• ×

تعلم.. النوم الهادئ

تعلم.. النوم الهادئ
0
0
1742
 
هل غالبا ما تستيقظ في الليل ولا يمكنك العودة إلى النوم مرة أخرى، ثم ينتهي بك الحال إلى عدم القدرة على النوم لأنك تشعر بالقلق؟ هل تشعر بالإرهاق في اليوم التالي؟ بل والأسوأ من ذلك، هل تنتابك رهبة من فكرة الذهاب إلى سريرك خوفا من أن تعاني الأمرين في سبيل الحصول على نوم جيد ليلا؟
أشارت الأكاديمية الأميركية لطب النوم إلى أن 30 في المائة من البالغين يؤكدون أنهم يعانون من الأرق، أي عدم القدرة على النوم أو الاستغراق في النوم. ومع أن النساء يعانين من الأرق أكثر من الرجال، إلا أن عدم القدرة على النوم يعد أمرا غير صحي يصيب كلا الجنسين بالاضطراب والاختلال. وإذا استمرت لديك حالة الأرق لعدة أسابيع أو أكثر، فهذا يعني أنك ربما تعاني من الأرق المزمن.
يعتبر النوم غير الصحي بالنسبة لبعض الناس عادة مكتسبة، ولكنها قد لا تكون مكتسبة. وتظهر الأبحاث أن العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive behavioral therapy) يمكن أن يعالج كثيرا من الحالات التي تعاني من الأرق المزمن، وغالبا ما يكون أكثر فعالية من الحبوب المنومة.
* النوم والشيخوخة
* من غير الصحيح أنه فقط كلما تقدم سن الإنسان، احتاج لساعات نوم أقل؛ إذ إن هناك أسبابا أخرى قد لا تمكنك من النوم سوى لفترات قليلة. يقول الدكتور جون وينكيلمان، اختصاصي النوم في مستشفى بريغهام والنسائية الأستاذ المشارك بقسم الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد: «قد تصبح قدرتنا على العودة إلى النوم ضعيفة، خاصة في الثلث الأخير من الليل، كلما تقدمنا في السن».
يقضي كبار السن ساعات قليلة في نوم عميق وهادئ، ويرجع ذلك جزئيا إلى التغيرات الدماغية. وهناك عوامل أخرى تمنع الإنسان من النوم منها تضخم البروستاتا الحميد، الذي يمكن أن يجعلك تستيقظ في كثير من الأحيان للتبول. ويعتبر ضعف التنفس ليلا، أو انسداد مجرى التنفس أثناء النوم، العرض الأكثر شيوعا لدى الرجال. كما أن الرجال ليسوا بعيدين أيضا عن الأوجاع والآلام الناجمة عن الأمراض الشائعة مثل التهاب المفاصل وآلام الظهر. إن الاستيقاظ أثناء الليل يؤدي إلى النوم على فترات متقطعة وهو ما يسبب الشعور بالتعب والنعاس أثناء النهار، إضافة إلى النسيان والقلق وحتى الاكتئاب.
* أولى الخطوات
* يبدأ استكشاف جميع الأسباب المحتملة للأرق عند أخذ الطبيب بيانات حول سجلك الطبي. وتكمن الفكرة هنا في استبعاد أسباب الأرق المزمن التي يمكن علاجها. ويقول الدكتور وينكيلمان: «أنت تحتاج للتأكد من عدم وجود مشكلة طبية أو نفسية لديك».
وهناك خطوة ذاتية يوصي بها الجميع وهي التأكد من أن عادات النوم السيئة وأنماط الحياة الأخرى لا تمثل عائقا جوهريا أمام النوم. كما أنه يمكن بسهولة معالجة عادات مثل شرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو تناول الوجبات الكاملة في وقت متأخر جدا من اليوم التي تعد عوامل تحرمك من النوم.
ولكن ماذا لو قمت بالتخلص من العادات التي تؤرق نومك، وظل الأرق يقض مضجعك؟ هنا يمكن أن تشمل الخطوات التالية تناول أدوية للنوم أو العلاج السلوكي المعرفي.
