"الزجاج الحيوي" قد يكون أفضل مادة لإصلاح كسور العظام
08-18-2017 07:23 مساءً
0
0
5476
قد لا يبدو الزجاج المادة المناسبة للاستخدام في علاج كسور العظام، لكن جراحين بريطانيين يرون أن الزجاج الحيوي ليس فقط أقوى من العظام؛ بل إنه يمكن أن ينحني، ويرتد، ويقاوم العدوى أيضا.
في عام 2002، تلقى إيان طومسون، المختص في إعادة بناء الوجه في جامعة كينغ، لندن، مكالمة هاتفية عاجلة أُبلغ فيها بأن مريضا في أواخر العشرينات من العمر جُرح بسبب خروج سيارته عن السيطرة، وصُعودها إلى الرصيف.
وقد أدت الصدمة إلى دفعه فوق غطاء محرك السيارة محطمة وجهه ومحجر عينه الهش ـ وهو عظم صغير لا يزيد سمكه عن 1 مم ويحمل مُقلة العين في الجمجمة.
ويشرح طومسون قائلا: "من دون التجويف المحجري، تنتقل العين إلى الخلف في الجمجمة، وهذه آلية دفاعية تقريبا".
ويضيف: "إلا أن هذا يسبب ضبابية في الرؤية وعدم التركيز. وهذا المريض فقد أيضا القدرة على إدراك الألوان. وكانت مهام وظيفته تتضمن تجديد الأسلاك الكهربائية للطائرات، وكونه لم يعد يميز بين السلكين الأحمر والأزرق، بالكاد تمكن من العمل مدة ثلاث سنوات".
وقع الحادث قبل ثلاث سنوات. ومنذ ذلك الحين، بذل الجراحون محاولات يائسة لإعادة بناء الشق العظمي في الوجه، ودفع العين إلى موضعها، مستخدمين أولا مواد صناعية مزروعة، ومن ثم عظاما من ضلع المريض. وقد أخفقت المحاولتان.
وفي كل مرة، تصيبه العدوى بعد بضعة أشهر، محدثة ألما شديدا. والآن، لم يعد لدى الأطباء أية أفكار لحل المشكلة.
حقائق وأساطير حول عمليات زراعة رقائق إلكترونية في أجسادنا
وكان جواب طومسون هو بناء أول زرع زجاجي في العالم، زجاج مصبوب كصفيحة أدخلت تحت عين المريض داخل الشق المحجري. وقد تبدو فكرة استخدام الزجاج ـ وهي مادة هشة طبيعيا ـ لإصلاح شيء حساس جدا فكرة غير بديهية. لكن ذلك لم يكن زجاجا عاديا.
ويقول جوليان جونز، الخبير في الزجاج الحيوي في جامعة إمبيريال كوليدج في لندن: "إذا وضعت قطعة من زجاج نافذة في جسم الإنسان، ستحيط بها أنسجة الندوب لفترة، ثم تُدفع إلى الخارج".
ويضيف: "لكن عندما تضع زجاجا حيويا في الجسم، فإنه يبدأ بالتحلل ويفرز أيونات تتواصل مع جهاز المناعة نوعا ما، وهذا يعني أن الجسم لا يعتبرها مادة غريبة، لذا فإنها تلتحم بالعظام والأنسجة الرخوة ما يخلق شعورا جيدا ويحفز على إنتاج عظام جديدة".
وبالنسبة إلى طومسون، كانت النتائج فورية. واستعاد المريض الرؤية كاملة في الحال، بالإضافة إلى إدراك الألوان والأعماق. وبعد خمسة عشر عاما من تلك العملية، لا يزال صاحبها في صحة كاملة.
ومضى طومسون في استخدام صفائح الزجاج الحيوي ليعالج بنجاح أكثر من 100 مريض جُرحوا في حوادث سيارات ودراجات نارية.
