مرض السرطان لا يميز بين الغني والفقير
12-05-2012 05:09 صباحاً
0
0
986
يكاد يكون علاج السرطان في الدول النامية بدائيا وينظر الى الاصابة بالمرض بأنه حكم بالاعدام، كما انه لا يحتل أولوية لدى الجهات المانحة للمساعدات، لذا ساد اعتقاد خاطئ بانه مرض الاغنياء، غير ان هذا المفهوم بدأ يتغير الآن.
بي بي سي التقت جاكسون اوريم الذي يعمل على احداث هذا تغيير في هذه النظرة وذلك من خلال ترأسه لـ "معهد اوغندا لمكافحة السرطان"، وهو المركز الوحيد المخصص لعلاج مرضى السرطان في بلاد يصل عدد سكانها 33 مليون نسمة.
ويحرص اوريم رغم انشغاله الدائم على مباشرة المرضى بنفسه، ومنهم موسا سيتيمبا الذي يعاني من سرطان المعدة المهلك.
ويعالج اوريم سيتيمبا مجاناً.
ويبتسم اوريم ويقول لمريضه "انت تحصل على افضل علاج لهذا المرض".
واضاف اوريم "من بين الاشياء التي رصدتها بوضوح شديد ان معظم مرضى السرطان هم اناس عاديين، وهذا يدهشني لانه عندما كنت ادرس في كلية الطب وكنت اقرأ الكتب كان يعتقد الناس ان السرطان مشكلة تواجه الدول الغنية".
وقال "باشرت علاج هؤلاء المرضى وهم فقراء وتأكدت من خطأ الصورة التي ينظر بها الناس الى هذا المرض".
"لا جدوى"
يسجل معدل نجاة المرضى الذي يعالجون لدى "معهد اوغندا لمكافحة السرطان" تراجعا كبيرا، فالمعهد يعالج نحو 22 الف مريض في السنة يموت منهم 20 ألف مريض.
ويقول اوريم ان اغلب الاوغنديين ليس لديهم فهم حقيقي لمرض السرطان في الوقت الذي يمكن تشخيص مجموعة من الامراض وعلاجها. ولا توجد في اللغات القبلية كلمة ترادفه، مضيفا "ليس لديهم تشخيص مبكر، ولا يعرفون حقا انهم مصابون بالسرطان".
ويؤكد اوريم ان معظمهم "لا يرون جدوى من طلب العلاج، فبمجرد تشخيص الاصابة بالسرطان، سرعان ما يعتقدون انها عقوبة بالاعدام".
درس اوريم طب الاورام في الولايات المتحدة وعاد الى اوغندا ليتولى رئاسة "معهد اوغندا لمكافحة السرطان" التابع للحكومة عام 2004، وعلى مدار سنوات اصبح خبير طب الاورام الوحيد في البلاد.
ولا يشكو اوريم من مشقة العمل، بل من اشياء اخرى تدفعه الى الضيق، منها المقولة التي يتدوالها اشخاص من دول متقدمة يصفون السرطان بانه مرض لا يصيب الفقراء.
وقال "يعتقد الناس ان الملاريا مرض فتاك... غير ان مرض السرطان هو ايضا كذلك.... الحقيقة هي ان السرطان مرض يصيب الافريقي كحال اصابته اي شخص في العالم".
تمويل
ويؤدي سوء الفهم الى التأثير عنههنةولى التمويل، "فحال طلب الحصول على تمويل من اجل مكافحة مرض السرطان، لا يمنحه احد لك، لكن حال طلب تمويل لمكافحة امراض اخرى تجدهم (الجهات المانحة) يقولون انك على صواب في وضع هذه الاولوية وسنعطيك ما تطلبه من اموال".
وهناك ايضا اعتقاد بأن علاج مرض السرطان باهظ التكلفة، وانه يحتاج الى تكنولوجيا فائقة غير متوفرة في الدول الفقيرة. ويقول اوريم هذا الاعتقاد ليس حقيقيا بالضرورة، فالجراحة والعلاج الكيمائي على سبيل المثال لا تحتاج الى ملايين الدولارات.