* الحبوب المنومة
* يستخدم العديد من الأميركيين أدوية تساعد على النوم، بما في ذلك مجموعة متنوعة من الأدوية المنومة التي تباع دون وصفة طبية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من نصف الأميركيين في سن الستين فأكبر، استخدموا أدوية تساعد على النوم تباع دون وصفات طبية خلال العام السابق. كما أن واحدا من بين كل عشرة أشخاص يستخدم هذه الأدوية يوميا. ويمكن أن تساعدك هذه الأدوية على النوم، لكنها لن تبقيك بالضرورة نائما لفترة طويلة. ويقول الدكتور وينكيلمان: «بالنسبة لمشكلات النوم الخطيرة، فلا يمكن أن تعالجها تلك الأدوية بشكل كاف».
تحتوي تلك المنتجات التي تباع من دون وصفة طبية عادة على مضادات الهيستامين؛ وهو دواء يستخدم في علاج نزلات البرد يخفف من أعراض الزكام. كما أن تناول جرعات زائدة من هذا الدواء، في كثير من الأحيان، يمكن أن يكون ضارا للغاية. إذا أردت أن تقي نفسك الشعور بالنعاس خلال فترة النهار، حاول تناولها وفقا للتعليمات الموضحة وبأقل جرعة ممكنة.
ومع أن الملايين يذهبون إلى الطبيب حال شعورهم بالأرق، فقد ينتهي بهم المطاف إلى تناول وصفة دوائية. وهناك أدوية تسمى «المنومات» (hyponotics) تساعدك على أن تغط في النوم. وتتمثل الأدوية الأوسع انتشارا التي يصفها الأطباء في الأغلب في أدوية «زولبيديم zolpidem (Ambien، Ambien CR، Edluar، Zolpimist)، جنبا إلى جنب مع دواء eszopiclone ((Lunesta، ودواء Zaleplon (Sonata).
تؤدي الحبوب المنومة دورها بالفعل، وتساعد كثيرين ممن يعانون من الأرق المستمر. ولكن ينبغي أن يتم تناولها بأقل جرعة لمنع الشعور بالنعاس الذي يمكن أن يسبب بعض الحوادث أو الإغماء خلال اليوم التالي. ويقول الدكتور وينكيلمان: «من الأفضل التقليل منها بدلا من الإكثار من تناولها».
يتوخى الأطباء الحذر تجاه إعطاء أي وصفات طبية لأدوية مساعدة على النوم لأشخاص يتخطى عمرهم 65 عاما بسبب احتمالات وقوع حالات إغماء بينهم. وعلى الرغم من أن هذا الموضوع مثير للجدل، فإنه يبقى من غير الواضح معدل تكرار إلقاء اللوم على هذه الأدوية في حدوث هذه الإغماءات. وينبغي أن تكون الجرعة الأولى لكبار السن منخفضة. كما يخشى بعض أطباء أمراض الشيخوخة من إعطاء أي وصفات طبية لأدوية منومة لكبار السن.
* العلاج السلوكي المعرفي
* يهدف العلاج السلوكي المعرفي إلى تعلم النوم بشكل أفضل.
يمكن أن يكون الأرق المستمر مدمرا لصحتك وأسلوب حياتك، وقد ساعد أسلوب العلاج السلوكي المعرفي كثيرين على أخذ إغفاءة قصيرة. وتشير الأبحاث إلى أن العديد من المصابين بالأرق أكدوا أن العلاج السلوكي المعرفي يؤدي مهمته بشكل أفضل من الحبوب المنومة على المدى الطويل.
إن أكثر الحالات التي يمكن أن يعالجها العلاج السلوكي المعرفي هو نمط الأفكار والمشاعر السلبية تجاه النوم. هذه المشاعر السلبية تؤدي إلى حلقة مفرغة من القلق؛ يؤدي فيها القلق من احتمال الإصابة بالأرق إلى تفاقم حالة الأرق واستمرارها. ويقول الدكتور وينكيلمان: «يعد العلاج السلوكي المعرفي فعالا للغاية للأشخاص الذين يشعرون بالقلق تجاه الإصابة بالأرق.. أنا أسميها (رُهاب الأرق)».
يشعر أولئك الذي يخافون من الأرق بالرهبة من الذهاب إلى الفراش للنوم. إنهم قد يشعرون باليأس من القدرة على النوم بشكل طبيعي مرة أخرى. وهم يبدأون في إلقاء اللوم على المشاعر السلبية التي مروا بها على مدار اليوم التي تسببت في عدم قدرتهم على النوم. قد تكون لديهم توقعات غير واقعية حول كيفية تمكنهم من النوم بسرعة والمدة التي ينبغي أن يبقوا فيها نائمين. وهنا يتوقعون أن يصابوا بالأرق، وبالتالي يحدث لهم بالفعل في النهاية.