ويقول طومسون: "إن الزجاج الحيوي يعمل في الواقع بشكل أفضل من عظام المريض نفسها. ويعود هذا، كما وجدنا، إلى أنه يرشح أيونات الصوديوم ببطء وهو يتحلل ويقتل البكتيريا في البيئة المحلية. لذا، وبمحض الصدفة، يحدث لدى المريض تأثير المضاد الحيوي الذي يقضي على العدوى".
أحدث التقنيات
كان العالم الأميركي لاري هينتش هو الذي اخترع الزجاج الحيوي عام 1969. وقد استوحى هينتش ذلك من محادثة بالمصادفة على متن حافلة مع عقيد في الجيش كان قد عاد في الآونة الأخيرة من حرب فيتنام.
وقال العقيد لهينتش إنه في حين أن التكنولوجيا الطبية الحديثة يمكن أن تنقذ الأرواح في ساحة المعركة، فإنها يمكن أن تنقذ الأطراف. وقرر هينتش تعليق بحثه حول الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والعمل بدلا من ذلك على تصميم مادة إلكترونية حيوية لا يرفضها جسم الإنسان.
وأخذ هينتش في نهاية المطاف أبحاثه إلى لندن، وأضحت بريطانيا الدولة التي يتم فيها إجراء بعض أكثر ابتكارات الزجاج الحيوي ثورية في مجالات تتراوح بين جراحة العظام وطب الأسنان.
علماء: يمكن استخدام حبيبات الذهب في علاج السرطانات
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، استخدم الجراحون الزجاج الحيوي على شكل مسحوق، يبدو شكله وملمسه كمعجون رملي، لإصلاح عيوب العظام الناجمة عن كسور صغيرة.
ومنذ عام 2010، فرض هذا المعجون نفسه في الأسواق كعنصر رئيسي في تركيب معجون أسنان سنسوداين لإصلاح الأسنان وحمايتها، وهو أكبر استخدام عالمي لأي مادة نشطة بيولوجيا.
وأثناء عملية التنظيف بفرشاة الأسنان، يذوب الزجاج الحيوي ويطلق أيونات فوسفات الكالسيوم التي تلتحم بمعدن الأسنان. ومع مرور الوقت، تحفز إعادة النمو ببطء.
بيد أن العديد من العلماء يشعرون أن التطبيقات الحالية للزجاج الحيوي بالكاد تتعامل مع جزء بسيط مما يمكن تحقيقه من خلال استخداماته. فقد طُورت منتجات سريرية جديدة يمكن لها أن تحدث ثورة في جراحة العظام والمفاصل بشكل لم يسبق له مثيل.
وبينما كان جونز جالسا في مكتبه في قسم المواد بجامعة إمبيريال كوليدج، كان يحمل شيئا صغيرا على شكل مكعب أطلق عليه اسم " الزجاج الحيوي النطاط".
وهو يماثل الزجاج الحيوي الحالي، ولكن مع إجراء تعديل طفيف على التركيب الكيميائي للزجاج تعني أنه لم يعد هشا. وبدلا من ذلك، فهو "يرتد مثل كرات الطاقة التي يلعب بها الأطفال"، كما يصفه جونز، الذي يضيف بأن ذلك الزجاج مرن بشكل لا يصدق.
والمغزى من وراء ذلك هو أنه يمكن إدخاله في ساق سيئة الكسر ويمكنه أن يدعم وزن المريض، ويسمح له بالمشي عليها دون عكازات ودون الحاجة إلى دبابيس معدنية إضافية، أو عمليات زرع لدعمه.
وفي الوقت ذاته، فإن "الزجاج الحيوي النطاط" سيحفز ويوجه نمو العظام بينما يتماثل مع الجسم ببطء وبشكل طبيعي.
ويقول جونز: "لتجديد قطع كبيرة من العظام، في كسر كبير حقا على سبيل المثال، من المهم جدا أن تكون قادرا على وضع ثقلك على ساقك. ومن المهم جدا أن يكون الزجاج الحيوي قادرا على نقل القوة من وزنك إلى الخلايا العظمية، في صورة إرسال إشارة ما".
