إشعاع حضاري سعودي في «إكسبو 2010»
08-28-2010 12:23 مساءً
0
0
1505
ينتظم آلاف الصينيين منذ ساعات الصباح الأولى أمام بوابات جناح المملكة العربية السعودية في المعرض العالمي \"إكسبو 2010م\" المقام حالياً في مدينة شنغهاي حيث يجذب المعرض ما يزيد على 25 ألف زائر يتسابقون يومياً للحصول على بطاقات دخول المعرض للاستمتاع بطريقة العرض ومشاهدة أكبر قدر ممكن من الصور والعروض مما تنفرد السعودية به عن غيرها من آثار وثقافة عربية إسلامية يتقدمها في الاهتمام مكة المكرمة قبلة المسلمين.
فالزائر لجناح المملكة العربية السعودية يطّلع منذ دخوله على أبرز المنجزات التي تحققت على أرض الواقع في هذا البلد المترامي الأطراف الذي تصبغ الصحراء أغلب بيئاته، عبر رحلة ثلاثية الأبعاد في سفينة النور تسير بهم من نهر \"هوانج بو\" المحاذي للمعرض إلى صحاري المملكة وقفارها التي تحولت إلى واحات صناعية وتقنية وثقافية في فترة وجيزة تصورها الرحلة عبر عروض مصورة بأبعاد بانورامية. وفي سفينة النور الانسيابية (جناح المملكة) ترسو من خلال أكسبو 2010 في أحد أكبر موانئ الصين التجارية (شنغهاي) فيتنقل الزائرون للمعرض بين طوابق دائرية حلزونية منسجمة مع الروح الأسلامية السمحة، لتصل إلى الحضارة الإسلامية وتأثيرها الإنساني على الحياة وأبرز سمات الحضارة التي أطلقها رسول الإنسانية الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فمن خلال شاشة كبيرة تعد الأكبر في معرض إكسبو تصف الإسلام بأنه دين سلام ومحبة وإخاء وبناء ونماء يجمع شعوب العالم في سلام وللتعارف والتعاون على الخير.
وقبل أن تصل إلى قمة الجناح تمر بجدران امتزجت فيها روح الحضارة السعودية والصينية بين عدة عناصر تقليدية ، حيث تزينت الجدران والسقوف والأعمدة بالزخارف الإسلامية الأصيلة ، وجاءت محتوياتها ومكوناتها منسجمة مع طبيعة الصحراء وحياة المياه ورخاء الواحات، فتأخذك العروض المتحركة والضوئية إلى أطهر بقاع العالم عند المسلمين، والأرض التي يجب أن يفد إليها كل مسلم وهما المسجد الحرام والمسجد النبوي، حيث ينطلقان إلى روحانية هاذين المكانين عبر تفاصيلها الكثيرة وشرح المواقع والطرق بلغات مختلفة ومنها اللغة الصينية ، والذهاب عبر طائرة تعبر تضاريس مكة المكرمة القاسية إلى المشاعر المقدسة حيث يستقر الزائر ليرى كيف يجتمع ملايين الحجاج بلباس وهدف ومكان وزمان واحد في منى وعرفات ومزدلفة وسط تصوير يلف القلب دهشة، وهنا حين تقف وتسأل أحدهم عن ما رأيت أو يصف ما شاهده سينطلق في نوبة إعجاب ودهشة فكأنه بالفعل قد سار إلى المملكة. إن المشاريع العمرانية في المشاعر المقدسة كانت على قدر كبير من الأهمية في الأثر المكاني والزماني ، فنالت ضمن معرض أكسبو العالمي لقب \" أفضل مشروع حضري من بين 221 دولة مشاركة في \" أكسبو 2010 \"، إثر فوزه في مسابقة المشاريع المحافظة على البيئة التي جرى ترشيحها ومن ثم عرضها في جناح المملكة العربية السعودية المشارك في المعرض بمدينة شنغهاي، ليحقق المشروع أكثر من هدف بيئي وصحي وأمني ووقائي.