أولى الخطوات في العلاج المعرفي السلوكي للأرق هي الالتزام بعدة ضوابط للوصول إلى النوم. يتطلب منك ذلك تحديد فترة النوم عن طريق تعيين وقت محدد للذهاب إلى السرير ووقت محدد للاستيقاظ. ينبغي في البداية أن تكون فترة النوم قصيرة، مما يزيد تدريجيا من إحساسك بالإرهاق أثناء الليل ويعمل على إثارة باعث النوم الداخلي لديك. ويقول الدكتور وينكيلمان إن «هذه الضوابط تدرب الجسم على أن يكون جاهزا للنوم عندما يأوي إلى الفراش».
وتجري زيادة فترة النوم بالتدريج للوصول إلى نمط نوم عادي وهادئ. تساعد الجلسات مع الاختصاصي المعالج على ترسيخ توجهات أكثر دقة وإيجابية تجاه النوم.
وتتمثل إحدى العقبات أمام العلاج السلوكي المعرفي في أنه يتطلب منك إكمال البرنامج الاستشاري الذي يتطلب التزاما. يعد العمل مع أخصائي العلاج المعرفي السلوكي خطوة بخطوة هي الطريقة المثلى، على الرغم من أن برامج العلاج الإلكترونية أظهرت نتائج مشجعة.
حتى لو لم تكن تعاني من «رهاب الأرق»، فإن العلاج السلوكي المعرفي يؤكد أن النوم هو في الأساس مسألة عقلية وجسدية. كذلك، فإن اكتشاف ومعالجة الأمراض الجسدية والمشكلات المتعلقة بالسلوكيات والمواقف السلبية هي عوامل رئيسة للوصول إلى نوم أفضل.
ويوجد اختصاصي للعلاج السلوكي المعرفي لدى معظم مراكز النوم المعتمدة، أو يمكنك العثور على أحد الاختصاصيين محليا.
* نصائح للحصول على نوم أفضل يقدم الدكتور وينكيلمان النصائح التالية للحصول على نوم أفضل، يمكنها أن تحسن «عادات النوم»، ونوعية ومدة النوم التي تحصل عليها.
* الحفاظ على أوقات نوم ملائمة وثابتة وأوقات محددة للاستيقاظ يوميا حتى بعد المرور بليلة «مزعجة».
* البقاء نائما في الفراش لفترة مساوية لعدد ساعات النوم التي تحصل عليها كل ليلة، فالعديد من المصابين بالأرق يقضون وقتا طويلا جدا في الفراش في محاولة للحصول على بضع دقائق إضافية من النوم.
* إذا واجهت صعوبة في الدخول في النوم في غضون عشرين دقيقة، فانهض من الفراش وحاول القيام بشيء يشعرك بالاسترخاء وتشتيت الانتباه، مثل القراءة. لا تقم بأي أعمال منزلية أو أي عمل ينبه حواسك قبيل ساعتين من وقت النوم.
* تجنب الغفوات خلال فترة النهار، فبالنسبة لمعظم الناس، تتعارض القيلولة مع النوم أثناء الليل.
* لا تشرب الكحوليات في غضون خمس ساعات قبل وقت النوم. فالمشروبات الكحولية لا تساعد على النوم، بل تسبب الأرق ليلا.
* تجنب الكافيين (القهوة والشاي ومشروبات الكولا والشوكولاته) بعد فترة الظهر، فإنها يمكن أن تسبب النوم السطحي أو الاستيقاظ.
* لا تذهب إلى الفراش إذا كانت معدتك خاوية تماما أو ممتلئة عن آخرها. ربما يساعدك تناول وجبة خفيفة على النوم.
* ينبغي أن تكون غرف النوم هادئة وآمنة وتشعرك بالاسترخاء. ويجب إبعاد الساعات عن الفراش، حتى لا تحاول «العد التنازلي» للدقائق إلى أن يبزغ نور الصباح.
* تساعد التمارين اليومية على التخلص من الأرق، على الرغم من أن آثارها قد لا تكون فورية.
* حدد وقتا يمكنك أن تطلق عليه «وقت القلق» في وقت مبكر من اليوم للنظر في حل المشكلات اليومية قبل الذهاب إلى الفراش.

هارفارد، الشرق الأوسط - الصحة والحياة talalzari.com