عقار للسكري "يوقف تطور مرض الشلل الرعاش"
ويضيف: "إذ أن أجسامنا تصنع العظام على البناء التي هي عليه لأن الخلايا تشعر بالبيئة الميكانيكية حولها. لذا، لكي تنمو قطعة كبيرة من العظام، يجب أن تكون هناك قدرة على إرسال الإشارة الصحيحة لها. ويعود سبب فقدان رواد الفضاء لثقل عظامهم في الفضاء إلى أن انعدام الجاذبية يعني أن الخلايا لا تتلقى نفس المعلومات كما لو كانوا على الأرض".
وبإجراء مزيد من التعديلات على التركيب الكيميائي للزجاج الحيوي فإنه ينتج شكلا مختلفا أكثر ليونة يبدو كالمطاط تقريبا. وملمسه يشبه إلى حد بعيد ملمس قطعة من الحبار في مطعم للمأكولات البحرية.
وربما صمم هذا الزجاج الحيوي للعمليات الصعبة في جراحة العظام، ألا وهي عمليات إصلاح الغضاريف.
في الوقت الراهن، يحاول الجراحون إصلاح الغضاريف التالفة في الوركين المصابين بالتهاب المفاصل أو المفاصل التالفة في الركبة بإجراء عملية معقدة تدعى الكسر الصغير.
وتنطوي هذه العملية على صقل المنطقة المتضررة للكشف عن العظام تحتها، ثم ثقبها لإطلاق خلايا جذعية من نخاع العظام مما يحفز عملية الإصلاح. إلا أن ذلك ينتج عنه غضروف ندبي، وخلال سنوات قليلة، تعود المشكلة الأصلية كما وجد العديد من الرياضيين.
وكحل لهذه المشكلة، يتطلع جونز إلى إنتاج زجاج حيوي يمكن طباعته بشكل ثلاثي الأبعاد ومن ثم إدخاله في أي ثقب في الغضروف.
ولكي تقبل الخلايا هذا الشكل من الزجاج الحيوي، يتعين أن تحتفظ المادة بكل الخصائص الطبيعية للغضروف. وبهدف اختبار فعاليتها، يستخدم جونز جهاز محاكاة يحتوي على مفاصل ركبة بشرية من الجثث المتبرع بها للبحث الطبي.
ويقول جونز: "نحاكي عملية المشي والانحناء وكل الأمور التي تقوم بها الركبة ونتأكد من أن الزجاج الحيوي يحافظ فعلا على بقية المفصل، ويتصرف كما ينبغي له. وإذا نجح ذلك، ننتقل إلى إجراء تجارب على الحيوانات، ثم تجارب سريرية".
وهذا الزجاج الحيوي نفسه يمكن أن يستخدم بشكل إضافي في مساعدة الناس الذين يعانون من آلام الظهر المزمنة بسبب الانزلاق الغضروفي في أقراص العمود الفقري.
خبراء: الألعاب الذهنية "قليلة الفائدة" لصحة المخ
وحاليا، يعالج الجراحون هذه المشكلة باستبدال القرص المختل وظيفيا بالتطعيم العظمي الذي يدمج فقرات الظهر معا. وبينما يزيل هذا الإجراء الألم، إلا أنه يسبب فقدان قدر كبير من الحركة. وبدلا من ذلك، يمكن زرع الزجاج الحيوي وإدخاله ببساطة ليحل محل القرص المعطوب.
ويقول جونز: "يبدو أن هذا هو الشيء الواضح الذي يتعين القيام به. وحتى الآن، لم يتمكن أحد من نسخ الخواص الميكانيكية للغضروف صناعيا. لكن مع الزجاج الحيوي، نعتقد أن بإمكاننا فعل ذلك. ما علينا إلا أن نثبت أن بإمكاننا فعل ذلك".
ويضيف: "وإذا سارت الأمور على ما يرام ونجحنا في كافة اختبارات السلامة اللازمة، يمكن أن يصل هذا المنتج إلى العيادات في غضون عشر سنوات".
