ماذا تعلمت من الحياة؟
03-24-2011 07:32 صباحاً
0
0
1364
س: الحياة فيها دروس وعبر فماذا تعلمت من الحياة حتى أستفيد من خبرتك وتجاربك، خصوصا أن حياتي بلا صعوبات وتحديات؟
أبو مطلق ـ الطائف
ج: أخي أبو مطلق، أشكرك على همتك العالية في التعلم والتطوير، ولقد تعلمت أمورا كثيرة جدا والحمد لله في جميع جوانب الحياة، منها علاقتي بالله عز وجل والأسرة والأخلاق وعلاقتي بالآخرين وتجارب الفشل، نعم لا تتوقع حياة سهلة مريحة، وجمال الحياة في الصعوبات التي تواجهك وتستطيع أن تتغلب عليها، أي تنجح وتفوز وتتميز، والحياة السهلة تبعث على الضجر، والحياة المريحة هي حياة مملة كئيبة لأنها بلا طعم وأقصد أنها بلا تحديات، فالسفن آمن ما تكون في موانيها ولكنها لم تصنع لذلك وإنما صنعت لتواجه المحيطات والأمواج العالية.
والذي تعلمته من الحياة أن أقدر ظروف الناس، فالناس في لحظات ضعفهم ويأسهم وقلقهم يكونون على غير طبيعتهم وعلى غير عادتهم، والذي تعلمته من الحياة أن أنسى ونسيان الإساءة نعمة كبرى حتى تخلو نفسي من الغل فأستطيع أن أشعر بطعم الحياة، والذي تعلمته من الحياة ألا أخسر إنسانا وأن أحاول أن أبقى على العلاقة بقدر المستطاع، من السهل جدا أن تفقد إنسانا، فهذا لا يستغرق أكثر من دقيقه واحدة، أما بناء الثقة فيستغرق وقتا طويلا.
والذي تعلمته من الحياة أن أعظم استثمار هو الاستثمار في البشر صديق حقيقي هو كنز مليء بالذهب، والذي تعلمته من الحياة ألا أستثمر ضعف واحتياج أي إنسان، فالحياة مدرسة واسعة بكل جوانبها حتى نتعلم منها، ففي المدرسة نأخذ الدرس ثم نختبر، أما في الحياة فالعكس تماما فنحن نختبر أولا ثم يأتي التعليم من هذا الاختبار والاستفادة، والذي تعلمته من الحياة أن أقدر ظروف الناس.
والذي تعلمته من الحياة أن أعطي أكثر مما هو متوقع، أن أعطي وأن أخذ أقل مما هو متوقع أخذه، فالحكمة الذهبية هي «أعط كثيرا وخذ قليلا»، والذي تعلمته من الحياة أن الأخيار أكثر من الأشرار، وأن الطيبين أكثر من السيئين، ولذا فأنا أفترض الخير في أي إنسان إلى أن يثبت العكس وليس العكس، والذي تعلمته من الحياة أن أقبل فورا من جاء يعتذر عن خطئه في حقي، والذي تعلمته من الحياة أن أتحدث عن إيجابيات أي إنسان وأن أبرزها له وللآخرين وبذلك أكسبه في صفي للأبد.
والذي تعلمته من الحياة أن لا أتحدث عن السمات الشخصية المذمومة في أي إنسان، وأن أغمض عيني عن عوراتهم، وأن أستر عيوبهم، والذي تعلمته من الحياة أن أنقد سلوك الإنسان وليس الإنسان ذاته، وأن يكون النقد مهذبا وموضوعيا، وتعلمت أن رحمة ربي واسعة وحكمته بالغة فقد لا يعطينا سؤالنا رحمة بنا ويظل عجزنا كبشر هو كنزنا أمام قدرة الله تعالى التي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، نعم إنها الحياة الواسعة بكل ما فيها. وأخيرا، لا زلت طالبا في مدرسة الحياة أتعلم كل يوم وكلما تعلمت أكثر كلما زاد يقيني بجهلي، والحمد لله رب العالمين.
د. سليمان العلي، صحيفة عكاظ - الصحة والحياة talalzari.com