وهو خطر صحي على المستوى الوطني
داء السكري أرهق الخدمات الصحية بدول الخليج..
11-22-2012 07:01 صباحاً
0
0
1360
يعد داء السكري من الأمراض ذات الارتباط الوثيق بالعوامل المحيطة بنا وفي مقدمتها نمط الحياة غير الصحية والمتمثلة بالسمنة وقلة النشاط اليومي، كما أن العامل الوراثي يلعب دورا أساسيا، وأصبح داء السكري من الأمراض ذات الانتشار الواسع على مستوى دول العالم، واعتبرت منظمة الصحة العالمية داء السكري من الأمراض التي بلغت حد الخطورة، ودعت المنظمة الدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات العاجلة للحد من انتشاره وذلك عبر البدء ببرامج المكافحة الأولية للمرض والثانوية لمضاعفاته الحادة والمزمنة، وفي المؤتمر العالمي الأول للغدد الصماء والاستقلاب تمت مناقشة آخر المستجدات في أمراض الغدد الصم والاستقلاب خاصة داء السكري ومضاعفاته والسبل الحديثة في علاجه.
وفي هذا السياق كشف المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الأستاذ الدكتور توفيق بن أحمد خوجة ل"الرياض" أن الإحصائيات والدراسات الوبائية المبكرة في بعض دول الخليج أفادت بأن انتشار داء السكري بصورة وبائية جعلت منه خطرا صحيا على المستوى الوطني، فنسبة الإصابة بالداء السكري قد تجاوزت 20% في العديد من دول المجلس...، أما معدلات الإصابة باعتلال استقلاب السكر (وهي الحالات ذات القابلية للإصابة مستقبلا) فقد تجاوزت نفس النسبة، وهذا يعني أن المجتمع الخليجي مصاب أو سيصاب بالسكري بنسبة تزيد عن ذلك وهذه النسبة مرتفعة جدا إذا ما قورنت بالدول الأخرى، ولقد أثبتت الدراسات الوبائية هذا الازدياد المطرد عبر السنين في المملكة العربية السعودية حيث ارتفعت من 2.2% في منتصف السبعينات إلى 4.9% بعد عشر سنوات ثم لتصل إلى 12.3% في منتصف التسعينات وصلت إلى 24% في عام2004م، وفي عام 2006م وصل معدل الانتشار إلى 28%، وإن أهمية هذا المرض لا تنبع من كونه منتشرا بصورة وبائية في المجتمع الخليجي، ولكن لارتفاع نسبة الإصابة بمضاعفاته المزمنة وهو ما رفع التكاليف الاقتصادية لهذا الداء على المستوى الوطني.
وأضاف الدكتور خوجة لقد أرهق السكري الخدمات الصحية بدول الخليج حيث أخذ حيزاً لا يستهان به من الخدمات التي تقدمها المستشفيات، ففي دراسة هامة أجريت بمدينة الرياض اتضح أن (32%) من المرضى المنومين بالمستشفيات مصابون بالسكري، وقد أدخلوا إلى المستشفيات إما لأسباب تخص السكري أو لمشاكل صحية ذات علاقة به، كما أن معدلات مضاعفات السكري ومن خلال الدراسات والتقارير الخليجية المعتمدة تؤكد تفاقم المشكلة حيث تتراوح نسبة الإصابة بداء السكري ما بين (16.7، 24%) في دول مجلس التعاون الخليجي... واستطرد قائلاً انه من العوامل التي ساعدت في زيادة معدلات الانتشار لداء السكري النمو السكاني وتشيخ السكان، وارتفاع معدلات السمنة وزيادة الوزن وقلة النشاط البدني والأنماط الغذائية غير الصحية، وزيادة عدد المرضى الذين يتم تشخيصهم نتيجة الاهتمام المتزايد بذلك المرض ولإجراء المسوحات الكبيرة في شتى بلدان العالم.
وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة هذا الوباء الذي يصيب حالياً أكثر من (220) مليون نسمة في جميع أنحاء العالم، فإن أكثر من (346) مليونا أو (6.3%) من السكان سيصابون بهذا المرض بحلول عام 2030م كل ذلك سيؤدي إلى العبء الكبير على تكاليف الرعاية الصحية حيث وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية مما سيكلف ما بين (213-396) دولارا دوليا ما سيلتهم نحو (40%) من الميزانيات الصحية للدول آنذاك... وعليه فإن مرض السكري يُعد من الأمراض الأكثر تكلفة سواءً التكلفة المباشرة التي تقدر بنحو (6%) من الميزانية الكلية في الدول المتقدمة اقتصادياً وتصل هذه التكاليف حالياً إلى (60) بليون دولار أمريكي في الولايات المتحدة، (16.94) بليون دولار في اليابان، (10.67) بليون دولار في ألمانيا وكذلك التكاليف غير المباشرة من جراء فقد عائل الأسرة والأشخاص المنتجين فيها والوقت المفقود وتأثير ذلك على الانتاج.وفي إطار حديثه عن الإجراءات والجهود الخليجية المتواصلة للتصدي لهذا الداء فقد أوضح خوجة بأنه قد تم سابقا عقد الاجتماع الموسع للجنة الخليجية لمكافحة الداء السكري في (2007/1428 ه حيث تمخض عنه وضع الإعلان المشترك لوزراء الصحة لدول مجلس التعاون حول الداء السكري، وإعداد الخطة الخليجية التنفيذية لمكافحة الداء السكري (2008/2018).، وفي المؤتمر الثاني والستين والذي عقد في دولة الكويت والذي سمي مؤتمر مكافحة السكري (1/1428ه الموافق 1/2007م) حيث أصدر القرار رقم (4) والذي شدد على إجراء اجتماع موسع للجنة الفنية المختصة وبمشاركة وكلاء الوزارة المعنيين وبغرض الخروج بخطة تنفيذية متكاملة محدثة للخطة الموضوعة سابقا لرفعها إلى معالي الوزراء ومن ثم إلى أصحاب الجلالة والسمو الأمراء قادة دول مجلس التعاون للحصول على الالتزام المطلوب لمكافحة هذا الداء، كما قدم مدير عام المكتب التنفيذي ورقة عمل لتحديث وتطوير الخطة الخليجية لمكافحة داء السكري وتضمنت تقويم ما تم إنجازه من الخطة الخليجية، ومحدداتها، ووسائل تحقيق الأهداف الإستراتيجية للخطة الخليجية، والخطوات التطويرية المقترحة، وضمانات النجاح والاستمرارية، وصدر بهذا الخصوص الاعلان المشترك لمكافحة داء السكري والذي تم تعميمه على جميع الهيئات والمنظمات والمعاهد العلمية المحلية والإقليمية والعالمية ذات العلاقة... مما كان له عظيم الأثر حيث ورد خطاب رئيس مكتب أمين عام جامعة الدول العربية 4188/5 في 19/6/2007م، وعبر عن تقدير وتثمين معالي الأمين العام لهذه الإستراتيجية الهامة، واقترح إلى اعتبار هذا الإعلان ضمن الوثائق الرسمية وتم تسجيلها تحت رقم ق/19 (07/03) ح ل أ (400)، وتم إدراج نسخة منه على موقع الجامعة العربية وتعميمها على الدول العربية، وخلال المؤتمر (63) جنيف 16/5/2007م صدر القرار رقم (1) حيث تم التوقيع على الإعلان المشترك لوزراء الصحة بدول مجلس التعاون حول الداء السكري واعتماده كالتزام لتحسين الصحة العمومية والتصدي لمشكلة الداء السكري، واعتماد الخطة الخليجية التنفيذية المتكاملة والمحدثة (2008/2018).، ، كما صدر القرار رقم (17) للمؤتمر الثامن والستين لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون: المنعقد في أبوظبي (18/2/1431ه الموافق 2/2/2010م)، والذي أكد على العمل على إعادة صياغة الاستراتيجيات للخطة الخليجية أعلاه على أن يتم وضع الخطط التنفيذية اللازمة للأولويات التالية كمرحلة أولى من الخطة الخليجية، والبحوث الصحية المشتركة، وتدريب وتأهيل أعضاء الفريق الصحي، والتوعية الصحية وتعزيز التوجه الصحي للحياة، وصدر القرار رقم ( 3) للمؤتمر التاسع والستين لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون والذي عقد في جنيف يوم 4/6/1431ه الموافق 18/5/2010م حيث أكد على الإشادة بالتقدم المحرز في تطبيق الخطة التشغيلية المرحلية الأولى(2008/2009) المنبثقة من الخطة الخليجية التنفيذية المتكاملة والمحدثة (2008/2018) في معظم دول المجلس وإن كانت بدرجات متفاوتة وخاصة في مجالات الوقاية الأولية والثانوية وتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة لمرضى داء السكري، واعتماد الخطة التشغيلية المرحلية الثانية (2010/2012) لمكافحة داء السكري والعمل بموجبها لضمان استمرارية التطبيق الأمثل للخطة الخليجية المتكاملة لمكافحة داء السكري (2008/2018)..وطبقاً للأولويات المحددة بها وإمكانيات وقدرات كل دولة من دول المجلس، واعتماد « تقرير التقويم الشامل « عما تم انجازه من الخطة التشغيلية المرحلية الأولى لمكافحة داء السكري (2008/2009)، واعتماد العمل «بإعلان جدة لرعاية مرضى داء السكري» والذي يتواكب في مضمونه ومحتواه مع أهداف واستراتيجيات الخطة الخليجية التنفيذية لمكافحة داء السكري (2008/2018) .