وربما يبدو استخدام المواد التي هي من صنع الإنسان والتي يمكن دمجها بالجسم أمرا بعيد المنال- لكن يبدو أنها ستصبح مكونا مرجحا أكثر وأكثر من مكونات الطب الحديث. وبالفعل، فهناك الملايين من الناس الذين يستخدمونه لتنظيف أسنانهم بالفرشاة. وقد يكون ذلك البداية فقط.
BBC
في عام 2002، تلقى إيان طومسون، المختص في إعادة بناء الوجه في جامعة كينغ، لندن، مكالمة هاتفية عاجلة أُبلغ فيها بأن مريضا في أواخر العشرينات من العمر جُرح بسبب خروج سيارته عن السيطرة، وصُعودها إلى الرصيف.
وقد أدت الصدمة إلى دفعه فوق غطاء محرك السيارة محطمة وجهه ومحجر عينه الهش ـ وهو عظم صغير لا يزيد سمكه عن 1 مم ويحمل مُقلة العين في الجمجمة.
ويشرح طومسون قائلا: "من دون التجويف المحجري، تنتقل العين إلى الخلف في الجمجمة، وهذه آلية دفاعية تقريبا".
ويضيف: "إلا أن هذا يسبب ضبابية في الرؤية وعدم التركيز. وهذا المريض فقد أيضا القدرة على إدراك الألوان. وكانت مهام وظيفته تتضمن تجديد الأسلاك الكهربائية للطائرات، وكونه لم يعد يميز بين السلكين الأحمر والأزرق، بالكاد تمكن من العمل مدة ثلاث سنوات".
وقع الحادث قبل ثلاث سنوات. ومنذ ذلك الحين، بذل الجراحون محاولات يائسة لإعادة بناء الشق العظمي في الوجه، ودفع العين إلى موضعها، مستخدمين أولا مواد صناعية مزروعة، ومن ثم عظاما من ضلع المريض. وقد أخفقت المحاولتان.
وفي كل مرة، تصيبه العدوى بعد بضعة أشهر، محدثة ألما شديدا. والآن، لم يعد لدى الأطباء أية أفكار لحل المشكلة.
حقائق وأساطير حول عمليات زراعة رقائق إلكترونية في أجسادنا
وكان جواب طومسون هو بناء أول زرع زجاجي في العالم، زجاج مصبوب كصفيحة أدخلت تحت عين المريض داخل الشق المحجري. وقد تبدو فكرة استخدام الزجاج ـ وهي مادة هشة طبيعيا ـ لإصلاح شيء حساس جدا فكرة غير بديهية. لكن ذلك لم يكن زجاجا عاديا.
ويقول جوليان جونز، الخبير في الزجاج الحيوي في جامعة إمبيريال كوليدج في لندن: "إذا وضعت قطعة من زجاج نافذة في جسم الإنسان، ستحيط بها أنسجة الندوب لفترة، ثم تُدفع إلى الخارج".
ويضيف: "لكن عندما تضع زجاجا حيويا في الجسم، فإنه يبدأ بالتحلل ويفرز أيونات تتواصل مع جهاز المناعة نوعا ما، وهذا يعني أن الجسم لا يعتبرها مادة غريبة، لذا فإنها تلتحم بالعظام والأنسجة الرخوة ما يخلق شعورا جيدا ويحفز على إنتاج عظام جديدة".
وبالنسبة إلى طومسون، كانت النتائج فورية. واستعاد المريض الرؤية كاملة في الحال، بالإضافة إلى إدراك الألوان والأعماق. وبعد خمسة عشر عاما من تلك العملية، لا يزال صاحبها في صحة كاملة.
ومضى طومسون في استخدام صفائح الزجاج الحيوي ليعالج بنجاح أكثر من 100 مريض جُرحوا في حوادث سيارات ودراجات نارية.
ويقول طومسون: "إن الزجاج الحيوي يعمل في الواقع بشكل أفضل من عظام المريض نفسها. ويعود هذا، كما وجدنا، إلى أنه يرشح أيونات الصوديوم ببطء وهو يتحلل ويقتل البكتيريا في البيئة المحلية. لذا، وبمحض الصدفة، يحدث لدى المريض تأثير المضاد الحيوي الذي يقضي على العدوى".