وزاد الاهتمام بعد ذلك بجناح المملكة لرؤية مكة المكرمة ومشروعات التطوير المدني فيها ومن ذلك رؤيتة المملكة في مشروع \"مدينة أفضل ، حياة أفضل\" حيث جذب هذا الفوز الصينيين لزيارة المعرض بكثافة خلال ثلاثة أشهر هي نصف المدة المقررة للمعرض، حتى حقق جناح المملكة نجاحات وسمعة طيبة مسجلا حضوراً زاد على (2,206,194) في مؤشر يؤكد نجاح المعرض.
ومنذ افتتاح المعرض بداية شهر مايو هذا العام الذي يعد من أضخم المعارض الدولية، حيث تشارك فيه أكثر من 200 دولة والمنظمات الرسمية المختلفة والشركات العالمية، وتستمر فعالياته لمدة ستة أشهر حتى نهاية شهر أكتوبر ، أمسى الجناح السعودي أحد أكثر الأجنحة شعبية وأحد أفضل المقاصد لزوار المعرض ، بحسب ما ذكرته الإحصاءات الرسمية للمعرض. وبرز الجناح السعودي من حيث أعداد الزوار من بين الأجنحة بمساحته الإجمالية التي بلغت نحو 5.28 كيلومتر مربع، ويتوقع القائمون على الجناج أن يتجاوز عدد الزوار أكثر من 7 ملايين زائر على الأقل. وجاء تميز مشروع \"منى\" الحضاري كونه نموذجا أمثل لمعالجة الكوارث والأزمات الطبيعية ، حيث يقدم في الوقت ذاته حلولاً للوقاية من الانهيارات الأرضية ، فيما عبر الصينيون عن رغبة في تبادل الخبرات في هذا المجال والاستفادة من برنامج الوقاية في \" منى \" حيث يقدم حلولاً ذكية لوقاية المدن المزدحمة بالسكان ، والاكثر تعرضا لخطر الانهيارات الارضية. فمشروع منى القائم في المشاعر المقدسة بالمملكة يقدم خيارات أكثر سلامة وأمناً للحجاج في مدة وجيزة ومحدودة جداً بالنظر إلى الكثافة البشرية التي تتجاوز 3 ملايين حاج . . كما أن ذلك يأتي بعد اختيار\" مدينة منى \" ضمن أفضل 55 نموذجاً للتجارب الحضرية من بين 226 على مستوى العالم للمشاركة في معرض إكسبو //2010// ليقدم للعالم أحد أكثر الممارسات الحضرية تطوراً وأماناً فهي إلى جانب توفير الراحة والسعة لحجاج بيت الله الحرام تقي - بإذن الله - من وقوع كوارث بشرية حيث تم تثبيت الصخور الكبيرة على الجبال بواسطة قضبان من الصلب وبناء جدران حجرية وسط سفوح الجبال لاحتواء الصخور المتساقطة ، وبناء سدود ارتفاعها ما بين 50 الى 70 مترا من أجل احتواء التدفقات الطينية والصخرية ، إلى جانب بناء قنوات تقود المياه المتدفقة إلى خزان ضخم. كما أنها تقدم الحماية للحجاج الذين ينامون في بطن الوادي \" ليلة المبيت في منى \" حيث تم تغطية ما مساحته 2.9 كم مربع بخيام بيضاء تعمل بأنظمة حديثة مقاومة للحرائق والرياح في مكان يعد الأكثر كثافة في العالم ، إضافة إلى عرض التحديات التي تواجه هذا المشروع حيث يوفر المأوى الآمن والصرف الصحي الجيد ، والمياه ، والكهرباء ، والاتصالات ، والدفاع المدني ، والرعاية الصحية و الأمن ، فضلاً عن السيطرة على الحشود وتطبيق الأساليب العلمية لتتبع وقياس حركة الجماهير على طول جسر الجمرات وعلى مستويات مختلفة من خلال استخدام كاميرات تعمل بالاشعة تحت الحمراء ، وتحليل النتائج بواسطة الحاسوب ، ونقل المعلومات التقييمية إلى غرفة التحكم.