كما جاءت نتائج الاجتماع السبعين لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون المنعقد في الدوحة بدولة قطر يوم 30/2/1432ه الموافق 3/2/2011م، وصدر عنه القرار رقم (3) والذي كان من أهمه اعتماد العمل «بإعلان دبي» حول داء السكري والأمراض المزمنة غير المعدية (2010) والذي يتواكب في مضمونه ومحتواه مع أهداف واستراتيجيات الخطة الخليجية التنفيذية لمكافحة داء السكري (2008/2018) مع ضرورة تحديث آليات الخطة بما يتوافق فيما يخص جزئية «الرعاية المناسبة للنساء والحوامل والأطفال وتمكين المرضى وتعزيز الحوار مع مقدمي الرعاية بشكل تكاملي مع كافة أطر النظم الصحية، وحث دول المجلس على تكثيف الجهود الفنية والعلمية والإعلامية والدبلوماسية للعمل نحو تواجد خليجي موحد وداعم لمكافحة الأمراض غير المعدية والوقاية منها كإطار للتنمية والاستثمار المجتمعي في اجتماع قمة الأمم المتحدة رفيعة المستوى في نيويورك في سبتمبر 2011م وتأييد إصدار هذا القرار الأممي عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية في هذا الصدد.
"تطورات الوضع في عام 2012م"
وجاءت موافقة قادة دول مجلس التعاون أعضاء المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على الخطة الخليجية لمكافحة الأمراض غير المعدية والتي يمثل داء السكري ركناً أساسياً فيها في الدورة (32) المنعقدة في الرياض 24-25 محرم 1433ه الموافق 19-20 ديسمبر 2011م، حيث تبني وثيقة المنامة لمكافحة الأمراض غير المعدية (الخطة الخليجية لمكافحة الأمراض غير المعدية 2011/2020) المعتمدة من قبل المؤتمر السبعين لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون المنعقد بالدوحة بدولة قطر في 20 صفر 1432ه الموافق 3 فبراير 2011م.
وهو ما يمثل قمة الالتزام السياسي من لدن قادة وزعماء دول المجلس للتصدي ومواجهة هذا المرض وحث جميع القطاعات ذات العلاقة للتكامل فيما بينها للحد من آثاره الإنسانية والمجتمعية والاقتصادية.وكذلك صدور القرار رقم (4) للمؤتمر الثالث والسبعين لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون والذي عقد في جنيف يوم 2/7/1433ه الموافق 23/5/2012م، حيث اطلع على دراسة الهيئة التنفيذية في اجتماعها السادس والسبعين بالتوصية رقم (1-أ) وبعد دراسة الموضوع من مختلف أبعاده أصدر القرار رقم (4) بشأن اللجان الفنية المنبثقة عن المكتب التنفيذي وعليه فلقد أصبحت اللجنة الخليجية لمكافحة داء السكري لجنة منبثقة عن اللجنة الرئيسية وهي « مكافحة الأمراض غير المعدية»، وذلك لتوحيد وتكامل الجهود الخليجية في خطط الوقاية والمكافحة من هذه المجموعة النوعية من الأمراض ولمنع الازدواجية في المهام والمسئوليات.
وفي الختام فإنه من الأهمية بمكان توحيد كافة الأنشطة والبرامج ذات العلاقة بمجالات مكافحة الداء السكري في إطار خليجي وطني موحد لتعزيز الصحة استرشاداً بالتجارب العالمية والوطنية الناجحة، وضمن إطار اللجنة الخليجية لمكافحة الأمراض غير المعدية.
الرياض - الصحة والحياة talalzari.com