أحدث التقنيات
كان العالم الأميركي لاري هينتش هو الذي اخترع الزجاج الحيوي عام 1969. وقد استوحى هينتش ذلك من محادثة بالمصادفة على متن حافلة مع عقيد في الجيش كان قد عاد في الآونة الأخيرة من حرب فيتنام.
وقال العقيد لهينتش إنه في حين أن التكنولوجيا الطبية الحديثة يمكن أن تنقذ الأرواح في ساحة المعركة، فإنها يمكن أن تنقذ الأطراف. وقرر هينتش تعليق بحثه حول الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والعمل بدلا من ذلك على تصميم مادة إلكترونية حيوية لا يرفضها جسم الإنسان.
وأخذ هينتش في نهاية المطاف أبحاثه إلى لندن، وأضحت بريطانيا الدولة التي يتم فيها إجراء بعض أكثر ابتكارات الزجاج الحيوي ثورية في مجالات تتراوح بين جراحة العظام وطب الأسنان.
علماء: يمكن استخدام حبيبات الذهب في علاج السرطانات
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، استخدم الجراحون الزجاج الحيوي على شكل مسحوق، يبدو شكله وملمسه كمعجون رملي، لإصلاح عيوب العظام الناجمة عن كسور صغيرة.
ومنذ عام 2010، فرض هذا المعجون نفسه في الأسواق كعنصر رئيسي في تركيب معجون أسنان سنسوداين لإصلاح الأسنان وحمايتها، وهو أكبر استخدام عالمي لأي مادة نشطة بيولوجيا.
وأثناء عملية التنظيف بفرشاة الأسنان، يذوب الزجاج الحيوي ويطلق أيونات فوسفات الكالسيوم التي تلتحم بمعدن الأسنان. ومع مرور الوقت، تحفز إعادة النمو ببطء.
بيد أن العديد من العلماء يشعرون أن التطبيقات الحالية للزجاج الحيوي بالكاد تتعامل مع جزء بسيط مما يمكن تحقيقه من خلال استخداماته. فقد طُورت منتجات سريرية جديدة يمكن لها أن تحدث ثورة في جراحة العظام والمفاصل بشكل لم يسبق له مثيل.
وبينما كان جونز جالسا في مكتبه في قسم المواد بجامعة إمبيريال كوليدج، كان يحمل شيئا صغيرا على شكل مكعب أطلق عليه اسم " الزجاج الحيوي النطاط".
وهو يماثل الزجاج الحيوي الحالي، ولكن مع إجراء تعديل طفيف على التركيب الكيميائي للزجاج تعني أنه لم يعد هشا. وبدلا من ذلك، فهو "يرتد مثل كرات الطاقة التي يلعب بها الأطفال"، كما يصفه جونز، الذي يضيف بأن ذلك الزجاج مرن بشكل لا يصدق.
والمغزى من وراء ذلك هو أنه يمكن إدخاله في ساق سيئة الكسر ويمكنه أن يدعم وزن المريض، ويسمح له بالمشي عليها دون عكازات ودون الحاجة إلى دبابيس معدنية إضافية، أو عمليات زرع لدعمه.
وفي الوقت ذاته، فإن "الزجاج الحيوي النطاط" سيحفز ويوجه نمو العظام بينما يتماثل مع الجسم ببطء وبشكل طبيعي.
ويقول جونز: "لتجديد قطع كبيرة من العظام، في كسر كبير حقا على سبيل المثال، من المهم جدا أن تكون قادرا على وضع ثقلك على ساقك. ومن المهم جدا أن يكون الزجاج الحيوي قادرا على نقل القوة من وزنك إلى الخلايا العظمية، في صورة إرسال إشارة ما".
عقار للسكري "يوقف تطور مرض الشلل الرعاش"
ويضيف: "إذ أن أجسامنا تصنع العظام على البناء التي هي عليه لأن الخلايا تشعر بالبيئة الميكانيكية حولها. لذا، لكي تنمو قطعة كبيرة من العظام، يجب أن تكون هناك قدرة على إرسال الإشارة الصحيحة لها. ويعود سبب فقدان رواد الفضاء لثقل عظامهم في الفضاء إلى أن انعدام الجاذبية يعني أن الخلايا لا تتلقى نفس المعلومات كما لو كانوا على الأرض".