كما أن النموذج المستوحى من \" مدينة منى \" يقدم المشاريع المستقبلية المخطط لها من قبل المملكة لخدمة ضيوف الرحمن كمشروع القطار السريع الذي سينقل خمسة ملايين الحجاج في أقل من ثماني ساعات عبر خمسة خطوط السكك الحديدية موازية وهي الآن قيد الإنشاء. ويظهر النموذج ما نتج عن هذه التجربة من الاستخدام الأمثل للأراضي مع استخدام كميات أقل من السيارات ،وكفاءة استخدام الموارد ، وقدراً أقل من التلوث والنفايات ، واستعادة النظم الطبيعية ، ذات نوعية لائقة على البيئة الصحية والاجتماعية واقتصاديات مستدامة. وسلط مشروع منى الضوء على مدينة خيام منى لأول مرة في تاريخ المعارض العالمية بوصفه واحداً من أفضل الأمثلة في بلورة بيئة أفضل لحياة الإنسان في المناطق الحضرية في واحدة من أكبر مدن الخيام التي بنيت على الأرض ، والمخطط لها بشكل مبتكر التي تمكن من تلبية الاحتياجات المتنوعة لما يقرب من ثلاثة ملايين شخص من الثقافات غير المتجانسة في منطقة محدودة ، وعلى جدول زمني ضيق . وتطلب تجهيز الجناح السعودي للزوار قبل بداية المعرض نحو سنة ونصف ، راعى فيه المصممون أن يكون الجناح وفق رؤية العلاقات السعودية الصينية الضاربة في أغوار التاريخ ، فصُمِمَ المعرض على شكل سفينة وهلال يعكس الصداقة التقليدية والتبادلات الودية بين السعودية والصين ، كما تعكس السفينة التي ترسو في أحد أكبر موانئ الصين التجارية الأبعاد الاقتصادية والمعرفية والثقافية التي تربط الجزيرة العربية بالصين في عهد قديم ، فكان الجناح بمثابة نقطة البداية لإعادة طريق الحرير البحري القديم. وخطط المصممون جناح المملكة بشكل انسيابي رشيق مستوحى من إبريق الكنز في التراث الصيني الذي يمثّل الازدهار والفأل الحسن، فكان الموقع المميز للجناح إضافة أخرى متميزة ومطلة على نهر هوانج بو، حيث رست \"سفينة النور\" على حديقة الصداقة السعودية الصينية التي مزجت في تصميمها بين عدة عناصر تقليدية في كلٍ من المملكة العربية السعودية والصين.
وقد تزينت جدران المعرض بالزخارف الإسلامية الأصيلة وجاءت محتوياته منسجمة مع طبيعة الصحراء وحياة المياه ورخاء الواحات، لتعكس بذلك التنوع الثقافي والجغرافي والتقدم التنموي الذي تعيشه المملكة. الممر الحلزوني الذي يحيط بالمعرض من جميع جوانبه وسط الجناح يعكس أهمية التطور والتنمية المتوازنة بين الاقتصاد والرخاء من جانب وثقافة الشعوب من جانب آخر. وبما أن معرض إكسبو يحمل شعار \"مدينة أفضل، حياة أفضل \"جاء تصميم الجناح متوافقاً هندسياً مع الاستهلاك الاقتصادي ، ليقدم بذلك مثالاً على أهمية ترشيد استهلاك الطاقة، لمستقبلٍ أفضل وعالمٍ مزدهر. تتربع في فناء المعرض ساحة العروض الفلكلورية والثقافية التي زودت بكل التجهيزات الفنية واللوجستية المطلوبة لإقامة العروض الفلكلورية الشعبية، التي تعكس التنوع الثقافي والتباين في الموروث الشعبي بين سكان المناطق المختلفة في المملكة، مع المحافظة على الوحدة في القيم والمعتقدات والمنطلقات الوطنية. كما أن الشاشة السينمائية من أهم أدوات التواصل في المعرض فهي تقدم رحلة عبر الزمن من خلال تصوير ماتع وواقعي ، تأخذ الزوار لآلاف الكيلومترات، يجوبون خلالها مناطق المملكة المختلفة ويستعرضون أهم معالمها ويتابعون تطورها على مختلف الأصعدة العمرانية والصناعية والاقتصادية، من خلال السير المتحرك الذي يمر فوق شاشة عملاقة على مساحة 1600م2، تعتبر من أكبر الشاشات من نوعها على مستوى العالم، والأكثر تقنيةً وتطوراً ، وقد