القرني" من استغلال بعض المستشفيات الخاصة للمرضى، مشيراً إلى أنَّ عمليات السمنة أصبحت في هذه المستشفيات نوعاً من الاستثمار المُربح، لافتاً إلى أنَّ ما نسبته (68.3%) من سكان المملكة يعانون من ارتفاع كتلة الجسم فوق (25كجم/سم2) حسب الأبحاث المنشورة، مؤكداً على أنَّ هذه النسبة في تزايد مستمر، إذ أنَّ معظم هؤلاء سيعانون من السمنة لاحقاً في مرحلة عمريَّة ما.
وقال: "لا يوجد لدينا في المملكة إحصاءات دقيقة في هذا الجانب"، موضحاً أنَّ معظم الموجود حالياً عبارة عن أرقام تقريبية غير دقيقة، لافتاً إلى أنَّ نسبة السمنة قُدِّرت بمعدل (37%) بين الإناث، كما أنَّ النسبة تجاوزت (25%) لدى الذكور، وذلك حسب آخر بحث تمَّ نشره في بداية العام الميلادي الحالي.
وأضاف أنَّ هذه النسب خطرة جداً، وجعلتنا نعتلي مراكز متقدمة في الإحصاءات العالمية الخاصة بالسمنة، مبيناً أنَّه لا يوجد هناك بحث يُخصَّص هذه النسب حسب مناطق المملكة، لافتاً إلى أنَّه لا يوجد لدينا أيضاً للأسف- برنامج وطني يُحصي عدد مرضى السمنة أو عدد العمليات الجراحية التي يتم إجراءها في العام الواحد في المملكة بدقَّة؛ لكي يتسنَّى للمختصين إجراء دراسات على هذا الموضوع، كما أنَّ النسب تختلف من منطقة لأخرى ومن مستشفى لآخر حتى في المنطقة نفسها.
تصنيف المريض بناء على كتلة جسمه
أوضح "د. فاضل العنزي" أنَّ السمنة تعني زيادة الوزن فوق المعدل الطبيعي قياساً على كتلة الجسم، موضحاً أنَّ كتلة الجسم الطبيعية تقع ما بين (18.5 - 25 كجم / سم2)، مبيِّناً أنَّه يتم تصنيف المريض بناءً على كتلة جسمه، لافتاً إلى أنَّ زيادة الوزن فوق المعدل الطبيعي تعني أنَّ كتلة الجسم تقع ما بين (25 - 30 كجم)، مضيفاً أنَّ السمنة هنا تكون من الدرجة الأولى، بينما تكون السمنة من الدرجة الثانية حينما تكون كتلة الجسم ما بين (30 - 35 كجم / سم2).
وقال إنَّ السمنة تكون من الدرجة الثالثة حينما تقع كتلة الجسم ما بين (35 - 40 كجم / سم2)، مضيفاً أنَّ السمنة تتطلَّب تدخلاً جراحياً حينما تكون كتلة الجسم أكبر من (40 كجم / سم2)، موضحاً أنَّ الوراثة الجينية وبعض السلوكيات الخاطئة أثناء الأكل تُعد من أهم أسباب السمنة، مشيراً إلى أنَّ من أبرز السلوكيات الخاطئة التي تحدث أثناء الأكل عدم مضغ الطعام بشكل كامل، ومن ثمَّ بلعه، إلى جانب تناول الأطعمة السريعة والمشروبات الغازية.
محمد الغامدي، الرياض