وبإجراء مزيد من التعديلات على التركيب الكيميائي للزجاج الحيوي فإنه ينتج شكلا مختلفا أكثر ليونة يبدو كالمطاط تقريبا. وملمسه يشبه إلى حد بعيد ملمس قطعة من الحبار في مطعم للمأكولات البحرية.
وربما صمم هذا الزجاج الحيوي للعمليات الصعبة في جراحة العظام، ألا وهي عمليات إصلاح الغضاريف.
في الوقت الراهن، يحاول الجراحون إصلاح الغضاريف التالفة في الوركين المصابين بالتهاب المفاصل أو المفاصل التالفة في الركبة بإجراء عملية معقدة تدعى الكسر الصغير.
وتنطوي هذه العملية على صقل المنطقة المتضررة للكشف عن العظام تحتها، ثم ثقبها لإطلاق خلايا جذعية من نخاع العظام مما يحفز عملية الإصلاح. إلا أن ذلك ينتج عنه غضروف ندبي، وخلال سنوات قليلة، تعود المشكلة الأصلية كما وجد العديد من الرياضيين.
وكحل لهذه المشكلة، يتطلع جونز إلى إنتاج زجاج حيوي يمكن طباعته بشكل ثلاثي الأبعاد ومن ثم إدخاله في أي ثقب في الغضروف.
ولكي تقبل الخلايا هذا الشكل من الزجاج الحيوي، يتعين أن تحتفظ المادة بكل الخصائص الطبيعية للغضروف. وبهدف اختبار فعاليتها، يستخدم جونز جهاز محاكاة يحتوي على مفاصل ركبة بشرية من الجثث المتبرع بها للبحث الطبي.
ويقول جونز: "نحاكي عملية المشي والانحناء وكل الأمور التي تقوم بها الركبة ونتأكد من أن الزجاج الحيوي يحافظ فعلا على بقية المفصل، ويتصرف كما ينبغي له. وإذا نجح ذلك، ننتقل إلى إجراء تجارب على الحيوانات، ثم تجارب سريرية".
وهذا الزجاج الحيوي نفسه يمكن أن يستخدم بشكل إضافي في مساعدة الناس الذين يعانون من آلام الظهر المزمنة بسبب الانزلاق الغضروفي في أقراص العمود الفقري.
خبراء: الألعاب الذهنية "قليلة الفائدة" لصحة المخ
وحاليا، يعالج الجراحون هذه المشكلة باستبدال القرص المختل وظيفيا بالتطعيم العظمي الذي يدمج فقرات الظهر معا. وبينما يزيل هذا الإجراء الألم، إلا أنه يسبب فقدان قدر كبير من الحركة. وبدلا من ذلك، يمكن زرع الزجاج الحيوي وإدخاله ببساطة ليحل محل القرص المعطوب.
ويقول جونز: "يبدو أن هذا هو الشيء الواضح الذي يتعين القيام به. وحتى الآن، لم يتمكن أحد من نسخ الخواص الميكانيكية للغضروف صناعيا. لكن مع الزجاج الحيوي، نعتقد أن بإمكاننا فعل ذلك. ما علينا إلا أن نثبت أن بإمكاننا فعل ذلك".
ويضيف: "وإذا سارت الأمور على ما يرام ونجحنا في كافة اختبارات السلامة اللازمة، يمكن أن يصل هذا المنتج إلى العيادات في غضون عشر سنوات".
وربما يبدو استخدام المواد التي هي من صنع الإنسان والتي يمكن دمجها بالجسم أمرا بعيد المنال- لكن يبدو أنها ستصبح مكونا مرجحا أكثر وأكثر من مكونات الطب الحديث. وبالفعل، فهناك الملايين من الناس الذين يستخدمونه لتنظيف أسنانهم بالفرشاة. وقد يكون ذلك البداية فقط.
BBC