• ×

العلاج الجراحي أدى إلى تحسن مستوى سكر الدم

0
0
1032
 
وصف قدماء المصريين الأعراض المرضية المشابهة للداء السكري منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة مضت ، وفي القرن السابع عشر أطلق العالم البريطاني توماس ويلس اسم البول السكري (Diobetes mellitus) حيث لاحظ حلاوة دم وبول بعض المرضى , وبعد قرن من الزمان أثبت عالم بريطاني آخر (دوبسون Dobson) أن هذه الحلاوة ناتجة عن وجود زيادة في السكر في دم وبول المرضى. ولم يكتشف الأنسولين إلا في عام 1921م بواسطة العالم الكندي (Banting) أما حبوب علاج السكري عن طريق الفم فلم تستخدم قبل عام 1955م.

وقال الدكتور هيثم محمد الفلاح استشاري جراحة الغدد الصماء وجراحة البدانة بمجمع الملك سعود الطبي لقد كان اكتشاف الأنسولين ثورة حقيقية في علاج داء السكري ومازال إلى يومنا هذا هو العلاج الأساسي بالإضافة إلى الأدوية الفموية، لكن هذه الأدوية تحاول فقط أن تعيد التوازن للجسم بين مستوى السكر في الدم والحاجة إلى الأنسولين دون أن تقدم شفاء من داء السكري نفسه ، بالإضافة إلى الحاجة إلى تناول هذه الأدوية سواء عن طريق الفم أو الحقن بشكل متكرر يومياً والحاجة إلى إجراء تحليل مستوى السكر بشكل دوري.

واضاف لقد تم تطوير بعض الطرق للتخفيف من هذا العبء على المريض باستخدام مضخات للأنسولين تركب داخل الجسم (داخلية) أو يحملها المريض بشكل مستمر معه (خارجية) لكن بالإضافة إلى كلفتها العالية وضرورة تطوير أنواع جديدة من الأنسولين تتحمل الحرارة الخارجية (يحفظ الأنسولين العادي المعد للحقن في الثلاجات بدرجة حرارة 4 مئوية) فهي تعيد توازن السكر دون أن تعالج الداء نفسه.

لكن بصيص أمل ظهر مع عمليات تحويل الأمعاء التي تجرى عادة لمعالجة البدانة فمن المعروف أن ثلاثة أرباع المرضى البدناء يعانون من النوع الثاني من داء السكري (سكري البالغين)، ولوحظ أن إجراء تحويل الأمعاء أدى إلى تحسن مستوى سكر الدم لديهم، كما أدى إلى شفاء أكثر من 70% من الحالات خلال أسابيع معدودة من الجراحة. دفع ذلك الأطباء للتفكير بإجراء هذه العمليات لمرضى الداء السكري النوع الثاني حتى الذين لا يعانون من البدانة, وأثبتت التجارب على الحيوان أن الآلية الرئيسية لعكس الداء السكري هو استبعاد الجزء الأول من الامعاء (المعي الاثني عشري) من ملامسة الطعام.

وقال د. الفلاح: كانت أولى التجارب السريرية البشرية في تشيلي حيث عرض الدكتور ماركوس بيري Marcos Berry ملخص بحث في مؤتمر الجمعية الأمريكية لجراحي الجهاز الهضمي والمناظير لهذا العام (2009) تم خلاله إجراء العملية لأحد عشر مريضاً مصاباً بالداء السكري من النوع الثاني متوسط أعمارهم 45 سنة, عشرة منهم رجال. وتم إجراء تحويل للأمعاء حيث تم استبعاد الجزء الأول من الأمعاء الدقيق (الأثني عشر) من التماس المباشر مع الطعام ووضع وصلة جديدة بطول 100سم ليمر الطعام خلالها إلى باقي الأمعاءLaparoscopic Duodenojejunal Bypass (LDJB).

والنتائج أظهرت أن المرضى استطاعوا المحافظة على أوزانهم (مؤشر كتلة الجسم) ولكن كان هناك هبوط واضح من مستوى سكر الدم المرتفع. أجريت جميع العمليات بالمنظار الجراحي ولم تحدث أي وفيات وتمكن مريضان من التخلص من أدوية السكري بشكل كامل وتحويل سبعة مرضى من العلاج بحقن الانسولين الى حبوب خفض السكر الفموية أما آخر مريضين فقد استمرا باستخدام حقن الانسولين ولكن بجرعة أقل بكثير من جرعة الانسولين قبل العمل الجراحي.

وأوضح الدكتور هيثم محمد الفلاح استشاري جراحة الغدد الصماء وجراحة البدانة بمجمع الملك سعود الطبي أن الجراحات التي تجرى على الامعاء بقصد تغير استقلاب السكر تثير المجتمع الطبي للبحث عن حلول جديدة وقد تساعد مستقبلاً على علاج هذا الداء لكن ما تم عرضه من نتائج لم يتعد سوى متابعة لسنة واحدة فقط وعدد محدود من المرضى لذلك نحتاج الى إجراء مزيد من هذه العمليات ضمن منهج بحث طبي محكم ومتابعتها لفترات كافية وتطوير البرتوكولات الخاصة بها قبل اعتمادها كعلاج جراحي للداء السكري من النوع الثاني وهو المعروف بسكر البالغين, أما النوع الاول من الداء السكري وهو سكري الشباب فهناك تجارب جراحية أخرى تجرى لمعالجته وتتركز بشكل اساسي على زرع خلايا غدة البنكرياس المسؤولة عن افراز الانسولين.

الرياض - الصحة والحياة talalzari.com