تم تجهيزها بنظام صوتي متطور يجعلك تعايش اللقطات والمشاهد المعروضة. وتنتهي جولة الزوار إلى سطح سفينة النور التي تتوسطها خيمة بدوية من الغزل اليدوي تتربع بين نخيل باسقات، تمثل طرفاً من بساطة الحياة الصحراوية ، بعيداً عن تعقيدات المعاصرة والحداثة في فضاء مفتوح لا سقف له. إن عدد الزائرين للمعرض يومياً لم يثن القائمين عليه من استقبالهم بالحفاوة والتكريم حيث يمر الزائرون بخمية الضيافة التي تقدم القهوة العربية التي تصنع داخل الخيمة بين النخيل العربية الباسقة وزرقة سماء شنغهاي. ولفت المعرض انتباه مسئولي العديد من الدول العربية والإسلامية والصديقة لزيارته فأبدوا سعادتهم بما رأوه ، وأشادوا بالتقدم الذي وصلت له المملكة في شتى المجالات ، كما أشادوا بالنموذج الحضري لخيمات منى ، والمشاريع العملاقة في المشاعر المقدسة ، والمشاريع التنموية الأخرى في باقي مناطق المملكة. وكتب نائب رئيس الوزراء التركي السيد حياتي يازيسي في سجل زيارته للمعرض \" لقد زرت المعرض وتجولت داخل أروقته ، وأعجبت بما شاهده من تطور أبرز صورة المملكة ومكانتها الدولية \". مسؤول ياباني زار المعرض ، وبين أن العرض البصري الحي يجعلك وكانك في السعودية وقال \" الجناح السعودي الأفضل بين المعارض المشاركة لأنه إتاحة لي فرصة الجلوس على بساط الريح\". كما زار الجناج عددا من المسئولين الصينيين كان من بينهم وزير الدفاع الصيني، وعضو مجلس الوزراء، وعضو اللجنة العسكرية المركزية، اللواء ليانغ قوانغ. وسجل نائب رئيس وزراء سنغافورة السيد // وونغ كان سينغ // أعجابه بالجناح السعودي وأكد أنه اختار الجناح السعودي ليكون محطته الوحيدة على أرض المعرض، بالإضافة إلى جناح دولته سنغافورة وجناح البلد المضيف ، في إشارة لما يحظى به الجناح السعودي من اهتمام ومتابعة من قبل المسؤولين في الدول الصديقة، وحضوره المتميز في وسائل الإعلام المختلفة مما أكسبه شهرة واسعة وحضوراً جماهيرياً كبيراً. وكان من بين الضيوف، مؤخراً معالي رئيس وزراء دولة ساموا، السيد // تويلايبا لوبيسوليا نيوتي مالييليغاوي // يرافقه معالي وزير المالية ومساعد وزير الخارجية وسعادة سفير دولة ساموا لدى جمهورية الصين الشعبية.
كما زار الجناح السعودي معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري، رئيس مجلس الدولة العماني، ومعالي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، يوسف بن علوي بن عبد الله، ووزير التخطيط الفلسطيني، الدكتور علي الجرباوي. وكان من بين الضيوف أيضاً معالي وزير التجارة الخارجية والصناعة الماليزي، السيد مصطفى محمد، ومعالي وزير التخطيط والمالية الكوري، السيد يون جونج هيون، ومعالي وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، السيد ماسايوكي ناووشيما، ومعالي وزير التنمية الإقليمية للإتحاد الروسي، السيد فيكتور قيدوروفيتش، ومعالي وزير التجارة الاندويسية السيد ماري إيلكا بانغيستو، ومعالي وزير الدولة لشؤون المناطق النائية الإندونيسي، السيد حلمي فيشال زيني، ومعالي وزير الصحة ومعالي وزير الزراعة الصينيين، السيد تشن جو، والسيد هان تشانغ فو. وقد أبدى الجميع إعجابهم بما رأوه في الجناح مما يعكس النهضة التي تعيشها المملكة، وتقديرهم للمشاركة المتميزة التي تنسجم مع مكانة المملكة عالمياً، مؤكدين متانة العلاقات التي تربط بلدانهم بالمملكة حكومة وشعباً من خلال الكلمات التي سطروها في دفتر الزيارات.
واس، الرياض - الصحة والحياة talalzari.com