ويؤدي ذلك الى ان تصبح الاموال المتاحة لعلاج مرض السرطان في الدول النامية بمثابة جزء ضئيل من مجموع الانفاق على مكافحة المرضي المصابين بفيروس (اتش اي في) المسبب لمرض الايدز وكذلك مرضى السل والملاريا.
وقال احد المحررين في دورية (ذا لانست) الطبية ريتشارد هورتون "اعتقد ان الجهات المانحة عديمة الفاعلية، انها مثال صارخ للاهمال".
افتحام المجال
حثت الامم المتحدة العام الماضي على بذل مزيد من الجهود للكشف المبكر عن مرض السرطان وعلاجه في الدول النامية. ونظم الرئيس الامريكي السابق جورج بوش وقرينته لورا أخيراً جولة افريقية للتوعية بشأن مرض سرطان الثدي وسرطان الرحم".
وفي الوقت عينه، تشجع اوريم بما تحقق من تغيير في اوغندا، حيث شرعت الحكومة في انشاء مستشفى جديد يتسع لمئتي سرير لعلاج مرضى السرطان.
وقال اوريم "الناس اضحوا اكثر وعيا تجاه رسائلنا مقارنة بالسابق، الوضع اشبه باننا بدأنا نقتحم المجال".
في هايتي، افقر بلدان نصف الكرة الغربي، توصلت مؤسسة غير حكومة الى طرق مختلفة للتوعية حول مرض السرطان وعلاجه من خلال العلاج التقليدي (غير المتخصص).
وتركز عيادة "زانمي لاسانت"، بالتعاون مع مؤسسة (شركاء في الصحة Partners in Health)، على مكافحة سرطان الثدي والرحم اكثر انواع السرطان شيوعا بين النساء في هايتي في عيادة في بلدة صغيرة تدعى كانغ، حيث تتيح عددا من غرف العلاج والعلاج الكيمائي وغرفة عمليات.
وتقول روث داموسي ان المشكلة الكبرى تكمن في سرطان الثدي، كما هو الوضع في اوغندا، حيث تتأخر النساء في استشارة الطبيب ويتحركن بعد وقت طويل من ظهور اورام.
واضافت داموسي ان نحو نصف النساء يمتن جراء اصابتهن بالسرطان.
جدير بالذكر انه خلال احياء "يوم المرأة العالمي" مطلع العام الجاري ذهبت داموسي الى احد التجمعات وسألت الحاضرين سؤالا "اي انواع السرطان هي الاكثر تأثيرا على المرأة؟"، الا ان سؤالها لم يستطع احد الاجابة عليه.
فقالت "سنتحدث عن مرض سرطان الثدي".
وعرضت داموسي صورا لمرضى سرطان الثدي مع ظهور اورام على صدورهن. وأخبرت النساء بكيفية اجراء الفحص الطبي حال الشك في الاصابة بورم وشرحت كيف يمكن ان يحدث العلاج فرقا.
تحديات
ويعد العلاج ايضا بمثابة تحد، فلا يوجد في العيادة متخصص في طب الاورام، لذا فان فريق العمل يجري اتصالات هاتفية اسبوعية بمعهد "دانا فاربر" لمكافحة السرطان في بوسطن. وقبل الاتصال يرسلون الى لاري شولمان، مدير المعهد، تاريخا طبيا للمريضات ونتائج تحليل المختبرات واشعة اكس المتوفرة لديهن.
ويستعرض شولمان السجلات ثم يرد على الاتصال الهاتفي الذي يتجمع حوله طبيب العلاج التقليدي وممرضة طب الاورام واخرون للاستماع الى المشورة.
وتعترف سارا ستولاكس رئيس برنامج مكافحة السرطان لدى مؤسسة (شركاء في الصحة) ان فريقها يواجه تحديات جسام.
وقالت اعتقد ان البعض "يقولون انه لا ينبغي لنا (التصدي للسرطان)، والحقيقة هي ان الناس تعاني وتموت".
واضافت لا يمكننا "انقاذهم جميعا، لا يمكننا انقاذ نفس الفئة من المرضى مقارنة بنفس فئة التشخيص التي نرصدها في الولايات المتحدة... غير ان هناك العديد من المعاناة التي بامكاننا تفاديها، وهناك العديد من امراض السرطان التي يمكننا علاجها".
BBC - الصحة والحياة talalzari.com